الغرب بعيد عن كسر هيمنة الصين على المعادن النادرة

ترامب يسعى للتنقيب عن المعادن النادرة اللازمة لبطاريات السيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي وأنظمة الأسلحة الحديثة في تحدّ للصينيين.
السبت 2025/03/15
ترامب يتحدى بكين

لندن - تتزايد الترجيحات بأن تواصل الصين الهيمنة على تجارة المعادن النادرة، وأن يستمر الاعتماد عليها من قبل العديد من الشركات والدول رغم مساعي الغرب لكسر هذا الحاجز الذي يتنامى يوما بعد يوم.

ومع أن الأوروبيين يجدون صعوبة في خوض معركة كهذه، يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التنقيب في أوكرانيا أو غرينلاند عن المعادن النادرة اللازمة لبطاريات السيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي وأنظمة الأسلحة الحديثة في تحد للصينيين.

ووفق دراسة أجرتها وكالة المواد الخام الألمانية (ديرا) وأعلنت نتائجها هذا الأسبوع، فإن السبب الرئيسي في عدم قدرة الغرب للتغلب على الصين يرجع إلى انخفاض أسعار المعادن النادرة في السوق العالمية حاليا.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن معد الدراسة هارالد إلسنر إن “جميع الشركات التي تقوم حاليا بتعدين أو معالجة المعادن النادرة تعاني من مشكلات اقتصادية، بما في ذلك شركات في الصين.”

وأوضح إلسنر، وهو رئيس المعهد الاتحادي الألماني لعلوم الأرض والموارد الطبيعية أن هذا يجعل من الصعب التنقيب عن مخزونات جديدة في بلدان أخرى.

وأشار في الوقت نفسه إلى أنه غالبا ما تكون البنية التحتية اللازمة لاستخراج ومعالجة المواد غير متوفرة خارج الصين.

هارالد إلسنر: غالبا ما تكون البنية التحتية غير متوفرة خارج الصين
هارالد إلسنر: غالبا ما تكون البنية التحتية غير متوفرة خارج الصين

وتعمل الحكومة الصينية منذ سنوات على إعادة هيكلة هذه الصناعة في إطار ست شركات تسيطر عليها الدولة، كما قامت بتأسيس شركتين جديدتين أواخر عام 2021 من أجل تعظيم إنتاج المعادن النادرة.

وتأمل السلطات من خلال عملية الدمج إلى الاحتفاظ بهيمنتها على إنتاج هذه المعادن ذات الأهمية الإستراتيجية، والتي تسيطر على 70 في المئة من إنتاجها.

وتتحكم بكين في إنتاج معظم المواد النادرة التي تتكون من 17 عنصرا تُستخدم في أغلب الصناعات الحديثة من الهواتف الذكية إلى الطائرات المقاتلة، مما يعطيها تفوقا في هذا المجال.

وبالإضافة إلى ذلك، تعمل بقوة لفرض هيمنتها على تلك الصناعات التي تسعى لتأمين طرق للإمدادات في حال تم فرض قيود عليها.

وبحسب الدراسة، استحوذت الصين على حوالي 60 في المئة من تعدين المعادن الأرضية النادرة في العالم في عام 2023، ووصلت حصتها من المعالجة الإضافية إلى 93 في المئة.

وتظهر التقديرات أنها تسيطر على 95 في المئة من إنتاج وتوريد المعادن النادرة، وسمح هذا الاحتكار لثاني اقتصاد في العالم برفع الأسعار وإثارة الاضطرابات بين المستخدمين من خلال ضوابط التصدير.

وعلى سبيل المثال، استوردت ألمانيا ما مجموعه 5200 طن من المعادن الأرضية النادرة في العام 2023، وجاء 71 في المئة منها مباشرة من الصين.

ويسبب نفوذ الصينيين قلقا متزايدا لدى الأميركيين والأوروبيين، لكن جهود تعزيز الإمدادات البديلة من العناصر الأرضية النادرة والمعادن الحيوية الأخرى واجهت سلسلة من التحديات، بما في ذلك النكسات الفنية والتأخيرات التنظيمية والمعارضة الاجتماعية.

وبذل الأميركيون محاولات سابقة للظهور من جديد كلاعب مهيمن في سلسلة إمداد الأرض بالمواد النادرة المسؤولة عن بعض أهم المواد المستخدمة في إنتاج السيارات الكهربائية وصنع البطاريات وأنظمة الطاقة المتجددة وتصنيع التكنولوجيا.

◙ بكين تتحكم في إنتاج معظم المواد النادرة التي تتكون من 17 عنصرا تُستخدم في أغلب الصناعات الحديثة

وتحت إدارة الرئيس السابق جو بايدن، تلقى الجهد تركيزا متجددا مع استثمارات ضخمة مخططة في تكنولوجيا تغير المناخ واتخاذ موقف متشدد تجاه المنافسة الاقتصادية القوية التي تشكلها الصين.

ويتوقع إلسنر أن الطلب على المعادن النادرة، سيزداد بشكل كبير في المستقبل، مشيرا في المقابل إلى أنه “لا يزال هناك القليل من الأدلة على ذلك في السوق”، فمشاريع “التنقيب الجديدة خارج الصين سوف تواجه لذلك صعوبات من حيث الجدوى الاقتصادية.”

وينتقد الخبراء هذا الأمر بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بما يسمى بـ”المعادن النادرة الثقيلة”، والتي تستخدم ليس فقط في تصنيع السيارات، بل أيضا في صناعة الأسلحة الأميركية.

ولا تزال هذه المعادن تأتي بنسبة 100 في المئة من الصين، حيث يجرى استخراجها أو على الأقل تكريرها. ووفقا للخبراء، قد يكون هذا أحد أسباب اهتمام ترامب بغرينلاند، التي تمتلك أكبر مخزونات من المعادن النادرة الثقيلة في العالم، لكن لم يتم التنقيب عنها حتى الآن.

وتوقف مشروع المعادن النادرة المدعوم من الصين في غرينلاند بعد أن حظرت حكومة الأخيرة تعدين اليورانيوم قبل ثلاث سنوات.

ويضع إلسنر آمالا أكبر على تعدين المعادن النادرة في أستراليا، حيث أعلنت العديد من الشركات عن نيتها استخراج معادن نادرة ثقيلة من الخامات، إما مباشرة في البلاد وإما في ماليزيا أو الولايات المتحدة.

ورغم أن كميات صغيرة فقط هي المسموح لها بدخول السوق العالمية، يرى إلسنر أن “هذا من شأنه أن يقلل بشكل كبير من اعتماد العالم الغربي على الصين في الحصول على هذه المواد الخام الخاصة للغاية.”

غراف

11