العمارة العصرية تشوّه وجه كابول التاريخي

كابول- لطالما كانت كابول، الواقعة في جبال هندوكوش، مدينة منازل تقليدية مصنوعة من الطين والقش، يعود تاريخ العديد منها إلى قرون والبعض الآخر تم بناؤه في أوائل القرن العشرين.
ويحذر المهندسون المعماريون من أن التراث المعماري والمعروف عنه الزوايا المعقدة والنوافذ الخشبية والحدائق الفاتنة في كابول آخذ في الاختفاء، حيث يتم هدم العديد من المنازل القديمة واستبدالها بمبان شاهقة شيدت بسرعة لإيواء الوافدين من الأقاليم الريفية.
وقال فردوس صميم، مهندس معماري، “لقد دمرت الحرب الكثير من تراثنا الثقافي، لكن علينا الآن خوض حرب معمارية”.
كابول كانت مليئة بالمنازل التاريخية المبنية حول الأفنية، مع ممرات ضيقة تؤدي إلى البازارات والمساجد والحدائق العامة
وفي الشهر الماضي، تم هدم “سينما بارك” المحبوب – وهي دار سينما تبلغ من العمر 70 عاما – بناء على طلب النائب الأول للرئيس، أمر الله صالح، على الرغم من الغضب العام والاحتجاجات من الفنانين وصناع الأفلاموالجمهور.
ودفعت سنوات من الصراع والصعوبات الاقتصادية الأفغان من جميع أنحاء البلاد إلى كابول بحثًا عن حياة أكثر أمانا ما تسبب في توسع عمراني قال عنه، صميم “هذا التوسع العمراني السريع يحدث على حساب البيوت التقليدية والتاريخية”.
بنت عائلة مريم عظيمي عدة منازل كبيرة بحدائق في غرب كابول في الأربعينات. وقالت مريم، إن المستثمرين يتصلون بهم اليوم باستمرار على أمل شراء الأرض وهدم العقارات وإنشاء مبانٍ سكنية جديدة.
وأضافت الشابة، التي طلبت استخدام اسم مستعار لأسباب أمنية “تزداد العروض عندما يزداد الوضع سوءًا في أفغانستان”.
وأوضحت، أن “الحياة في كابول تزداد صعوبة، كما أن صيانة المنازل القديمة باهظة الثمن، لذلك تختار بعض العائلات بيع أراضيها، هذا يعني أن طابع كابول يتغير. المباني القديمة مدمرة والمباني الجديدة ترتفع بسرعة. المدينة بالكاد يمكن التعرف عليها”.
وقال داود سلطانزوي، عمدة كابول، “لا يوجد قانون ضد التطور”، مضيفا، “المناطق التاريخية محمية، ولكن إذا كان المبنى غير آمن ولا يمكن ترميمه في نفس الوقت، فلا يمكننا الاحتفاظ به، فقط لأجل الحنين إلى الماضي، إذا تم تصنيف منزل بأنه تاريخي، فلن يتم تدميره”.
ووفقا للسجل الأفغاني للآثار المحمية في البلاد، تم توثيق أكثر من 1300 مبنى ومسجد ومواقع تاريخية أخرى في جميع أنحاء البلاد.
وقال أجمل مايواندي، الرئيس التنفيذي في صندوق الآغا خان للثقافة، إن الرقم الذي يجب إدراجه أعلى بكثير، مشيرا، إلى أن “هناك 184 نصبا تذكاريا مسجلا في كابول وحدها، وتعتقد إدارة الآثار التاريخية أن هناك ضعف هذا الرقم على الأقل بحاجة إلى التسجيل في المدينة في المستقبل”. وأضاف من مكتبه، وهو مبنى من القرن العشرين بسقوف عالية مزخرفة وإطارات نوافذ خشبية سميكة وأثاث خشبي، “لا توجد مبانٍ تقع خارج نطاق الحفظ وإعادة البناء والإصلاح”.
وأشار، إلى أن أسلوب وطرق تشييد المباني الأحدث في كابول تعكس تطور أفغانستان إلى دولة مزقتها الحرب، ولكن تم غمرها أيضا بأموال المساعدات الأجنبية وطبقة الأثرياء التي تعيش بها.
التراث المعماري والمعروف عنه الزوايا المعقدة والنوافذ الخشبية والحدائق الفاتنة في كابول آخذ في الاختفاء
وكانت كابول مليئة بالمجمعات السكنية ذات الأسوار والمنازل المبنية حول الأفنية، مع ممرات ضيقة تؤدي إلى البازارات والمساجد والحدائق العامة. وأوضح المهندس المعماري، صميم، أن العشرينات من القرن الماضي كانت إيذانا ببدء حقبة جديدة في عهد الملك أمان الله خان، الذي تبنى إصلاح الهندسة المعمارية في أفغانستان ودعا إلى إنشاء مدينة حديثة ومفتوحة مع إزالة العديد من الجدران.
وقال صميم، “لم يلمس الأجزاء القديمة من المدينة. ولكن خلال ذلك الوقت، تم بناء مدينة جديدة تعتبر الآن قديمة”. وجاءت طفرة جديدة في البناء بعد الغزو الأميركي في عام 2001، عندما عاد الأشخاص الذين فروا من البلاد خلال حكم طالبان بأموال للاستثمار.
وأدى تدفق أعداد كبيرة من الناس إلى المدينة إلى إفساح المجال لتغيير المنازل التي كانت تستوعب في السابق أسرة واحدة إلى مبان تضم الآن العشرات، وأحيانًا المئات من العائلات. وقال صميم، “معظم المباني الجديدة ليست معزولة ولا موفرة للطاقة، في حين أن المباني القديمة قد شيدت لتحمل أنماط الطقس القاسية في الصيف الحار والشتاء البارد”.
وقال العديد من مالكي المنازل في كابول، إنه عندما يتم إنشاء مجمعات سكنية جديدة، فإنهم غالبًا ما يحجبون المنازل القديمة في المنطقة. وبينما تؤجر عائلة عظيمي أحد منازلها، قالت إنها تأمل أن تتمكن أسرتها من الاحتفاظ بالمنزل الذي تعيش فيه حاليًا، لكنها قالت إنه من المستحيل عليهم تجنب اندفاع كابول نحو الحداثة.