العمل في المجال النووي خيار عكس التيار للشباب في اليابان

المشكلة هي أن عدد الأشخاص الذين يعرفون كيفية بناء محطات نووية بات قليلا في الوقت الراهن في اليابان.
الجمعة 2022/12/23
كارثة فوكوشيما تطارد شباب اليابان

كورياما (اليابان) - بعد كارثة فوكوشيما في العام 2011، لم يعد العمل في القطاع النووي يجذب الشباب في اليابان، غير أن الحكومة تدفع بثقلها لإنعاش هذا المجال وقلب المعادلة.

وتكثّف الحكومة اليابانية الجهود في هذا المجال، مع التخطيط لإقامة مفاعلات من الجيل الجديد للحدّ من الاتّكال المفرط على مصادر الطاقة الأحفورية المستوردة شديدة التلويث.

وتشكّل هذه المسألة التي لا تخلو من حساسيات سياسية تحدّيا في مجال الموارد البشرية، بينما انخفض عدد طلاب العلوم النووية في اليابان بأكثر من 25 في المئة بين 2011 و2021، وفق أرقام وزارة التعليم.

100

ألف شخص تم إجلائهم من محيط المحطة بعد حادثة فوكوشيما

غير أن هذه الأرقام تختلف من سنة إلى أخرى وهي تطال بالكاد بضع مئات من الطلاب، لذلك لا بدّ من وضعها في سياقها الصحيح، على حدّ قول كوتا كاواي رئيس شبكة يابانية لاختصاصيي النووي الشباب.

وصرّح الباحث المتخصّص في الأمن النووي “حتّى بعد حادثة فوكوشيما، اهتّم طلاب بالسبل التي من شأنها أن تسمح بتخطّي الصعوبات الكبيرة. وعُني كثيرون بمجال تفكيك المفاعلات”.

وحذّر كاواي من أن “المشكلة هي أن عدد الأشخاص الذين يعرفون كيفية بناء محطات نووية بات قليلا” في الوقت الراهن في اليابان.

ودرست تشيزاتو الكيمياء والبيولوجيا الإشعاعية. وبعدما عملت بين 2017 و2020 لحساب “تبكو” مشغّل محطة فوكوشيما داييتشي، باتت الآن تعمل في الخارج. وقد شكّلت كارثة فوكوشيما “نقطة الانطلاق” لاهتمامها بالنووي عندما كانت على مقاعد الدراسة الثانوية.

وقالت “بعد الحادث، كانت وسائل الإعلام تضجّ بالمعلومات الملتبسة، مثلا عن مستوى الإشعاعات في فوكوشيما (…) ما كان يسبب قلقا كبيرا للناس، لذلك رغبت في التعرّف على القصّة كاملة والوقائع بطريقة محايدة”.

ولم تتسبّب الكارثة بضحايا في الحال، لكنها أدّت إلى إجلاء نحو 100 ألف شخص من محيط المحطة. وفي العام 2018، أقرّت الدولة اليابانية بوفاة موظف في المحطة النووية بسبب الإشعاعات.

وتستذكر تشيزاتو البالغة 28 عاما “الذهول” الذي انتابها خلال مقابلة التوظيف في “تبكو”، عندما سئلت إذا كان والداها يوافقان على انضمامها إلى الشركة التي تضرّرت سمعتها بشدّة بعد الكارثة.

الحكومة تسعى راهنا لاستخدام النووي قدر المستطاع لأن الحاجة تدعو إلى ذلك، في ظلّ ارتفاع أسعار الطاقة

وعلمت لاحقا أن أشخاصا على وشك الانضمام إلى “تبكو” كانوا ينسحبون في اللحظة الأخيرة بعدما أثناهم أهلهم عن الالتحاق بالشركة. وكان والداها قلقين من عملها في فوكوشيما داييتشي “لكنني أوضحت لهما أن ذلك لن يؤثّر على صحتي”.

وأكّدت هيكاري الباحثة في النووي في إطار تكتّل صناعي ياباني كبير التي تفضّل أيضا عدم الكشف عن شهرتها أن “أهلي وأصدقائي لم ينتقدوا يوما خياري المهني”.

غير أن الشابة البالغة من العمر 28 عاما اضطرت إلى بذل جهود كثيفة “طوال سنوات” لإقناع زوجها المناوئ لاستخدام النووي. وفي نهاية المطاف “احترم قراري لأنه أدرك مدى التزامي بعملي”.

والتحق كيوهي يوشيناغا (30 عاما) الباحث في تقنيات الكهرباء والطاقة في مجمّع الأبحاث الياباني “ميتسوبيشي ريسيرش إينستيتيوت” بالجامعة في السنة عينها التي وقعت فيها كارثة فوكوشيما.

وهو لا يخفي تشكيكه في الطموحات الجديدة للحكومة اليابانية. وأوضح “تسعى الحكومة راهنا لاستخدام النووي قدر المستطاع لأن الحاجة تدعو إلى ذلك”، في ظلّ ارتفاع أسعار الطاقة، مشيرا إلى أن “الوضع قد يتغير بسرعة”.

5