الغرب يعاقب روسيا وأسعار النفط تعاقب الغرب

لندن – في الوقت الذي يسعى فيه الغرب للضغط على روسيا وتنويع العقوبات الموجهة ضدها، ترتفع أسعار النفط والغاز بشكل تبدو فيه وكأنها تعاقب الغرب خاصة أن تحالف أوبك+ اختار التضامن مع روسيا وحافظ على الاتفاق الذي يضبط زيادة الإنتاج المقررة سلفا.
ويأتي التمسك بالحفاظ على التدرج في زيادة إنتاج الخام مع وصول سعر البرميل إلى 110 دولارات هذا الأسبوع، وهو أعلى مستوى في ما يقارب الثماني سنوات.
وقال مراقبون إن روسيا نجحت بفعل تحالفها المتين مع السعودية والإمارات في أن تحبط محاولة غربية في ضرب اتفاق أوبك+، لافتين إلى أن هذا النجاح لديه عمق سياسي بعد أن حققت اتصالات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع قادة خليجيين ما فشلت فيه الدبلوماسية الأميركية والأوروبية التي سمعت ردودا خليجية واضحة تؤكد النأي باتفاق أوبك+ عن الصراعات السياسية.
وكان هذا التعافي نتيجة تضييق عقوبات غربية الخناق أكثر على موسكو وهو ما أدى إلى اضطراب الإمدادات من روسيا ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة.
وفشلت الحلول الجزئية التي لجأت إليها دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا في ضخ كميات إضافية من مخزونها في أن تؤثر على حركة الأسعار، وعلى العكس فإن مسار الأسعار في تصاعد.
روسيا نجحت بفعل تحالفها المتين مع السعودية والإمارات بأوبك+ أن تحبط مساعي غربية لضرب اتفاق توزيع الحصص
وعمدت أوبك+ إلى زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل كل شهر منذ أغسطس الماضي في إطار الرجوع عن تخفيضات الإنتاج التي قررها الأعضاء بسبب انخفاض الطلب على النفط بفعل جائحة كوفيد – 19.
وقاوم التكتل النفطي الذي يضم 23 بلدا مطالب متكررة من الولايات المتحدة، التي أعلنت الثلاثاء الماضي أنها ستضخ قرابة 30 مليون برميل في السوق، ودول مستهلكة أخرى بضخ المزيد من الإمدادات.
ولم يكن لإعلان الوكالة الدولية للطاقة قبل يوم من اجتماع أوبك+ والقاضي بالإفراج عن 60 مليون برميل من احتياطي الطوارئ حفاظا على استقرار السوق عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، تأثير المهدئ الذي كان متوقعا.
ووصفت الوكالة القرار بأنه “رسالة موحدة وقوية لأسواق النفط العالمية مفادها أنه لن يكون هناك نقص في المعروض نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا”. لكن المستثمرين اعتبروه خجولا جدا، فيما تشتد حدّة الهجوم على الأرض.
وقال بيارن شيلدروب المحلل في سيب إن “الحرب في أوكرانيا تتفاقم والأعمال العدائية تتصاعد بين الغرب وروسيا”، ما يؤدي إلى “خطر كبير” باضطراب إمدادات النفط الخام والغاز الطبيعي.
ونظريا، كان يمكن أن تساعد أوبك+ في إبطاء ارتفاع الأسعار من خلال تسريع وتيرة زيادة الإنتاج، لكنها اختارت عكس ذلك كما توقعت إيبيك أوزكارديسكايا المحللة لدى بنك سويس كوت.
وتقول لويز ديكسون المحللة في ريستاد إنيرجي إنه حتى لو رفعت الإنتاج أكثر، سيكون ذلك مجرد “وعد على الورق” لأن أوبك+ غير قادرة على التزام حصصها الإنتاجية وهو ما يساهم في نقص في العرض ويعزز ارتفاع الأسعار.

ووفقا لمصادر غير مباشرة ورد ذكرها في أحدث تقرير شهري للتحالف، فإنه بين ديسمبر ويناير الماضيين زادت أوبك+ الإنتاج بمقدار 64 ألف برميل يوميا وهي نتيجة بعيدة جدا عن الزيادة المتفق عليها والبالغة 400 ألف برميل.
وبالتوازي، فقد قادت المخاوف من إرباك حركة تزويد أوروبا بالغاز الروسي إلى ارتفاع السعر المرجعي الأوروبي للغاز الطبيعي الهولندي “تي تي إف” الأربعاء إلى 194.715 يورو للميغاوات ساعي، وهو مستوى قياسي.
ووصل سعر الغاز البريطاني تسليم الشهر المقبل إلى 463.83 بنسا لكل وحدة حرارية، وهو مستوى قريب جدا من أعلى مستوياته على الإطلاق التي سجّلها في ديسمبر الماضي عند 470.83 بنسا.
ويتوقع المراقبون أن ترتفع الأسعار بشكل متصاعد مع استمرار الولايات المتحدة في إطلاق تهديداتها بفرض المزيد من العقوبات على روسيا.
وقال البيت الأبيض الأربعاء إن واشنطن “منفتحة للغاية” على فرض عقوبات على قطاع النفط والغاز الروسي.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في مقابلات تلفزيونية إن واشنطن تدرس استهداف قطاع الطاقة الضخم في موسكو بعقوبات بسبب الغزو الروسي، لكن التأثير على أسواق النفط العالمية وأسعار الطاقة الأميركية عامل رئيسي في هذا الإطار.
ولدى سؤالها عما إذا كانت واشنطن وحلفاؤها الغربيون سيفرضون عقوبات على قطاع الطاقة والغاز الروسي، قالت ساكي في مقابلة مع محطة (إم. إس. إن. بي. سي) “نحن نبحث الأمر. هو مطروح بشدة على الطاولة لكننا نحتاج إلى تقييم كل الآثار التي قد تنتج عنه”.