العويس الثقافية تمنح جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي لمؤسسة منتدى أصيلة

تعتبر جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي التي يمنحها مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية من التتويجات التقديرية المرموقة الممنوحة للشخصيات الفكرية والعلمية أو المؤسسات الثقافية أو المراكز البحثية أو الجامعات الريادية وغيرها، وقد مُنحت الجائزة في دوراتها السابقة لأهم الأدباء والمفكرين والمؤسسات الثقافية العربية، فيما اختارت هذا العام مؤسسة منتدى أصيلة المغربية لما لها من إسهامات ثقافية واجتماعية وفنية هامة.
دبي - منحت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي للدورة السابعة عشرة (2020 – 2021) لـ”مؤسسة منتدى أصيلة” لما تمثله من دور ثقافي وتنويري ساهم في الحراك الثقافي وأعطى زخماً للحوار الفعال بين الثقافات عبر مهرجانات ومواسم فكرية عززت التواصل بين الثقافات والحضارات من خلال الجمع بين نخبة من المفكرين والمبدعين والسياسيين والأكاديميين وغيرهم من رجال المعرفة حول العالم.
وأصدر مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية بياناً عن حيثيات منح جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي للدورة السابعة عشرة (2020 – 2021) لـ”مؤسسة منتدى أصيلة” يكشف فيه عن مجريات منح الجائزة للمنتدى.
عمق وثراء
جاء في بيان الجائزة أنه في ضوء المرشحين لنيل جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية للإنجاز الثقافي والعلمي في دورتها السابعة عشرة (2020 – 2021) والتي بلغ عدد المرشحين فيها 265 مرشحاً، وبعد عدة اجتماعات للمجلس اطلع من خلالها على كافة إنجازات المرشحين لنيل الجائزة، قرر مجلس الأمناء في اجتماعه المنعقد الأربعاء السادس والعشرين من يناير 2022 منح جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي الدورة السابعة عشرة (2020 – 2021) مؤسسة منتدى أصيلة.
ويأتي منح مؤسسة منتدى أصيلة الجائزة تقديراً واعترافاً بالدور الريادي لهذه المؤسسة الرائدة في نشر الثقافة وخلق بيئة تواصل حضاري من خلال المواسم الثقافية والحوارات الفكرية ومنح الجوائز للمبدعين في حقول الثقافة والمعرفة وللموهوبين الشباب وتكريم القامات الفكرية ومتابعة البحث العلمي في المدارس والجامعات النموذجية، والعمل الإنساني والرعاية الاجتماعية وغيرها من الأنشطة التي تسهم في نشر الوعي والارتقاء بالمعرفة وتقوية دورها في المجتمع.
وصرح عبدالحميد أحمد الأمين العام لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية قائلاً إن “اختيار مؤسسة منتدى أصيلة يأتي في سياق التقدير والتكريم للمؤسسات والمراكز الثقافية التي تمثل عمقاً وثراءً في أنشطتها والتي تنتهج خطاً ثابتاً في نشر الثقافة وتقدير المبدعين ومد الجسور الحضارية بين الثقافة العربية والعالم، وهذا الدور الخلاق تقوم به مؤسسة منتدى أصيلة منذ سبعينات القرن الماضي وحتى يومنا الحاضر مما كان له الأثر الإيجابي في التواصل والتثاقف بين الحضارات والشعوب، وعليه فقد اتخذ المجلس قراره بأحقية المؤسسة بحمل لقب جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي للدورة السابعة عشرة 2020 ـ 2021”.
☚ مؤسسة منتدى أصيلة تلعب دورا رياديا في نشر الثقافة وخلق تواصل حضاري من خلال مواسمها الثقافية
وقال عبدالحميد أحمد في تصريحه إن “مؤسسة منتدى أصيلة هي منظمة غير حكومية تعمل على تعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات، يشرف على تسييرها السياسي المغربي السابق محمد بن عيسى الذي شغل منصب وزير خارجية المملكة المغربية من 1999 وحتى2007، حيث أسس موسم أصيلة الثقافي عام 1978 برفقة الفنان المغربي الراحل محمد المليحي وتحول الموسم إلى مؤسسة ثقافية عام 1997، تفرعت عنها مجموعة من الأنشطة منها موسم أصيلة الثقافي الدولي ومنتدى الجوائز لتكريم الشعراء والأدباء في العالم، ويشتمل على عدة جوائز مثل جائزة تشيكا أوتامسي التي تُمنح كل عامين لشاعر أفريقي، وجائزة بلند الحيدري التي تُمنح للشعراء الشباب، وجائزة محمد زفزاف للرواية العربية”.
وأضاف قائلاً “لمؤسسة منتدى أصيلة بُعد اجتماعي وإنساني في أنشطتها فهي تعمل على إعداد مدارس نموذجية وتوفير منح دراسية ودار للتضامن لإيواء العجزة وكبار السن، وتشرف أيضا على مشروع لإنجاز نحو 900 وحدة سكنية مخصصة لإيواء سكان دور الصفيح، فضلاً عن المتاحف والمسارح وغيرها من المشاريع الإنتاجية”.
واختتم الأمين العام لجائزة العويس الثقافية تصريحه قائلاً “إن مهرجان موسم أصيلة الثقافي الدولي الذي يقام بمدينة أصيلة المغربية من أهم أشكال الجذب السياحي للمدينة، ويشتمل على جميع المجالات كالأدب والموسيقى وفنون الرسم والنحت، وتتحول المدينة خلال هذا المهرجان إلى معرض فني مفتوح يستقطب الزوار والمبدعين والأدباء من شتى أنحاء العالم، كما تستضيف خلاله إحدى الدول كضيف شرف، ويجتمع في فضاء ثقافي واحد الكتاب والنقاد والفرق الموسيقية والفنانون والإعلاميون وغيرهم من المبدعين”.
يذكر أن مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية قد منحت جوائز الدورة السابعة عشرة لكل من الشاعر إلياس لحود (جائزة الشعر)، الروائي نبيل سليمان (جائزة القصة والرواية والمسرحية)، الناقد عبدالملك مرتاض (جائزة الدراسات الأدبية والنقد)، أحمد زايد (جائزة الدراسات الإنسانية والمستقبلية)، والذين تم اختيارهم من بين 1847 مرشحاً تقدموا لنيل الجوائز في جميع الحقول، عبر لجان تحكيم نزيهة ومتخصصة.
مؤسسة رائدة
على ضفاف المحيط الأطلسي، في مدينة أصيلة المغربية، في أقصى الوطن العربي، نشأت مؤسسة منتدى أصيلة منذ أربعة عقود ومثلت محطة مصالحة بين الثقافة والسياسة، وضع قواعدها محمد بن عيسى وهو أحد أبناء أصيلة الذي مارس مسؤولياته في الضفتين معا، الأولى كصحافي مهني ومؤهل، وما كان لينجح لولا امتلاكه لناصية الثقافة، والثانية كعمدة لمدينته، ونائب برلماني وسفير ووزير، وما كان لصيته أن يذيع فيها جميعا لولا امتلاكه لناصية السياسة، فكان نموذجا للمصالحة الذاتية بين الثقافة والسياسة.
ولا تتوقف أنشطة المؤسسة على جنس فني بعينه إذ تعتني عناية خاصة بالفن التشكيلي والسرد والشعر وتفتح الثقافة بكل مكوناتها وفعالياتها على محيطها بينما تدعو سنويا إلى فعالياتها أهم الأسماء الإبداعية، ما خلق حركة ثقافية كان لها انعكاس على الحركة الاجتماعية أيضا.
في لقاء سابق لـ”العرب” مع محمد بن عيسى رئيس منتدى أصيلة تحدث عن الدوافع التي جعلته يطلق هذا المشروع الثقافي، قائلا إن الدافع الأول كان التفكير في خلق أرضية للالتقاء ومدّ جسور الحوار بين الشرق والغرب والشمال والجنوب. وتكون أرضية نلتقي فيها مع أنفسنا ومع الآخر الذي يكتب عنا لكنه لا يعرفنا. أما الدافع الثاني فكان توظيف الثقافة خارج الاعتبارات الأيديولوجية والحزبية.
اختيار مؤسسة منتدى أصيلة يأتي في سياق تكريم المؤسسات والمراكز الثقافية التي تمثل عمقاً وثراءً في أنشطتها
ويتمثل الدافع الثالث في إطلاق مشروع منتدى أصيلة، كما قال، في السعي لأن يكون للمغرب، إضافة إلى موقعه الجيواستراتيجي، موقع جيو – حضاري وتوظيفه بما يخدم الإنسان المغربي والعربي والأفريقي على حد سواء، فالبلاد لا يمكن أن تبرز بالمادة وحدها بل هناك الجانب الإبداعي والإنساني والثقافي.
ولم يخف محمد بن عيسى أن بداية هذا المشروع في العام 1978 كانت صعبة، وقد كان مشروع حياة أو موت بالنسبة إليه، إلى درجة أنه رهن بيته من أجل توفير المستلزمات المادية للموسم الثقافي السنوي.
وعمّا استطاع المنتدى مراكمته خلال سنوات قال ين عيسى “لقد نجحنا في أن نستثمر في الإنسان الواعي والفنان والمثقف كثروة بشرية تجب الإفادة منها، وراكمنا البنية التحتية وعددا كثيرا من المنشورات المتعلقة بالندوات ولدينا أكثر من ألف عمل تشكيلي سيتم عرضها في المتحف الذي يجري بناؤه”.