العصيان المدني في السودان يمتدّ من الشعب إلى مؤسسات الدولة

الخرطوم – امتد الغضب الشعبي، بعد الانقلاب الذي قاده قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان على شركائه المدنيين، من الشارع إلى المؤسسات الرسمية في البلاد ومسؤوليها.
ودان وزراء وسفراء وولاة سودانيون، داخل البلاد وخارجها، انقلاب العسكريين، وأبوا أن يعترفوا سوى بالحكومة "الشرعية" التي أقالها البرهان وأوقف معظم وزرائها.
ودفع الانقلاب عدة دبلوماسيين إلى الانشقاق ودعم المتظاهرين، ومن بينهم نورالدين ساتي سفير السودان لدى الولايات المتحدة منذ 2020.
ولم يخش بعض السفراء من التعبير علنا عن موقفهم الرافض للانقلاب العسكري، عبر نشر مقاطع فيديو لهم أو استعراض آرائهم مكتوبة على منصات التواصل الاجتماعي.
ورد البرهان بإقالة ستة من سفراء البلاد بينهم سفراء الولايات المتحدة والصين وفرنسا وسويسرا وقطر.
ورد سفير السودان لدى سويسرا ومندوبها الدائم بمكتب الأمم المتحدة علي بن أبي طالب الجندي على قرار البرهان في شريط فيديو من دقيقتين، قائلا "هذا القرار الصادر عن السلطة الانقلابية غير شرعي وغير دستوري ولن أمتثل له".
وأكد "سأقاومه (قرار الإقالة) بكل السبل القانونية بسويسرا حتى عودة السلطة الشرعية التي يرتضيها الشعب، الذي يواجه حاليا أبشع أشكال القمع والتنكيل لرفضه الانقلاب".
ونقلت صفحة وزارة الثقافة والإعلام بيانا لوزارة الخارجية أكدت فيه أن "السفراء الرافضين للانقلاب العسكري وتقويض الفترة الانتقالية، هم الممثلون الشرعيون لحكومة السودان".
واعتبرت أن "كل القرارات الصادرة من قائد الجيش (البرهان) غير شرعية ولا يسندها الدستور".
ونقلت الصفحة عن مريم الصادق المهدي وزيرة الخارجية المقالة وأحد الوزراء المدنيين القلائل الذين لم يتم توقيفهم، "أفتخر بسفراء السودان الذين أتوا من رحم ثورة الشعب المجيدة وصمودها الباسل، وكل سفير حر رفض الانقلاب نصرا للثورة".

وهناك من لم يخف رغبته من وزراء الحكومة المقالة في نقل السلطة إلى المدنيين حتى قبل وقوع الانقلاب بأيام، إذ شارك وزير الصناعة والسياسي البارز إبراهيم الشيخ في تظاهرة حاشدة للمطالبة بحكم مدني، قبل أن يتم توقيفه من قبل الجيش في الساعات الأولى من صباح الاثنين.
والشيخ هو أحد وزراء "قوى الحرية والتغيير"، الائتلاف الذي تزعم حركة الاحتجاجات ضد البشير والإطاحة به. وقد أصدروا بيانا الخميس أعلنوا فيه "رفضنا التام والقطعي للانقلاب العسكري (..) وندعو جماهير شعبنا إلى مواصلة التظاهر السلمي والعصيان المدني حتى إسقاط الانقلاب العسكري واستعادة الشرعية الدستورية".
وحملت وزارة الثقافة والإعلام السودانية والمقالة لواء معارضة الانقلاب، وسخّرت صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك لنشر بيانات وتصريحات المسؤولين المناهضة لقرارات العسكريين، وأرفقت وسم #الردة_مستحيلة مع جميع منشوراتها.
وكان من أول المنشورات على صفحتها صباح الاثنين الذي أعلن فيه البرهان عن قراراته، عن "اعتقال" رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك ومعظم وزراء الحكومة من المدنيين.
ولطالما كان شعار "الردة مستحيلة" يسهم في شحن المحتجين منذ احتجاجات 2019/2018 الشعبية، التي نتج عنها في أبريل 2019 سقوط البشير، وتشكيل مجلس سيادة يتقاسمه العسكريون والمدنيون لإدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية.
وتتصدر ولاية الخرطوم صفوف المحتجين ضد الانقلاب وتم توقيف واليها. وقد نشرت بيانا عبر منصة وزارة الثقافة والإعلام على فيسبوك "اتفق مدراء ووزارات حكومة ولاية الخرطوم، على إدانة الانقلاب العسكري مع الرفض التام للرجوع إلى عهد الردة والوقوف ضد رغبة السودانيين".
وأكدت الولاية أنها "ستعمل على توفير وانسياب السلع الاستراتيجية: الدقيق والغاز، واستمرارية العمل بطوارئ المستشفيات، مع التأكيد على الإضراب السياسي والعصيان المدني".