العقوبات الغربية تعجز عن تقويض تجارة النفط الروسي

لندن - تواجه الحكومات الغربية ضغوطا لتشديد الحظر الذي تفرضه على روسيا بحجة أن البلد، الذي صدّر خلال الأشهر الأخيرة نفطا أقل قياسا بالأعوام التي سبقت الحرب في أوكرانيا بموجب اتفاق أوبك+، استطاع التحايل على العقوبات.
وحذرت لجنة برلمانية بريطانية الأربعاء من توافر "أدلة متزايدة" على استخدام روسيا "أساطيل ظل" من ناقلات النفط للالتفاف على السقف الذي حددته دول غربية لسعر نفطها.
وحضت لجنة في مجلس اللوردات غير المنتخب على المحافظة على العقوبات ضد روسيا ومواصلة الدعم العسكري لأوكرانيا "مهما استغرق الأمر"، داعية بريطانيا وحلفاءها إلى اتخاذ "إجراء حاسم" بهذا الشأن.
ويأتي هذا النداء بعد أكثر من عام على قيام مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا بفرض سقف على سعر برميل النفط الروسي بهدف حرمان الرئيس فلاديمير بوتين من الإيرادات مع ضمان استمرار روسيا في رفد السوق العالمية بالنفط.
وفي البداية نجح نظام العقوبات الذي حدد سقف سعر برميل النفط الروسي عند 60 دولارا، لكنه فقد تأثيره بمجرد أن وجدت موسكو مشترين جددا وناقلات جديدة لصادراتها.
◙ لجنة الشؤون الأوروبية بمجلس اللوردات البريطاني أكدت تزايد الأدلة على تمكن روسيا من الالتفاف على الحظر
وتتزايد قناعة المحللين بأن الحظر الغربي على التجارة النفطية لروسيا، والتنفيذ الأكثر صرامة، قد يجد صعوبة في تقليص مصدر الدخل الرئيسي لها بفضل شهية العديد من الأسواق الرئيسية مثل الصين للخام بأسعار مخفضة.
ويؤكد التجار والمحللون والمسؤولون التنفيذيون في صناعة النفط أن تجارة "الخفية" للخام الروسي تتم عبر شبكات دفع ونقل موسعة، مما يجعل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يجدان صعوبة في الوصول إليها.
وهوت صادرات روسيا من النفط الخام المنقولة بحرا إلى الدول الأوروبية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا نهاية فبراير 2022.
وفقدت السوق، التي كانت تستهلك نحو 1.5 مليون برميل يوميا من النفط المشحون بحرا، القادم من محطات التصدير في بحري البلطيق والأسود والقطب الشمالي بشكل شبه كامل، لتحل محلها وجهات بعيدة المدى في آسيا أكثر تكلفة بكثير.
ومع ذلك، تُظهر تقييمات حديثة أن موسكو خفّضت من اعتمادها على سفن الشحن الغربية من خلال بناء ما يسمى بـ"أساطيل الظل" من الناقلات، إضافة إلى شراء سفن قديمة وتقديم خدمة التأمين لها.
وقالت لجنة الشؤون الأوروبية بمجلس اللوردات في تقرير جديد "نشعر بالقلق إزاء الأدلة المتزايدة على أن روسيا تمكنت من الالتفاف على العقوبات، بما في ذلك من خلال دول ثالثة وأساطيل ظل لناقلات النفط بدون تأمين".
وأضافت "هذه قضية تتطلب اتخاذ إجراء حاسم من قبل المملكة المتحدة وحلفائها"، طالبة من الحكومة تقديم "أمثلة محددة" بشكل مفصل لأي إجراءات تنفيذية محتملة.
ويُحظر على الشركات في الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في مجموعة السبع وأستراليا تقديم خدمات الشحن البحري، مثل التأمين، لصادرات النفط الروسية التي تتجاوز سقف الأسعار.
لكن كلية كييف للاقتصاد كانت أحدث مؤسسة تسلط الضوء على مدى قدرة روسيا على التحايل على هذه الآلية.
ففي تقريرها بعنوان "تتبع النفط الروسي" الذي صدر الشهر الماضي، قدرت أن "179 ناقلة محمّلة بالنفط من أسطول الظل الروسي غادرت الموانئ الروسية في نوفمبر 2023”.
وقبل شهر منذ ذلك، كان أسطول الظل مسؤولا عن تصدير حوالي 2.3 مليون برميل يوميا من النفط الخام و800 ألف برميل يوميا من المنتجات البترولية.
◙ 2.3 مليون برميل يوميا كان أسطول الظل مسؤولا عن شحنها وفق كلية كييف للاقتصاد
ورحبت لجنة مجلس اللوردات بالعقوبات الغربية المفروضة على موسكو، خاصة وأنها كانت "متوافقا عليها على نطاق واسع"، لكنها حذرت من "الاختلافات".
ولفتت إلى أن "الاختلاف بين أنظمة العقوبات يؤدي حكما إلى بروز ثغرات ومنافذ، ما يضعف من فاعليتها".
واستهلت شحنات الخام الروسية المنقولة بحرا العام 2024 بما ينسجم مع تعهد موسكو بخفض صادراتها كجزء من جهود أوبك+ الموسعة لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية.
وشحنت موسكو نحو 3.34 مليون برميل من النفط يوميا من موانئها خلال الأسابيع الأربعة حتى السابع من يناير الماضي، وفقا لبيانات تتبع الناقلات التي رصدتها بلومبرغ. وكان ذلك انخفاضا بمقدار 120 ألف برميل يوميا عن الفترة حتى نهاية ديسمبر.
وتراجع المتوسط الأسبوعي الأكثر تقلبا بمقدار 500 ألف برميل يوميا إلى 3.28 مليون برميل. وكان ذلك أقل بمقدار 300 ألف برميل من متوسط مستوى الصادرات الذي تم تسجيله خلال شهري مايو ويونيو الماضيين.
وتلك الفترة أساسية حيث تعتمد عليها موسكو لخفض صادراتها، الذي تعهدت به لشركائها في أوبك+ في الربع الأول لعام 2024.
وأكدت روسيا أنها ستعمّق تخفيضات صادراتها إلى نصف مليون برميل يوميا خلال الربع الأول من هذا العام بمستوى أقل من متوسط مايو ويونيو، بعد أن أعلنت السعودية أنها ستمدد خفض صادراتها منفردة بمقدار مليون برميل يوميا، وعدد من الأعضاء الآخرين.