العراق يفتح أبواب الاكتفاء الذاتي من منتجات التكرير

إعادة تشغيل أكبر مصافي البلاد في بيجي بعد توقف استمر لعقد من الزمن.
السبت 2024/02/24
الرحلة لا تزال طويلة.. ننتظر ونرى!

فتح العراق أبواب التفاؤل نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية بعد عودة أكبر مصافي البلاد إلى العمل رغم أن قدرتها أقل مما كانت عليه قبل تدميرها خلال الحرب على داعش، وسط جهود لترميم كافة المصافي المتوقفة وبناء أخرى جديدة مستقبلا.

صلاح الدين (العراق) - أعاد العراق الجمعة تشغيل مصفاة الشمال في بيجي الواقعة في محافظة صلاح الدين شمال العاصمة بغداد بعد إغلاقها لأكثر من عقد من الزمن، مما يترجم خطط الحكومة في دعم قدرات التكرير خلال المرحلة المقبلة.

وسيطر داعش على المصفاة، التي ستبلغ طاقة إنتاجها 150 ألف برميل يوميا، في عام 2014 وتعرضت لأضرار بالغة في القتال بين التنظيم وقوات الأمن العراقية التي تمكنت من استعادتها.

وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، في بيان مقتضب نشره على حسابه في فيسبوك أن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، افتتح مصفى الشمال في بيجي بعد إعادة تأهيله، وتوقف دام أكثر من 10 سنوات".

وقال السوداني خلال افتتاح المصفاة "مع هذا المنجز نقترب من تأمين كامل احتياجات البلد من المشتقات النفطية، في موعد أقصاه منتصف العام المقبل".

وأضاف "سيوفر لنا ذلك مليارات الدولارات التي ستوظف في جوانب خدمية واقتصادية أخرى عبر التوقف عن الاستيراد".

وتكمن أهمية مصفاة بيجي في كونها الأكبر من حيث قدرات التكرير حيث تستحوذ لوحدها على ثلث الإنتاج، وتبلغ طاقتها 15 مليون طن سنويا من المشتقات النفطية تقريبا.

محمد شياع السوداني: تأمين كامل احتياجاتنا في موعد أقصاه منتصف 2025
محمد شياع السوداني: تأمين كامل احتياجاتنا في موعد أقصاه منتصف 2025

وبلغت طاقة المصفاة قبل توقفها حوالي 310 آلاف برميل يوميا. ورغم أن قدرتها الحالية ستكون أقل بمقدار النصف قياسا بما كانت عليه قبل عقد، لكن ستعمل على تجسيد خطط الحكومة مع اقتراب إعادة تشغيل مصفاة الدورة أيضا.

وكثف العراق خطواته لبلوغ نقطة الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية من خلال زيادة المشاريع المتعلقة بتطوير المصافي مع إعادة تشغيل المدمرة منها بعد إعادة تأهيلها وأغلبها يقع في شمال البلاد.

وتعمل الحكومة على تقليص توريد المشتقات بشكل تدريجي، والذي يكلف سنويا قرابة 3.3 مليار دولار، حتى الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه الموارد.

ويستورد العراق مشتقات النفط من الوقود وغيرها، جراء ضعف البنية التحتية الخاصة بالتكرير نتيجة الحروب المتعاقبة والفساد، رغم أن البلد يعد ثاني أكبر مصدّر للنفط في منظمة أوبك.

وينتج العراق خاما بكميات تبلغ نحو 4.25 ملايين برميل يوميا، لكنه ملزم بتصدير قرابة 3.2 ملايين برميل وفق اتفاق تحالف أوبك+.

وتشير بيانات السوق إلى أن العراق غير منتظم في الالتزام بحصته ضمن أوبك+، في ظل مواجهته ضغوطا مالية قوية وحرصه على استمرار إيراداته.

ومع ذلك، يطمح المسؤولون لبناء مصاف جديدة بعد أن تقلصت طاقة التكرير بشدة جراء الأضرار التي لحقت بمصفاة بيجي.

وسبق أن أكد المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد أن الوزارة تعمل على أكثر من محور في إنشاء وإضافة وحدات جديدة والتي تحسن من نوعية المنتجات وتزيد الإنتاج.

وأوضح أنه من بين المحاور التي يتم العمل عليها هو طرح مجموعة من المصافي إلى الاستثمار وفسح المجال أمام القطاع الخاص لإنشاء مصافي جديدة ما يسمح بتحقيق الاكتفاء الذاتي وأن يتحول العراق إلى بلد مصدر.

ومع أن الاستهلاك الداخلي يحتاج ما بين 700 إلى 800 ألف برميل يوميا من البنزين والديزل وزيت الغاز، لكن القدرة الحالية ستبلغ 620 ألف برميل يوميا.

وتظهر الأرقام الرسمية أن المصافي الجنوبية النشطة تنتج قرابة 280 ألف برميل يوميا بعد زيادة طاقتها بواقع 70 ألف برميل يوميا.

وحتى مع إضافة طاقة إنتاج مصفاة كربلاء، التي تم تدشينها العام الماضي بقدرة 140 ألف برميل يوميا، وإنتاج مصافي صلاح الدين البالغ نحو 280 ألف برميل يوميا باعتبار إنتاج مصفاة بيجي، فإنها لا تكفي لتغطية الطلب المحلي المتنامي.

وخفض إنتاج مصفاة كربلاء من احتياجات الطلب المحلي على المحروقات إلى النصف تقريبا، أي من 15 مليون لتر يوميا إلى نحو سبعة ملايين لتر يوميا.

وخلال الأشهر الماضية كان ثمة نقص في كميات البنزين وزيت الغاز، إلا أنه بعد دخول الوحدة الرابعة في مصافي الشمال، بالإضافة إلى إنتاج مصافي كربلاء فسيحقق العراق الاكتفاء الذاتي من البنزين وزيت الغاز.

◙ الحكومة تعمل على تقليص توريد المشتقات بشكل تدريجي والذي يكلف سنويا قرابة 3.3 مليار دولار حتى الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي

ومن المرجح أن تساعد الخطة على تغطية الطلب المحلي وفي مرحلة لاحقا تصدير الفائض مما قد يدر عوائد إضافية لخزينة الدولة يمكن الاستفادة منها في عملية التنمية التي لا تزال تسير ببطء رغم كل المساعي.

ومن المتوقع أن تكون هناك قدرة إضافية خلال 2024 في إنتاج المصافي من الوقود مع تحقيق فائض عن الحاجة من الممكن تصديره، بالإضافة إلى تصدير الغاز السائل بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي".

وسرعت الأزمة المالية التي مر بها البلد قبل انتعاش أسعار النفط عقب اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية مطلع 2022 في تحويل أنظار العراق نحو تحسين خبراته وشراكاته لتنمية نشاط التكرير وتحسين جودة المشتقات النفطية.

ففي أكتوبر 2020 دعمت الحكومة خطواتها الطامحة إلى تقليل واردات المشتقات البترولية عبر توقيع اتفاقية مع شركة جي.جي.سي اليابانية لتحسين المنتجات البترولية الصديقة للبيئة ورفع الطاقة الإنتاجية في مصافي الجنوب وتقديم التكنولوجيا الحديثة للقطاع.

وسبق أن وقعت وزارة النفط في 2018 اتفاقا لبناء مصفاة نفطية قرب مدينة كركوك شمال البلاد بطاقة تبلغ 70 ألف برميل يوميا.

وذكرت حينها أن الاتفاق تم توقيعه مع شركة رانية الدولية، ومقرها إقليم كردستان شبه المستقل، وأن الشركة ستكون مستثمرا في المصفاة التي ستنتج البنزين المحسن عالي الأوكتان وبعض المنتجات البترولية الأخرى

وجاء مشروع مصفاة كركوك بعد الإعلان عن خطط لبناء مصفاة في ميناء الفاو، وثلاث مصاف أخرى في منطقة الناصرية جنوب العراق وفي محافظة الأنبار غرب البلاد وفي القيارة قرب مدينة الموصل شمال العراق.

وقبل ذلك، أبرمت الحكومة العراقية اتفاقا مع شركتي باور تشاينا ونركو الصينيتين لتشييد مصفاة للنفط بطاقة 300 ألف برميل يوميا ومجمع للبتروكيمياويات في محافظة البصرة.

11