العراق يُطور مرافقه النفطية على الخليج لزيادة التصدير

يسعى العراق لاستثمار الفورة النفطية الحالية عبر توسعة البنية التحتية لمرافقه المطلة على الخليج العربي ودعمها بشكل أكبر، خاصة موانئه، والتي يجري عبرها تصدير غالبية الخام، أملا في زيادة طاقة التصدير في السنوات المقبلة وجني المزيد من العوائد.
بغداد - تبذل الحكومة العراقية جهودا لتحسين أداء وموارد الموانئ التقليدية القديمة في جنوب البلاد ومن بينها ميناء خور العميّة، والذي سيشهد بناء أنبوب جديد لضخ الخام إلى الأسواق العالمية.
وقال وزير النفط حيان عبدالغني مساء الأحد الماضي إن بلده “يخطط لتنفيذ الأنبوب البحري الثالث لتعزيز وزيادة الطاقات التصديرية للخام بنحو 500 ألف برميل يوميا من المنافذ التصديرية المطلة على الخليج في مدينة البصرة”.
ولم يذكر عبدالغني، وهو نائب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية الرسمية تفاصيل حول تشييد الخط سواء من حيث الكلفة الاستثمارية أو الجهة المنفذة.
ويُفترض أن يتم إنشاء الأنبوب في خور العمية القريب من ميناء البصرة البحري الأكبر بكثير، والذي يضم العديد من الأرصفة ونقاط الرسو.
وتأخر تنفيذ هذا المشروع لأشهر بسبب العديد من العوامل المتداخلة. وكانت بغداد قد أعلنت عنه في مايو العام الماضي وأكدت في ذلك الوقت أنه سيكون جاهزا للعمل مع نهاية 2023.
وفي أغسطس 2019 أفاد مسؤولون أن العراق كان على وشك إبرام اتفاق مع شركتي النفط بي.بي وإيني بشأن مشروع خط أنابيب مُخصص للتصدير كان من المخطط في الأصل أن يكون جزءا من صفقة ضخمة مع شركة النفط الأميركية العملاقة إكسون موبيل.
وذكر المسؤولون حينها أنه بموجب اتفاق مقترح بقيمة حوالي 400 مليون دولار، ستقوم بي.بي وإيني بإدارة مخطط لبناء خطي أنابيب بحريين لتصدير النفط من جنوب العراق عبر الخليج.
وشمل المشروع الذي بحثه العراق مع بي.بي وإيني استبدال خطي أنابيب بحريين قديمين، بما في ذلك خط متوقف ينقل الخام إلى مرفأ خور العمية.
وقال مسؤولون نفطيون إن عمليات التحميل توقفت في خور العمية منذ 2017 بعد أن عانى خط الأنابيب من كسور وتسريبات، وتعين إغلاقه، فيما يعمل خط الأنابيب الآخر بطاقة جزئية لشحن النفط الخام إلى مرفأ البصرة البحري.
وكانت أعمال خطوط الأنابيب من المخطط أن تكون جزءا من مشروع أكبر بقيمة 53 مليار دولار بدا أن إكسون تستعد للمضي فيه قدما مطلع 2019، لكن اتفاقا مع بغداد توقف بفعل خلافات تعاقدية ومخاوف بشأن الأمن.
والمشروع العملاق البالغ عمره 30 عاما كان محور خطط إكسون للتوسع في العراق العضو البارز بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، حيث اعتبرت الشركة الأميركية أن تجزئة المخططات من الصفقة قد يؤثر سلبا على طموحاتها.
وبعد عامين أكدت بغداد أنها تخطط لتطوير المنافذ التجارية البحرية من أجل زيادة قدرات الموانئ، لاستيعاب الارتفاع المتوقع في صادرات النفط في غضون السنوات القليلة المقبلة.
وأعلنت الشركة العامة لموانئ العراق، وهي السلطة البحرية المسؤولة بموجب القانون عن إدارة كافة موانئ البلاد، في بيان حينها اعتزامها “تطوير الموانئ النفطية وزيادة الطاقة الإنتاجية فيها”، مشيرة إلى أن ذلك يتطلب تأمينها من حيث إجراءات السلامة.
1.2
مليار برميل صدّرها البلد العام الماضي، أي بمتوسط يقدّر بنحو 3.3 مليون برميل يوميا
وتريد بغداد تنويع منافذها التصديرية للخام والمشتقات النفطية، عبر موانئها المطلة على الخليج ضمن خطة كانت قد أعلنت عنها حكومة مصطفى الكاظمي، تهدف إلى زيادة الصادرات من 3.5 مليون برميل حاليا بموجب اتفاق أوبك+ إلى 6 ملايين بعد 2023.
ويملك العراق 5 موانئ تجارية مرتبطة بالخليج، فإلى جانب المعقل الخارج عن الخدمة، هناك أربعة أخرى هي أم قصر الشمالي وأم قصر الجنوبي وخور الزبير وأبوفلوس.
لكن بغداد تعمل على إنجاز ميناء الفاو الكبير الذي يشكل نقلة نوعية كبرى بسبب موقعه الإستراتيجي ومدخله إلى مياه الخليج العميقة، التي تسمح باستقبال السفن الكبيرة.
وتجاوزت عائدات البلاد من النفط 115 مليار دولار سنة 2022 مع ارتفاع أسعار النفط والطلب العالمي. وكان هذا المستوى الأعلى خلال أربع سنوات إثر انخفاض الطلب أثناء أزمة الجائحة حين لم تتجاوز العائدات النفطية العراقية 42 مليار دولار.
ويدفع ارتفاع عوائد بيع النفط وتحسن أرقام أداء الاقتصاد العراقي المتابعين إلى النظر بعين التفاؤل في إمكانية استثمار الفوائض المالية المتوقعة في أوجه كانت بعيدة عن الحكومات السابقة التي علقت بها سلبيات سوء الإدارة وإهدار المال العام.
ويبقى العراق ثاني أكبر منتج للنفط من دول أوبك، ويوفر إنتاجه 90 في المئة من دخل البلاد. وقد صدّر أكثر من 1.2 مليار برميل في العام الماضي، أي بمتوسط يقدّر بحوالي 3.3 مليون برميل يوميا.
ويعتمد البلد كثيرا على صادراته النفطية مع تواصل التحديات الاقتصادية والصراعات، مما خلق الحاجة إلى ضخّ استثمارات كبيرة في بنية البلاد التحتية.

وفي فبراير 2020 أعلنت وزارة النفط تفاصيل خططها الاستكشافية للنفط والغاز، التي قالت إنها نفذت بالفعل جانبا منها، وإنها ستوسع أعمال الاستكشاف في الفترة المقبلة بالتعاون مع مجموعة من شركات الطاقة العالمية.
وأكد المتحدث باسم الوزارة عاصم جهاد في مؤتمر للطاقة في بغداد حينها أن المؤشرات ترجح أن بلده يملك مخزونا نفطيا يزيد على 500 مليار برميل، وهو ما يعني امتلاكه لأكبر الاحتياطات العالمية.
وتشير تقديرات المؤسسات العالمية والحكومة العراقية إلى أن احتياطات البلاد المؤكدة تصل إلى 153 مليار برميل، وتحتل بموجبها المركز الخامس عالميا.
ولم يكن جديدا إثارة الحديث عن حجم الاحتياطات العراقية حيث سبق أن أشار الكثير من الخبراء إلى تقديرها بأكثر من نصف تريليون برميل، بسبب كثرة الحقول التي لم يتم استكشافها وتقدير احتياطاتها حتى الآن.
وتظهر تقديرات البنك الدولي أن فنزويلا تتصدر دول العالم باحتياطات تصل إلى 302 مليار برميل تليها السعودية بنحو 267 مليارا. ووضعت العراق في المركز الخامس بنحو 145 مليار برميل.
ولا تزال معظم احتياطات الطاقة العراقية غير مستكشفة بعد عقود من الحروب والصراعات والفوضى السياسية رغم تدفق النفط في سيول من مناطق لم تصلها أعمال التنقيب.
ويعرف العراقيون أن مناطق شاسعة في محافظة الأنبار، التي تمثل نحو ثلث مساحة البلاد تعوم على بحار من النفط الذي يتدفق تلقائيا في الكثير من المناطق، كما تضم حقل عكاز، أكبر حقول الغاز في العراق.