العلمانية شرط الحركة الشعبية للسلام في السودان

مصادر تتحدث عن وجود جدية بين الحكومة والجبهة الثورية للتوقع على الاتفاق النهائي في الموعد المحدد.
الخميس 2020/03/19
الاتفاق النهائي للسلام مؤجل

الخرطوم - كثفت دولة جنوب السودان جهودها الأربعاء، لإقناع الحركة الشعبية – شمال، بقيادة عبدالعزيز الحلو بالدخول في مفاوضات مباشرة مع الحكومة والتخلي عن مطلبها بإقرار علمانية الدولة كشرط رئيسي للتوقيع على اتفاق سلام نهائي، بعد أن تمكنت الوساطة من التوصل إلى اتفاق نهائي مع الفصيل الآخر في الحركة بقيادة مالك عقار، بشأن مسار المنطقتين، النيل الأزرق وجنوب كردفان.

وعلمت “العرب” من مصادر رفيعة المستوى في الجبهة الثورية، أن جوبا تحاول دفع المفاوضات مع الحلو قبل نهاية الشهر الجاري، وأن هناك جدية بين الحكومة والجبهة الثورية للتوقيع على الاتفاق النهائي في الموعد المحدد في 9 أبريل المقبل.

وأوضح أسامة سعيد، المتحدث باسم الجبهة الثورية، أن الجبهة أضحت مستعدة لتوقيع اتفاق نهائي للسلام بعد انتهاء مسارات الشرق والشمال والوسط والمنطقتين، ويتبقى التوقيع النهائي على مسار دارفور، ومناقشة ملف الترتيبات الأمنية، ومقرر أن تكون المفاوضات عبر لجان مشتركة بين الطرفين.

وأضاف في تصريحات لـ“العرب”، أن الجبهة تدعم أن يكون السلام شاملاً بحيث يضم الحركات والمكونات المنضوية داخلها، والحركة الشعبية جناح الحلو، ودعم مطالبات حركته للحكومة بالاستجابة لها، غير أن الواقع يشير إلى وجود خلافات عميقة مع توالي تقديم أوراق متعددة من جانب الطرفين لم يجر التوافق عليها حتى الآن.

وتقدم جناح الحلو بمقترحين إلى وفد الوساطة قبل أيام، تضمنا مطالبة بإقامة دولة علمانية ديمقراطية، وضمان حرية المعتقد وحرية العبادة والممارسة الدينية لكل السودانيين، والتزام الحكومة بمبدأ فصل الدين عن الدولة وإلغاء جميع القوانين التي تقوم على أسس دينية وعدم تشريع قوانين ترتكز على الدين مستقبلا.

جناح الحلو تقدّم بمقترحات تطالب بإقامة دولة علمانية تضمن حرية المعتقد وحرية العبادة والممارسة الدينية لكل السودانيين

وتمارس الحركات المسلحة ضغوطاً حثيثة على السلطة الانتقالية من أجل الموافقة على مطلب حركة الحلو، وتدرك أن التوقيع على اتفاق نهائي من دون حضورها يرسخ لسلام منقوص في مناطق الهامش، ويعد مقدمة لإمكانية طرح الحركة حق تقرير المصير بما يعني إمكانية انفصال جزء جديد من السودان، على غرار الجنوب الذي تمسك بنفس المطلب أيضاً.

وأوضح أسامة سعيد أن الجبهة الثورية ترى ضرورة أن تصل الحكومة وجبهة الحلو إلى رؤية مشتركة، وأنه لا ضرورة بأن يظل الحلو خارج منظومة السلام، لأن ذلك يعد خرقاً لحسم التفاوض الأساسي الذي قام منذ البداية على خطين متوازيين، الجبهة الثورية وجبهة الحلو.

وأقر نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تصريحات سابقة، بوجود عقبات تواجه ملف التفاوض مع جبهة الحلو، وهناك محاولات لتجاوزها خلال أيام، لافتاً إلى أن التفاوض مستمر رغم الخلافات بشأن العلمانية، وتحاول السلطة الانتقالية الوصول إلى اتفاق في إطار القوانين وحرية الأديان.

ويصر عبدالعزيز الحلو الذي يسيطر عسكريا على مرتفعات جبال النوبة في جنوب كردفان وله حضور ميداني قوي هناك، على مطلبه ارتكاناً على التأييد الذي يلقاه من قبل دوائر سياسية سودانية عدة تدعم مطلبه وتدفع باتجاه أن يكون السلام شاملا بما يدعم الحكومة الانتقالية في جهودها الرامية لرفع اسم السودان من لائحة الإرهاب، ومن ثم فتح الباب أمام المساعدات المالية الدولية لإنقاذ البلاد من المشكلات الاقتصادية المتفاقمة التي تعانيها.

ويشير مراقبون إلى أن إنهاء الخلافات أمر مهم للتفرغ إلى التحديات الأخرى التي تواجه السلام وعلى رأسها إنجاح عملية تطبيق بنوده على أرض الواقع، لأن هناك إشارات غير إيجابية بشأن إحالة ما جرى التوصل إليه من تفاهمات إلى مؤتمرات جامعة في مناطق الهامش، وهو ما حدث في مسار الشرق، وفقاً لتصريحات مسؤولين في الحكومة.

وأكدت المحللة السياسية السودانية، إيمان عثمان، أن هناك تباينات بين مكونات السلطة الانتقالية بشأن علمانية الدولة، إذ أن المكون المدني لا يرى غضاضة في الاستجابة لمطالب الحلو، غير أن الأطراف العسكرية النافذة في مجلس السيادة ما زالت مصّرة على موقفها وترى أن ذلك بحاجة إلى توافق سوداني على المستوى القومي.

وأوضحت لـ”العرب”، أن التأييد الشعبي لمطالب الحركات المسلحة المشروعة يضفي المزيد من الارتباك على مواقف الحكومة حيال العديد من الملفات التي كانت ترفض تقديم تنازلات بشأنها، وهو أمر قد يكون مقدمة لحدوث انفراجة بشأن مطلب علمانية الدولة خلال الأيام المقبلة.

وأشارت إلى أن ملف السلام سيواجه العديد من العثرات في الفترة المقبلة مع بدء المباحثات النهائية بشأن الترتيبات الأمنية التي قد تدفع لإمكانية تمديد المفاوضات مجدداً، مع الحاجة إلى أدوار أكبر لوساطة جنوب السودان والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والشركاء الإقليميين، للمساهمة في إنجاح تطبيق السلام على الأرض مع ضرورة الحصول على تعهدات حكومية بتنفيذ ما جرى التوافق عليه.

2