العلاج التجانسي يعزز المناعة لكنه يظل محدود الفاعلية

جنيف - تتميز أدوية العلاج التجانسي بتركيبة طبيعية قادرة على تعزيز نظام المناعة، لكنها رغم ذلك فهي عاجزة عن التأثير في حالة من يعانون من الأمراض المزمنة أو الأمراض المستعصية. ويشدد الباحثون على أن الطب التجانسي ليس سوى تخصص ضمن مختلف تخصصات الطب البديل الذي يمكن اللجوء إليه كتعزيز للطب التقليدي أو كعلاج مستقل في حالات مرضية يمكن وصفها بـ”العادية”.
ونقلا عن موقع “سويس إنفو”، يشرح الدكتور في الطب التجانسي اندري تورنيسين أن “الأدوية التقليدية تعمل على سبيل المثال على وقف الالتهاب أو وضع حاجز أمام القنوات التي تنقل الألم، بينما تحاول الأدوية التجانسية تنشيط قوى المناعة الطبيعية في جسم الإنسان”.
وتعالج هذه الطريقة المرض بإعطاء عقاقير بمقادير صغيرة جدا لأن تناول الشخص السليم لمقادير كبيرة يسبب له أعراض المرض نفسه.
وقد يُفسَر الإقبال الكبير على هذه الأدوية بكونها طبيعية ولأنها توفر العلاج لأمراض أو أعراض شائعة بين الكبار والصغار مثل اضطرابات الجهاز الهضمي والأرق أو الأنفلونزا. غير أن المتحدثين باسم “روش” و”نوفارتيس” أكبر الشركات الصيدلية في سويسرا أكدوا أنهم لا يرون في العلاج التجانسي تهديدا أو خطرا على مبيعات
أدويتهم التقليدية التي تُصدَر لمختلف بقاع العالم. وتشير “نوفارتيس” إلى أن الأدوية التجانسية ليست حاضرة في كل ميادين العلاج ولا تشغل سوى جزء بسيط من سوق الأدوية عموما.
وتجدر الإشارة إلى ظهور انتقادات واسعة في ألمانيا، مؤخرا، جراء الإعلان عن الإعداد لدراسة عن استخدام وسائل العلاج المثلي أو الطب التجانسي، بدلا من المضادات الحيوية.
وقال شتيفان زيبر، من جامعة ميونخ للعلوم التطبيقية، منتقدا خطط الإعداد للدراسة، “فوجئت بصدور تكليف بإجراء هذه الدراسة، ولا أعرف القيمة الإضافية التي تمثلها هذه الدراسة“.
وأوضح زيبر أنه “ليست هناك في العلم أدلة على أن الطب المثلي يعالج”. وشدد أستاذ الكيمياء العضوية على أنه لا يمكن للطب التجانسي أن يخفض استخدام المضادات الحيوية أو يعزز القوة المناعية لدى الإنسان.
وكانت حكومة ولاية بافاريا قد قررت مطلع نوفمبر الجاري تكليف باحثين بإجراء دراسة بشأن ما إذا كان استخدام مستحضرات الطب التجانسي يمكن أن يساعد على خفض استخدام المضادات الحيوية.
وستجرى الدراسة في إطار حزمة أكبر من الإجراءات، يحاول القائمون عليها تجنب حالات الوفاة الناتجة عن الجراثيم التي تستعصي على الكثير من المضادات الحيوية المتوفرة في الوقت الحالي.
ولم تكلف الحكومة المحلية حتى الآن جهة بعينها بإجراء هذه الدراسة. وأكدت وزارة الصحة بالولاية عدم وجود جدول زمني محدد لإصدار تكليف بإجراء هذه الدراسة.
يشار إلى أن الطب التجانسي طريقة علاجية منتشرة كثيرة في ألمانيا، وتعتمد على تنشيط القوة الذاتية للجسم ليقوم بعلاج نفسه.
غير أن شركات التأمين الصحي لا تعترف بجدوى هذا الطب ولذلك لا تدرجه ضمن قائمة خدماتها التي توفرها للمؤمن عليهم صحيا، مع أن الكثير من شركات التأمين الصحي تدفع تكاليف العلاج بالوسائل الطبيعية، الأمر الذي يكون في الكثير من الأحيان مدعاة للنقاش.
ما هو الطب التجانسي
برلين - الطب التجانسي، الذي يسمى أيضا المعالجة المثلية أو الهوميوباثي، هو نظام علاجي وشكل من أشكال الطب البديل يستند إلى المبادئ التي صاغها الطبيب الألماني صامويل هانيمان عام 1796. ويعتمد هذا العلاج على مبدأ “المثل يعالج المثل”.
لقد انتقد هاينمان طرائق الطب التقليدية المستعملة في القرن الثامن عشر. لذلك لجأ إلى وضع مبدأ المعالجة المثلية لمعالجة الأمراض بطريقة مبسطة دون الحاجة إلى فقدان الدم أو التعرض للإسهال. وكان اقتراح هاينمان بإجراء التجارب العلاجية على أشخاص أصحاء فكرة جديدة لم تستعمل من قبل.
وتنص نظرية المعالجة المثلية على أن الشخص المريض يستطيع أن يشفى باستخدام كميات ضئيلة من المواد التي تسبب في جسم الشخص السليم أعراضا مشابهة لأعراض مرض الشخص المصاب. يختار الممارسون لهذه الطريقة المعالجة المناسبة للمريض بعد فحص دقيق لاكتشاف الحالة البدنية والنفسية له لأن هاتين الحالتين تعتبران مهمتين لاختيار نوع العلاج. ويشير الناقدون إلى أن الدراسات التي تتناول نجاعة المعالجة المثلية قليلة للغاية ونتائجها غير جازمة.
كما يُنسب النجاح في علاج بعض الحالات باستخدام العلاج المثلي إلى قناعة المريض بتأثير العلاج أو جودة العلاقة بين الطبيب والمريض وليس إلى فاعلية العلاج نفسه. وقد سمت جامعة ماربورغ في ألمانيا العلاج المثلي في تقريرها الصادر عام 1992 حول الموضوع بـ”علم الخطأ”. انتشر الطب التجانسي في بريطانيا منذ القرن التاسع عشر، ومنذ ذلك الحين اعتمدت العائلة الملكية على هذا النوع من العلاج، كما أدخلت مبادئ المعالجة المثلية في مناهج الطب الأكاديمية في أوائل القرن التاسع عشر داخل المملكة المتحدة وخارجها. وبينما انتشرت المعالجة المثلية قي دول وسط وجنوب أوروبا، لم تجد لها انتشارا واسعا في الدول الإسكندنافية.