العفو عن المعارضين الكويتيين قد يفسد العلاقة بين البرلمان والحكومة

قضية العفو عن المعارضين تشغل الأوساط السياسية في الكويت وسط توقعات بأن تجد طريقها إلى الحل في الفترة المقبلة.
الأحد 2021/02/07
قضية النواب المدانين تراوح مكانها

الكويت - يثير ملف العفو عن معارضين من النواب السابقين والناشطين السياسيين المدانين بأحكام مختلفة في الكويت، مخاوف من إفساد التعاون بين البرلمان والحكومة التي يسعى رئيس الوزراء المكلف لتشكيلها، في لحظة تواجه فيها البلاد واحدة من أسوأ الأزمات المالية.

وفي وقت يعكف فيه رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح على اختيار وزرائه، تعهد عدد كبير من النواب في حملاتهم الانتخابية بالدفاع عن هؤلاء المعارضين، الذين أدينوا في القضية المعروفة بدخول أو اقتحام مجلس الأمة أو في قضايا تتعلق بتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكان معظم هؤلاء المعارضين سافروا إلى تركيا أو بلدان أخرى، لكن عددا منهم رجعوا إلى الكويت ونفذوا "شروطا" شملت تسليم أنفسهم للسلطات، وقضاء جزء من عقوبة السجن وتقديم اعتذار مكتوب لأمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح.

وأصدر الأمير الراحل عفوا خاصا عمن استجاب لهذه الشروط، ومن هؤلاء النائبان السابقان وليد الطبطبائي وفهد الخنة.

وتعود وقائع قضية دخول أو اقتحام مجلس الأمة إلى نوفمبر 2011، حين اقتحم نواب وعدد من المتظاهرين القاعة الرئيسية في المجلس احتجاجا على أدائه، في ظل سيطرة النواب الموالين للحكومة عليه، وطالبوا باستقالة رئيس الوزراء آنذاك، الشيخ ناصر المحمد الصباح الذي اتهموه بالفساد، وهو ما ينفيه الشيخ ناصر.

ورغم استقالة الشيخ ناصر بعد أيام من هذه الواقعة وتعيين الشيخ جابر المبارك الصباح خلفا له وإجراء انتخابات نيابية عدة مرات، ظلت القضية متداولة في أروقة المحاكم إلى أن صدر بشأنها حكم محكمة التمييز، وهي أعلى محكمة، في نوفمبر 2017.

وقضت المحكمة بحبس عدد من المتهمين، بينهم النائبان جمعان الحربش ووليد الطبطبائي والمعارض البارز مسلم البراك.

الصيفي: أؤيد العفو الشامل بكل قوة
الصيفي: أؤيد العفو الشامل بكل قوة

وأبدى النائب الصيفي مبارك الصيفي أمله في أن يعفو أمير الكويت الجديد عن "النواب الزملاء" الموجودين في تركيا.

وقالت ثلاثة مصادر إن الغالبية العظمى من هؤلاء المدانين ليس لديهم مانع من الرجوع إلى البلاد وتسليم أنفسهم للسلطات وقضاء فترة من العقوبة، وتقديم اعتذار شفهي أو مكتوب، لكن "صيغة الاعتذار" المطروحة عليهم غير مرضية لهم حتى الآن.

وقال مصدران منهم إن محاولات سابقة جرت من أجل "تخفيف" صيغة الاعتذار، لكنها لم تكلل بالنجاح.

واعتبر مصدر ثالث أن حالة من التفاؤل سادت أوساط المعارضة بعد تولية أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح الحكم، بإمكانية تخفيف صيغة الاعتذار وطي الملف، لكن الوضع بقي على ما هو عليه حتى الآن.

وفي التاسع من ديسمبر الماضي وبعد ساعات من إعلان نتيجة الانتخابات، التي جرت في السادس من الشهر ذاته وفاز فيها نواب معارضون وتغير نحو ثلثي نواب البرلمان، اتفق 37 نائبا على عدد من الأولويات جاء في مقدمتها إقرار قانون العفو الشامل.

وبعدها بأيام تقدم خمسة نواب بأول اقتراح بقانون في مجلس الأمة الحالي يتعلق بالعفو الشامل عن هؤلاء.

وتعيش الكويت أجواء استقطاب بين الحكومة والنواب المعارضين الذين قدموا استجوابا لرئيس الوزراء في يناير، يتهمونه فيه بعدم التعاون مع البرلمان.

وأيد نحو 37 نائبا من أعضاء البرلمان الخمسين المنتخبين الاستجواب، وهو ما أسفر عن استقالة الحكومة وإعادة تكليف الشيخ صباح الخالد بتشكيل الحكومة الجديدة.

ومثلت تلك المواجهة بين الحكومة والبرلمان أول تحد يواجه أمير الكويت الذي تولى زمام الحكم في سبتمبر، بعد وفاة أخيه الشيخ صباح الأحمد. كما جاءت في لحظة يئن فيها اقتصاد البلاد المعتمد على النفط من هبوط أسعار الخام والتداعيات الناجمة عن انتشار فايروس كورونا.

يعطي الدستور أمير البلاد الحق في إصدار مرسوم بالعفو عن العقوبة أو تخفيفها، كما يعطي البرلمان سلطة إصدار العفو الشامل عن الجرائم المقترفة. ويمنح العفو الشامل الصادر من البرلمان المدانين إعفاء من العقوبة والآثار المترتبة عليها، بما يسمح لهم بخوض الانتخابات مرة أخرى، بينما لا يسمح لهم العفو الخاص بذلك.

وقد التقى رئيس الوزراء عددا من النواب الأسبوع الماضي، وقالت صحف محلية إن قضية العفو كانت حاضرة في الاجتماعات، وقد تجد طريقها إلى الحل في الفترة المقبلة. وتوقعت جريدة الجريدة أن يصدر عفو خاص من أمير البلاد يتزامن مع الأعياد الوطنية.

وبعد تكليف رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة أعلن النائب مساعد العارضي تقديم استجواب جديد له، لأنه "لم يتعاون في ملف العفو.. ولأن غير القادر على التصالح مع شعبه لا يستحق أن يدير حكومة".

ويقول النائب الصيفي إنه يؤيد "العفو الشامل بكل قوة"، وأضاف "نأمل من صاحب السمو أن يعفو عن الإخوة الزملاء (الموجودين في تركيا)، حيث إنهم لم يعتدوا على المال العام ولم يكونوا إلا مدافعين عن أبناء الوطن، وخوفهم على وطنهم هو الذي أدى بهم إلى قضية دخول المجلس".

كما قام نواب آخرون بطرح قضية خلية العبدلي التي أدين فيها إيراني وعدد من الكويتيين، بالتجسس لصالح إيران وجماعة حزب الله، بعد أن عثرت السلطات الكويتية بحوزتهم على أسلحة ومتفجرات في مداهمة استهدفت الخلية في 2015، وهو ما تسبب في تصعيد توترات طائفية في حينها.

وقال النائب عدنان عبدالصمد عقب لقاء رئيس الوزراء الأسبوع الماضي، "إذا كان هناك عفو شامل أو مصالحة فيجب أن تشمل الجميع بمن فيهم أعضاء ما يسمى 'خلية العبدلي'، فهؤلاء قضيتهم حيازة سلاح.. وهم لم يرتكبوا أي سلوك عدائي بهذه الأسلحة".

وتقدم هشام الصالح، عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان، باقتراح قانون يجيز العفو الشامل عن جميع الجرائم الجنائية والجنح والأفعال المجرمة قبل 31 ديسمبر 2020. واستثنى منه من ارتكب جريمة تستحق عقوبة مغلظة، كالقتل والاعتداء على المال العام وغسيل الأموال وجرائم أمن الدولة وغيرها.

وقال الصالح إن اقتراحه يشمل العفو عن النواب المعارضين والناشطين الموجودين في تركيا، وكذلك المدانين في قضية خلية العبدلي، والمدانين بسبب الإساءة لدول أخرى.

وفي الكثير من الأحيان يفرق النواب بين قضية المعارضين الموجودين في تركيا التي يدرجونها ضمن حرية التظاهر والرأي والتعبير، وقضية خلية العبدلي التي يعتبرونها تمس الأمن الوطني للبلاد.

وقال الصالح "من الناحية النظرية هذا الكلام صحيح، لكن الحكم على خلية العبدلي قائم على التحريات وهناك ملاحظات لدينا على هذه التحريات. ومن هذا الباب ندعو إلى العفو (عنهم)".

وأضاف "أنا مع العفو الشامل العام الذي يشمل الجميع.. حتى المدانين في الجرائم الجنائية.. لنشر التسامح وتخفيف الأعباء عن السجون".