العنوان الخطأ: سفارة فرنسا تقحم المغرب في إلغاء مقابلة لمعارض جزائري

خلّف بيان السفارة الفرنسية بالرباط “الخارج عن السياق” رفضا مغربيا واسعا بعد إقحام المغرب في شأن فرنسي – جزائري، و”محاولة ممارسة الوصاية والحجر على آراء وسائل الإعلام المغربية والتضييق على حرية التعبير التي تدعي صونها بفرنسا”.
الرباط - أثار تكذيب نشرته السفارة الفرنسية بالرباط في ما يخص مقابلة زعيم حركة “ماك” المطالبة بانفصال منطقة القبائل في الجزائر فرحات مهني على قناة فرنسية جدلا واسعا في أوساط المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، على اعتبار أن القضية تهم طرفين ليسا مغربيين وهما قناة “سي.نيوز” وفرحات مهني.
وكان من المقرر أن يحل زعيم “ماك” فرحات مهني ضيفًا على البرنامج على الساعة 8:30 مساءً يوم الأحد الثاني من أكتوبر على قناة “سي.نيوز” الإخبارية التابعة لمجموعة بولوري الشهيرة القريبة من الإليزيه.
وقدم مهني إلى أستوديوهات القناة أين استقبله الصحافيون الذين أعلنوا مباشرة في الساعة 8:25 مساءً مروره على الهواء. بعد لحظات، اقتحم مدير من قناة “سي.نيوز” غرفة الانتظار وأعلن لفرحات مهني إلغاء المقابلة التي من المفترض أن تستمر عشرين دقيقة، وفق ما أظهر فيديو مسرب على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويأتي إلغاء هذه المقابلة قبل أن تسافر رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن إلى الجزائر يومي التاسع والعاشر أكتوبر. وبحسب مصادر إعلامية، فقد اتصل مستشارو الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهددوه بإلغاء زيارة بورن إلى الجزائر العاصمة.
وبالرغم من مقاطع الفيديو التي توثق إلغاء المقابلة، إلا أن السفارة الفرنسية بالمغرب كذبت في بيان على حساباتها على مواقع التواصل ما تم تداوله من “تدخل السلطات الفرنسية لمنع مشاركة ضيف في برنامج إخباري على قناة تلفزيونية فرنسية”، واصفة إياها بـ”الادعاءات”.
وأكدت السفارة أن فرنسا تظل ملتزمة بحرية الصحافة وحرية التعبير في جميع أنحاء العالم. وأضافت أن تعددية وسائل الإعلام، والحق في الإعلام أو الحصول على المعلومات والقدرة على التعبير عن وجهات النظر النقدية ضرورية للنقاش الديمقراطي. والدفاع عن هذه المبادئ، التي تطبقها على نفسها، هو أيضًا من أولويات سياستها الخارجية.
وقال بيان بأنها اطلعت على المقالات الصحافية والتعليقات التي زعمت تدخل السلطات الفرنسية لمنع مرور شخص على قناة فرنسية، مؤكدة أنها تنفي نفيا قاطعا هذه الاتهامات.
من جانبها عبرت الحكومة المغربية الخميس عن استغرابها مما أقدمت عليه السفارة الفرنسية في الرباط. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس “أنا أتساءل هل هذا يدخل في إطار الأعراف، وأتساءل مرة أخرى هل السفارات عادة تقوم به، وهل أن سفارات فرنسا في مختلف دول العالم تقوم بمثل ما قامت به سفارتها في المغرب؟”.
واعتبر الإعلام المغربي أن بيان السفارة الفرنسية في المغرب “تصرف اندفاعي وغير محسوب”، وقال إن الخطوة التي وصفها بالمتسرعة “تعكس نوعا من سوء النية الذي تتعامل به مع المملكة، والذي ظهر في مواقف أخرى سابقة”.
وقال إن ما يثير الاستغراب في بيان السفارة أن تكذيبها جاء وكأن موجه للرد على الإعلام المغربي. وقالت وسائل إعلام مغربية إن على السفارة الفرنسية في المغرب أن تعلم أن خبر منع مهني لم تختلقه الصحافة المغربية، وإنما وثقته مقاطع مصورة نشرتها الصحافة الفرنسية والجزائرية وغيرها من وسائل الإعلام في كل دول العالم، لأن الخبر مرتبط أساسا بالتضييق على حرية التعبير.
وقال مراقبون إنه في الوقت الذي كان مفروضا فيه أن تخرج وزارة الخارجية الفرنسية ببيان حول سبب إلغاء لقاء مهني في دولة تنصب نفسها صرحا للديمقراطية، تفاجأ عدد من المتتبّعين للشأن السياسي بنفي على لسان السفارة الفرنسية بالمغرب.
ووضع معلقون البيان في خانة “محاولة مصادرة الحق في التعبير بالمغرب” و”منع الرأي العام المغربي من الخوض في قضايا فرنسا الداخلية”.
وقال مغردون مغاربة إن السفارة الفرنسية في الرباط “تخبئ الشمس بالغربال”، ورغم ذلك فهم لم يفهموا لماذا اختارت السفارة الفرنسية التواصل مع الرأي العام المغربي في قضية لا تتعلق به نهائيا. وتساءلت صحافية:
وقال الإعلامي عبدالصمد ناصر:
بيان غريب! نفيٌ من الرباط لحدث وقع لشخصية غير مغربية على الأراضي الفرنسية!
وغرد الكاتب المصطفى العسري:
وكتبت مغردة:
ما الذي يدفع السفارة الفرنسية في #المغرب إلى أن تتحفنا نحن المغاربة بتكذيب لا يعنينا؟ البيان الصادر عن السفارة الفرنسية بـ#الرباط غير مناسب تماما لأن هذه البعثة الدبلوماسية تتفاعل مع جمهور مغربي غير معني على الإطلاق بحادث وقع في فرنسا، على قناة تلفزيونية فرنسية، بشأن منطقة القبائل.
وقال حساب:
يذكر أن إلغاء مقابلة فرحات مهني زعيم حركة استقلال القبائل (ماك) ليل الأحد/الاثنين مع برنامج “في مواجهة ريوفول” (Face à Rioufol) على قناة “سي.نيوز” (CNEWS) الفرنسية في اللحظة الأخيرة سلط الضوء على الرقابة التي تمارسها فرنسا على وسائل إعلامها لإرضاء النظام الجزائري.
ولا يعرف إلى أي مدى سيذهب الإليزيه باسم “قصة الحب مع الجزائر”، هل ستكون مستعدة لتسليم فرحات مهني الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية عن المدعي العام في محكمة الجزائر في السادس والعشرين أغسطس الماضي بزعم أنه أمر بإشعال الحرائق التي دمرت منطقة القبائل في صيف 2021؟
ويتساءل مراقبون، بعد تجاهل حرية التعبير التي ترفعها كراية على أراضيها وفي أي مكان آخر، إلى أي مدى ستكون فرنسا مستعدة للانحراف عن قيمها الديمقراطية لإرضاء الجزائر؟ وقال منتقدون إنه للحصول على بعض الغاز من المجلس العسكري في الجزائر، بدأت فرنسا رقابة ناعمة تستهدف الأصوات المنتقدة لـ”النظام الكاكي”.
ويسلط مراقبون الضوء على “ازدواجية” سلوك السلطات الفرنسية مع الانفصاليين. فبينما تقدم القناة الإخبارية فرانس 24 نفسها كمنبر في جميع المواسم للانفصاليين في بوليساريو باسم احترام حرية التعبير، تراقب السلطات الفرنسية من أعلى مستوى من الدولة عندما يتعلق الأمر بانتقاد الجزائر.