الغرب لا يزال متوجسا من أزمة السودان رغم تطمينات البرهان

قائد الجيش السوداني يتهم بعثات دبلوماسية بإثارة الفتنة والتحريض على المؤسسة العسكرية في بلاده محذرا من اتخاذ إجراءات في مواجهتها.
الخميس 2021/12/09
المخاوف من حسابات الجيش لم تتبدد

الخرطوم - تواصل القوى الغربية ممارسة الضغوط على قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان للمضي قدما في تكريس الحكم المدني وتأمين مرحلة الانتقال الديمقراطي، ما يعكس توجس هذه القوى من حسابات الجيش للبقاء في السلطة رغم تطمينات البرهان المتكررة بأنه لن يترشح للانتخابات القادمة.

ورغم مباركة القوى الغربية الفاعلة في السودان للاتفاق السياسي بين البرهان ورئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، والذي جنب الخرطوم الانزلاق في دوامة عنف، لا يزال الاتفاق يلاقي عراقيل أمام تطبيقه على أرض الواقع وتشكيل حكومة قادرة على الذهاب بالبلاد إلى بر الأمان.

وتواصل القوى الدولية مثل الولايات المتحدة ممارسة الضغوط على المؤسسة العسكرية السودانية وقرنت الإفراج عن المساعدات الممنوحة للسودان التي جمدتها بعد انقلاب البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي باتخاذ المزيد من الإجراءات.

وفشلت جهود البرهان في مساومة واشنطن والقوى الغربية على استئثاره بقيادة البلاد بعد الانقلاب على الحكومة المدنية برئاسة حمدوك، ما اضطره إلى التراجع في نهاية المطاف وتقديم تنازلات تلبي شقا من مطالب المدنيين وتقبل بها القوى الدولية الفاعلة.

واتهم البرهان الأربعاء بعثات دبلوماسية بإثارة “الفتنة والتحريض” على جيش بلاده، محذرا من اتخاذ إجراءات في مواجهتها.

عبدالفتاح البرهان: العمليّة لا يمكن لها أن تبدأ بدون موافقة واشنطن

وقال “نرى البعثات الدبلوماسية تتجول بكل حرية في الخرطوم (…) بعض البعثات الدبلوماسية (لم يسمّها) تعمل على الفتن ضد الجيش، ونحن لا نتركهم ونحذرهم وسنتخذ إجراءات (لم يوضحها)”.

وأضاف البرهان أن “القوات المسلحة ملتزمة بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك، حتى الوصول إلى حكومة منتخبة”.

وأردف “وقعنا اتفاقا مع حمدوك، ونحن ملتزمون به حتى نصل إلى حكومة منتخبة، ونعمل معه من أجل مهام حياة الناس، والعمل على استدامة السلام وتحضير البلاد للانتخابات”.

ووقع البرهان وحمدوك في الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي اتفاقا سياسيا من أربعة عشر بندا، أبرزها عودة الأخير إلى رئاسة الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات (بلا انتماءات حزبية) وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفان بالعمل معًا لاستكمال المسار الديمقراطي.

وجاء الاتفاق على خلفية أزمة حادة يشهدها السودان منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي ، بعد أن أعلن البرهان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، ما أثار رفضا من قوى سياسية واحتجاجات شعبية مستمرة تعتبر ما حدث “انقلابا عسكريا”.

وأعرب البرهان عن أسفه لسقوط قتلى خلال الاحتجاجات الأخيرة (على قراراته) في السودان، وفي إقليم دارفور غربي البلاد (إثر صراعات قبلية)، مبديا حرصه على “تحقيق العدالة لذويهم”.

وتمتلك الولايات المتحدة كل أنواع العقوبات الجماعية التي تستطيع بها معاقبة القوى المختلفة في السودان إذا انحرفت عن المسار السياسي، غير أن أعضاء في الكونغرس اكتشفوا أخيرا أن هذا السلاح ليس فعالا لأنه يضر بجموع المواطنين، ووجدوا ضرورة في منح أولوية للعقوبات الفردية واستهداف أشخاص بعينهم.

وبدأ الكونغرس الأميركي مؤخرا مناقشة ملف العقوبات المطروحة على ما يسمى بـ”مزعزعي الاستقرار” في السودان، حيث وجد عدد كبير من الأعضاء أن الاتفاق السياسي الموقع بين البرهان وحمدوك غير كاف لضمان التحول الديمقراطي، ما دفعهم إلى التفكير في مشروع العقوبات الفردية.

وباشر مجلس الشيوخ مناقشة مشروع موازنة الدفاع والتعديلات الملحقة به، وأدرج في هذه المناقشة مشروع السيناتور الديمقراطي كريس كونز الذي يستهدف معرقلي الديمقراطية والسلام والمحاسبة في السودان، والذي يسهم في ردع الشخصيات التي تضع العراقيل أمام الحكم المدني في البلاد.

وقال كونز الذي أوكلت إليه واشنطن مهام رسمية متعلقة بالقرن الأفريقي من قبل “سوف أواصل مشروعي لفرض عقوبات على الأفراد الذين هددوا الديمقراطية والسلام وحقوق الإنسان في السودان”.

ويرى مراقبون أن الإدارة الأميركية تحاول حاليا أن توازن بين رغبتها الأولى التي تحققت في الضغط على البرهان والقبول بتشكيل حكومة مدنية يرأسها حمدوك والعودة إلى أوضاع ما قبل الانقلاب بشكل جزئي لإنقاذ التحول الديمقراطي.

2