العطل المدرسية تضاعف متاعب الآباء في رعاية أطفالهم

الأندية الصيفية متنفس جيد للطلاب وأهاليهم، لتحقيق هذه الغاية بشكل آمن وفاعل، ومع هذا فإن معظم الأسر تواجه مشكلات في توفير بيئة حاضنة للأبناء خلال العطلة.
الجمعة 2019/06/28
بعد الدراسة.. إلى الشارع

تواجه عدة أسر مشكلات كبيرة بمجرد حلول العطلات المدرسية وخاصة منها الصيفية كونها الأطول زمنيا، وفي أغلب المجتمعات العربية يحتار الآباء في كيفية ملء أوقات فراغ الأبناء، ومن هذه الناحية تواجه الأمهات العاملات صعوبات أكبر حيث لا يمكنهن أن يكن في المنزل لرعاية أطفالهن طيلة اليوم. وما يزيد الوضع تعقيدا غياب بدائل سواء كانت نوادي ترفيهية حكومية أو نوادي خاصة بتكلفة في متناول الجميع لكي تخفف عن الأسرة وتساهم في تلبية حاجة الترفيه عن النفس بالنسبة للأطفال.

عمان- تتجدد متاعب الأسر مع بداية كل عطلة صيفية لطلبة المدارس، وسط غياب شبه مطلق للفضاءات التي تنمي قدراتهم ومهاراتهم العقلية والجسدية، ذلك أن حاجة الأسر -كما تقول الغالبية منها- لا تقتصر على التعليم المدرسي فحسب وإنما تكمن أيضا في إيجاد بدائل في أوقات الفراغ ترفه عن الطفل وتنمي المهارات التي توازي في أهميتها التعليم المنهجي.

وتعد العطل المدرسية وخاصة منها الصيفية مناسبات للترفيه عن الطفل وفرصا لتنمية مهارات وقدرات الطلبة بعيدا عن مقاعد الدراسة، ويشير العديد من الخبراء إلى أن الأندية الصيفية متنفس جيد للطلاب وأهاليهم، لتحقيق هذه الغاية بشكل آمن وفاعل، ومع هذا فإن معظم الأسر تواجه مشكلات في توفير بيئة حاضنة للأبناء خلال العطلة الصيفية.

وتقول أم يزن “أنا أم عاملة وعادة ما يتضاعف قلقي مع اقتراب عطلة الصيف، نظرا إلى محدودية الدخل الذي لا يتيح لي إلحاق أبنائي بالأندية الصيفية الخاصة التي تتقاضى رسوما مرتفعة”.

وتوضح الأم في حديث لوكالة الأنباء الأردنية، أنها تواصلت مع نواد صيفية شبه مجانية تشرف عليها جهات حكومية، إلا أنها لا تتناسب مع وضعها الوظيفي لاقتصارها على يومين فقط في الأسبوع ولمدة ساعة أو ساعتين خلال النهار.

من جانبها تؤكد رئيسة قسم الإعلام في مركز زها الثقافي رها الحديد، أنه “من الصعب أن يغطي المركز حاجة الأهالي العاملين إلى مكان يؤوي أبناءهم خلال العطلة الصيفية أثناء وجودهم في العمل، بسبب غياب القدرة المادية للجميع”، مشيرة إلى أنه “ليس لدينا القدرة على استيعاب جميع أعداد الملتحقين في آن واحد، ولهذا اقتصر برنامج المركز على يومين أسبوعيا، ولمدة ساعة أو ساعة ونصف الساعة”.

وتقول أم أسامة إنها تبينت بعد أن تواصلت مع عدد كبير من الأندية الخاصة القريبة من مقر سكناها، إن “اِلتحاق طفل واحد يعني أن الأسرة ستدفع تقريبا راتبا كاملا للنادي”، داعية الحكومة إلى الضغط على الأندية الخاصة لخفض رسوم التسجيل لديها.

واعتبر الخبير التربوي ذوقان عبيدات أن تطبيق فكرة النوادي الصيفية بشكل متوازن يواجه مشكلات من حيث مراعاة حاجة المجتمع ومختلف شرائحه إلى هذه النوادي، ومن حيث تحقيق الغاية من استمتاع الطالب بالعطلة الصيفية وممارسة أنشطة حرة لينمي نفسه بعيدا عن الأجواء التقليدية والنمطية، مشددا على أهمية أن تحقق الأندية الصيفية التي تقيمها الجهات الحكومية ناتجا يساوي الكلفة المصروفة عليها، حتى لا تكون عبئا اقتصاديا على الدولة ومؤسساتها.

الأندية الصيفية فكرة تربوية سليمة يعتمد نجاحها على عوامل متعددة يجب أن تتوفر فيها
الأندية الصيفية فكرة تربوية سليمة يعتمد نجاحها على عوامل متعددة يجب أن تتوفر فيها

ونوه عبيدات إلى أن الأندية الصيفية فكرة تربوية سليمة يعتمد نجاحها على عوامل متعددة يجب أن تتوفر فيها، ونجاح الفكرة يتطلب جدية في ممارستها وتطبيقها، مؤكدا أن نجاح النادي الصيفي في أداء مهامه يعتمد على أربعة أمور أساسية؛ أولها: تأهيل المشرفين على النادي، ثانيا: وجود برنامج يومي لما سيمارسه الطلاب خلال تواجدهم بالنادي، ثالثا: وجود منهج عام ثابت له غايات يحققها بالنتيجة المطلقة، رابعا: وجود تقييم لنتائج النادي النهائية والبناء عليها في السنوات اللاحقة، وإذا غابت هذه الأمور ستكون الأندية الصيفية عبارة عن صفوف تقليدية يحبس فيها الطلاب والأطفال لتمضية الوقت دون فائدة تذكر.

ويتوجب وضع برنامج واضح تحققه الأندية الصيفية كما يروج له أمام الأهالي، فالهدف الأساسي منها هو تدريب الطلاب على الحوار وإنتاج أفكار جديدة ووضع خطط لمستقبلهم، لا أن يقتصر على الأنشطة السهلة والروتينية، التي لا تشكل فارقا في شخصية الطالب ولا تنمي مهاراته الذهنية والجسدية والنفسية، حسب الخبير التربوي.

وأكد مدير إدارة النشاطات التربوية في وزارة التربية والتعليم زيد أبوزيد أن لدى الوزارة تعليمات ناظمة لعمل الأندية الصيفية المدرسية، وهي تصدر تعميما سنويا للمؤسسات التعليمية يتضمن إجراءات يجب تطبيقها في هذه النوادي، وتتابع الوزارة عمل الأندية الصيفية، وتحثها كما المدارس الخاصة على عدم الترفيع في رسوم التسجيل في مختلف أنشطتها.

وأردف أبوزيد “نسعى إلى تطوير التعليمات التي صدرت بخصوص الأندية الصيفية عام 2002 وتحديد الأجور، بحيث تكون أجور النادي الصيفي جزءا من رسوم التسجيل المدرسي، أما الآن فعلاقة المدرسة مع ولي الأمر علاقة تعاقدية مباشرة والأندية الصيفية ليست ملزمة”.

وقال مدير دائرة المرافق الاجتماعية والرياضية بأمانة عمان الكبرى عبدالرؤوف الروابدة إن الأمانة تنشئ أندية صيفية للفئات العمرية فوق عمر 6 سنوات من خلال دوائر خاصة بها، مثل دائرة مرافق البرامج الاجتماعية ودائرة حديقة الملكة رانيا، إضافة إلى وحدة ذوي الإعاقات التي تقيم أندية خاصة بهذه الفئة، ومعظمها يقوم على مبدأ الكشافة والألعاب الرياضية، مؤكدا أن برامج هذه الأندية تركز على تعليم الملتحقين القيم الإيجابية، مع وجود برامج للشباب وكبار السن والمرأة.

وأشار الروابدة إلى وجود مدارس الواعدين للملتحقين الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و14 عاما، وهي مراكز رياضية لها نشاطات ممتدة طيلة السنة، لكن يتم تكثيفها أثناء العطلة الصيفية لتوفر وقت فراغ أكبر لدى الملتحقين، مع الحرص على تقديم خدمات مجانية لهم، كاللباس الرياضي وتقديم وجبات الطعام، والتجهيزات الأخرى كالتدفئة والتكييف المركزي.

وأفاد رئيس قسم الطفولة في أمانة عمان وائل البنا بأنه “لا يوجد حاليا برنامج يشمل الطفولة المبكرة من عمر 3 إلى 5 سنوات، لكن الأمانة بصدد دراسة برامج تشمل هذه الأعمار مستقبلا”، مضيفا أن برامج الأمانة للأندية الصيفية مقسمة على الفئات العمرية خلال النهار، فالفئة العمرية ما بين 6-12 سنة يبدأ برنامجها من الساعة 9 -11 صباحا، وفئة الشباب من 11-1 ظهرا وهكذا، فلا يوجد برنامج لنهار كامل للملتحق.

الهدف الأساسي من النوادي الصيفية هو تدريب الطلاب على الحوار وإنتاج أفكار جديدة، لا أن يقتصر على الأنشطة السهلة والروتينية، التي لا تشكل فارقا في شخصية الطالب

وتقول رئيسة قسم الإعلام ومديرة الإعلام بالوكالة في وزارة الشباب أماني المومني إن وزارة الشباب تنشئ أندية صيفية تستهدف الفئات العمرية ما بين 12- 24 عاما، وليس لديها برامج خاصة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن هذه الفئة، مشيرة إلى أنه يتم تقسيم هذه الفئات العمرية المتقاربة معا حتى لا تكون هناك فجوة بينهم.

وبينت المومني أن هناك معسكرات نهارية ومعسكرات مبيت تبدأ من الأحد وتتواصل إلى الخميس، حيث يتم تأمين إقامة كاملة للملتحقين في كل المحافظات، مع تأمين المواصلات. وتقدم برامج متنوعة مثل الكشافة وأنماط الحياة الصحية وبرامج العمل التطوعي والتفكير والإبداع، ويصل عدد أنواع البرامج إلى 12 نوعا، ويشارك فيها الشباب بناء على رغباتهم.

أما البرامج النهارية فتنفذ من خلال المراكز الشبابية التابعة للمديريات، وتقام على مدار أربعة أيام لكن دون مبيت، وتركز على النشاطات الرياضية والتدريب المهني، وهي مفتوحة لكل من تتراوح أعمارهم بين 12 و24 سنة مجانا، ويتم التسجيل فيها إلكترونيا على موقع الوزارة.

ولا تحل هذه الخدمات مشكلات الأسر الأردنية خاصة منها التي بها أمهات عاملات حيث تتواصل الحيرة في كيفية ملء أوقات الأبناء طيلة اليوم دون الضغط عليهم وحبسهم في فضاءات مغلقة وحرمانهم من الترفيه والفائدة في نفس الوقت.

21