العراق يوسع حملة ملاحقة المؤثرين بتهمة "المحتوى الهابط"

بغداد - ألقت الشرطة العراقية القبض على البلوغر رزان محمد والمغني الشعبي وسام الساهر بتهمة نشر محتوى هابط على مواقع التواصل الاجتماعي، في حملة بدأت منذ أشهر لتوقيف شخصيات اشتهرت بنشر موضوعات اعتبرتها السلطة “مسيئة”، وتثير جدلا واسعا بشأن تعريف توسيع نطاقها.
وأوضحت الشرطة أن هذا القرار جاء بعد سيل من الانتقادات التي تلقتها بسبب الصور ومقاطع الفيديو الاستعراضية التي تنشرها البلوغر عبر حسابها الرسمي الذي يحظى بنصف مليون متابع.
وجاء توقيف رزان بعد إجراءات لجنة المحتوى الهابط في وزارة الداخلية، ومن خلال الجهد الأمني الفني ووفقًا لأوامر قبض صادرة عن القضاء العراقي.
وتتيح وزارة الداخلية العراقية لمواطنيها الإبلاغ بشكل إلكتروني عن أي محتوى مخالف، مع تزايد انتقادات المواطنين لِما يقدمه الكثير من المشاهير.
ويرى العديد من الناشطين أن مفهوم “المحتوى الهابط” غير محدد من قبل السلطات العراقية وهو غامض وغير مفهوم، وسط دعوات لتعريفه وتوضيحه.
♣ الكثير من الناشطين يرون أن مفهوم "المحتوى الهابط" غير محدد من قبل السلطات، وسط دعوات لتعريفه وتوضيحه
واعتبر البعض أن الطبقة السياسية الحاكمة كرّست لغة الكراهية تحت يافطة الدين ضد مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي بشتى الطرق، بداية من الجيوش الإلكترونية وصولا إلى توصية بعض رجال الدين بالحديث عن الفاشينستات والتحريض ضدهن في المجالس والمنابر والخطب الدينية، وجعلت منهن شياطين يهدّمن قيم المجتمع وأخلاقه ويتسبّبن في انحلاله، حتى وصل الأمر إلى شن حملة “مكافحة المحتوى الهابط”.
ومنذ تدشين الحملة جرى اعتقال العشرات من النساء، ومعظمهن من الفاشينستات، فيما اعتقل عدد قليل جدا من الرجال، آخرهم مغني الحفلات الشعبية وسام الساهر الذي أفاد مصدر مطلع الاثنين بإصدار القضاء العراقي قرار حبسه بتهمة المحتوى الهابط.
وقال المصدر إنه “من خلال المتابعة المكثفة والتدقيق وبعد إجراءات لجنة المحتوى الهابط في وزارة الداخلية أصدر القضاء العراقي حكما بحبس المدان المدعو وسام الساهر أربعة أشهر بتهمة المحتوى الهابط.”
ووسام الساهر هو مغن يحيي حفلات شعبية مثل الأعراس وغيرها وبرز خلال الفترة الماضية في وسائل التواصل الاجتماعي وبدأ تداول مقاطعه على نحو واسع.
وكانت لجنة المحتوى الهابط في وزارة الداخلية أعلنت في 27 ديسمبر 2024 عن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق وسام الساهر بتهمة نشر محتوى يندرج ضمن “المحتوى الهابط”.
وكشف مدونون عن قلقهم البالغ إزاء الحملة الأخيرة التي قامت بها السلطات العراقية؛ إذ يرى أغلبهم أن الحملة بداية لما سمّوه “سياسة تكميم الأفواه”، حيث تداولوا كتاب مجلس القضاء الأعلى المتضمن نصه أن يمنع الإساءة إلى المؤسسات، واعتبروا أن أيّ نقد لعمل المؤسسات قد يعرض صاحب النقد للاعتقال والملاحقة القانونية.
وأعرب نشطاء ومدافعون عن حقوق الإنسان عن مخاوفهم من احتمال أن تكون هذه الإجراءات تمهيدا لحملات موسعة تستهدف كل الذين يختلفون في الرأي مع السلطات أو موظفي الخدمة العامة أو يعبرون عن آرائهم بطرق سلمية وفقاً لما كفله الدستور العراقي في المادة 38.
وبحسب خبراء في القانون فإن حملة مكافحة المحتوى الهابط غير قانونية بالمطلق؛ لأنها تتنافى مع الدستور العراقي أولا، ومع مادة مبادئ الديمقراطية التي كفلها الدستور ثانيا، ومع مادة حرية الرأي والتعبير ثالثا، ولا وجود لأيّ مادة قانونية صريحة يمكن الاستناد إليها لتنفيذ الحملة.