الغارات الإسرائيلية تشكل ضغطا إضافيا على العهد في لبنان

بيروت - تشكل العمليات العسكرية التي تنفذها إسرائيل من حين إلى آخر في لبنان ضغطا إضافيا على السلطة اللبنانية التي تجد نفسها في سباق مع الوقت من أجل تنفيذ تعهداتها باحتكار الدولة للسلاح وفرض سيادتها، لكون ذلك المدخل الرئيسي لاستعادة ثقة المجتمع الدولي والحصول على دعمه.
وتمنح تلك العمليات ذرائع لحزب الله للتمسك بسلاحه، في مواجهة جبهة داخلية ضاغطة تطالب الحزب المدعوم من إيران بضرورة احترام التزامات لبنان الذي لم يعد يمتلك ترف الوقت للمماطلة في حسم هذا الملف.
وتعرضت الضاحية الجنوبية لبيروت لغارة جوية الأحد، بعيد إصدار الجيش الإسرائيلي إنذارا بإخلاء حي في هذه المنطقة التي تعد معقلا لحزب الله. وأظهرت لقطات تصاعد سحب كثيفة من الدخان الأسود بعد الضربة في حي الحدث عند أطراف الضاحية، وتناثر قطع من الحطام على ارتفاع شاهق.
وأفادت قنوات تلفزيونية محلية بأن المبنى المستهدف هو “هنغار” (عنبر)، وبثت لقطات تظهر اندلاع النيران في المكان وعناصر يعملون على إخمادها.
وفي أعقاب الهجوم، دعا الرئيس اللبناني جوزيف عون الولايات المتحدة وفرنسا، بصفتهما الطرفين الضامنين لاتفاق وقف النار بين إسرائيل وحزب الله، إلى “إجبار” الدولة العبرية على “التوقف فورا” عن ضرباتها.
وجاء في بيان للرئاسة أن عون “دان الاعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية”، مضيفا “على الولايات المتحدة وفرنسا، كضامنين لتفاهم وقف الأعمال العدائية، أن يتحملا مسؤولياتهما ويجبرا إسرائيل على التوقف فورا عن اعتداءاتها”.
وحذّر الرئيس اللبناني من أن “استمرار إسرائيل في تقويض الاستقرار سيفاقم التوترات ويضع المنطقة أمام مخاطر حقيقية تهدد أمنها واستقرارها”.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس لاحقا إن الموقع الذي هاجمته إسرائيل في بيروت كان مخزنا لصواريخ دقيقة التوجيه تابعا لحزب الله.
وهذه المرة الثالثة التي تتعرض فيها الضاحية الجنوبية لبيروت لضربة منذ وقف إطلاق النار الساري بين إسرائيل وحزب الله منذ نوفمبر.
وقتل أربعة أشخاص في غارة على الضاحية الجنوبية في الأول من أبريل. وأكدت إسرائيل حينها “القضاء” على القيادي في الحزب حسن بدير. كما أعلنت الدولة العبرية في الثامن والعشرين من مارس شنّ غارة على موقع قالت إن حزب الله يستخدمه لتخزين المسيّرات.
وأتت الضربة الجديدة بعدما نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة إكس بيانا مرفقا بخارطة جاء فيه “إنذار عاجل للمتواجدين في الضاحية الجنوبية في بيروت وخاصة في حي الحدث، لكل من يتواجد في المبنى المحدد… أنتم تتواجدون بالقرب من منشآت تابعة لحزب الله”.
وأضاف “أنتم مضطرون إلى إخلاء هذه المباني فورا والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 300 متر”.
وبعد نحو عام من تبادل للقصف عبر الحدود اللبنانية – الإسرائيلية بين الدولة العبرية وحزب الله، تحوّل إلى حرب مفتوحة في سبتمبر 2024، توصل الجانبان بوساطة أميركية، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في السابع والعشرين من نوفمبر الماضي.
وعلى الرغم من سريان الهدنة، فإن إسرائيل لا تزال تشن غارات على مناطق لبنانية عدة خصوصا في الجنوب والشرق.
وتؤكد الدولة العبرية أنها لن تسمح للحزب المدعوم من إيران بالعمل على ترميم قدراته بعد الحرب التي تلقى خلالها ضربات قاسية على صعيد البنية العسكرية، وقتل فيها العديد من قادته أبرزهم أمينه العام السابق حسن نصرالله.
الرئيس اللبناني يحذر من أن استمرار إسرائيل في تقويض الاستقرار سيفاقم التوترات ويضع المنطقة أمام مخاطر حقيقية تهدد أمنها واستقرارها
ونص اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب مقاتلي حزب الله من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني في جنوب لبنان، وتفكيك بناه العسكرية فيها، في مقابل تعزيز الجيش وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) لانتشارهما قرب الحدود مع إسرائيل.
ويطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف هجماتها والانسحاب من خمسة مرتفعات في جنوب البلاد أبقت قواتها فيها بعد انقضاء مهلة انسحابها بموجب الاتفاق.
ويرى العهد الجديد في لبنان أن استمرار الضربات تعوق فرص التوصل إلى اتفاق داخلي بشأن حصرية السلاح بيد الدولة، وبالتالي تنفيذ التزاماته الدولية.
وأدان رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام بدوره “مواصلة إسرائيل اعتداءاتها على لبنان وترويع الآمنين في منازلهم.”
وطالب “الدول (الولايات المتحدة وفرنسا) الراعية لاتفاق الترتيبات الأمنية الخاصة بوقف الأعمال العدائية، بالتحرك لوقف هذه الاعتداءات وتسريع الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية.”
وجدد تأكيده أن “لبنان يلتزم ببنود القرار 1701 كاملا وباتفاق الترتيبات الأمنية.”
وأضاف سلام أن “الجيش اللبناني يواصل عمله ويوسع انتشاره في الجنوب، كما في سائر الأراضي اللبنانية لبسط سلطة الدولة، وحصر السلاح بيدها وحدها.”