العراق يعتزم تطوير شبكة سكك الحديد بعد سنوات من التلكؤ

بغداد - تبذل السلطات العراقية جهودا باتجاه تحديث وتوسعة شبكة سكة الحديد أملا في تحقيق مشروعها الطموح لدعم البنية التحتية للنقل وتأهيل الخدمات المرتبطة بها، في محاولة لدفع السياحة وإنعاش المبادلات التجارية.
وكشفت بغداد الثلاثاء عن خطة طال انتظارها للربط عبر السكك الحديدية مع إيران، بهدف إيجاد منافذ جديدة في إطار جهود لإحياء اقتصاد قوضته عقود من الأزمات.
وأكد ناصر الأسدي، مستشار كبير في مجال النقل، أن بلاده تتطلع إلى استكمال أول خط لسكك الحديد يربطها بجارتها إيران، مما يسهم بشكل كبير في تسهيل نقل الملايين من الزوار للمزارات الشيعية في العراق كل عام.
وتعد خطة كهذه ليست بجديدة، فقد أعلنت الحكومة في صيف 2019 أنها تدرس إنجاز جزء كبير من شبكة سكك الحديد، بعد أن تعرض قسم كبير منها للتدمير والإهمال جراء الحروب المتعاقبة والحصار على مدى عقود.
وتضرر جزء كبير من البنى التحتية للشبكة الحديدية المستخدمة لأغراض تجارية ومدنية التي تعاني في الأساس من التقادم منذ الغزو الأميركي في 2003، والذي انتهى بالإطاحة بحكم صدام حسين.
وبدت معالم دمار الشبكة واضحة في مدينة الموصل بعد سيطرة تنظيم داعش المتطرف عليها في صيف 2014 قبل طرده منها في 2017.
ولدى بغداد طموحات للربط عبر السكك الحديد مع ثلاث دول هي تركيا وإيران والأردن لإيجاد منافذ اقتصادية جديدة بما يعزز من معدلات التبادل التجاري التي تراجعت كثيرا منذ الغزو.
وقدرت مصادر عراقية احتياجات الشركة العامة لسكك حديد العراق الحكومية بحوالي 60 مليار دولار لتنفيذ ربط العراق بدول الجوار بشبكة السكك الحديد.
ويمتد خط سكك الحديد الذي يبلغ طوله 30 كيلومترا من مدينة البصرة إلى بلدة شلمجة الحدودية مع إيران، ما يزيد من الروابط بين البلدين التي توطدت بعد الغزو الأميركي وما تلا ذلك من زيادة نفوذ الأحزاب الشيعية الموالية لطهران في بغداد.
وقال الأسدي مستشار رئيس الوزراء في تصريحات لرويترز “من المتوقع أن نرى تحرك القطارات خلال 18 شهرا تقريبا بسبب قصر المسافة” لكنه لم يذكر التكلفة. بيد أن التقديرات تشير إلى أنها تبلغ قرابة 150 مليون دولار.
وأضاف أن “الحكومة تعتزم أيضا مد خط لمترو الأنفاق بين كربلاء والنجف اللتين تمثلان مقرا لرجال الدين الشيعة في العراق”.
وخاض العراق وإيران حربا دامية استمرت ثماني سنوات في ثمانينات القرن الماضي، وزُرع خلالها عدد كبير من الألغام في جزء كبير من المنطقة الحدودية بين البلدين.
احتياجات الشركة العامة لسكك حديد العراق الحكومية لتنفيذ ربط العراق بدول الجوار بشبكة السكك الحديد تقدر بحوالي 60 مليار دولار
لكن منذ أن أطاحت الولايات المتحدة بصدام حسين عام 2003 أصبحت الأحزاب الشيعية المقربة من طهران ذات تأثير سياسي كبير في بغداد وزادت العلاقات الاقتصادية والدينية بين البلدين.
وقال الأسدي إن “العمل جار لتطهير المنطقة قبل بدء العمل على الأرض لإنشاء خط السكك الحديدية”.
ويشارك نحو 20 مليون مسلم معظمهم من الشيعة كل عام في إحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين في مدينة كربلاء سيرا على الأقدام، فيما يقود البعض سياراتهم أو يستقلون حافلات مكتظة بالركاب، مما يزيد من عدد الحوادث.
وقال الأسدي إن “خط السكك الحديدية سيقلل من مخاطر وقوع مثل هذه الحوادث وسيسمح للعراق بالاستفادة ماليا من مبيعات تذاكر السفر”.
وكانت بغداد قد أبرمت مع طهران في أبريل 2015 اتفاقا للربط بين البلدين عبر خطوط السكك الحديد بهدف تسهيل نقل البضائع والأشخاص.
وتقول الحكومة إن المشروع يتحمل تكلفته الجانب العراقي باستثناء الجسر الثابت، الذي من المقرر أن يمر فوق شط العرب ضمن تلك المسافة والذي سيتكفل الإيرانيون بتحمل تكلفة تشييده.
محللون يرجحون تخلف طهران عن تنفيذ وعودها لاسيما وأنها تمر بظروف اقتصادية قاسية مع تضييق هامش المناورة عليها نتيجة العقوبات الأميركية القاسية
ويرجح محللون تخلف طهران عن تنفيذ وعودها لاسيما وأنها تمر بظروف اقتصادية قاسية مع تضييق هامش المناورة عليها نتيجة العقوبات الأميركية القاسية.
وتم تأهيل خط الموصل – بغداد ليتم ربطه بتركيا خلال المرحلة المقبلة وإصلاح خط بغداد – القائم في محافظة الأنبار غربي البلاد لربطه مع الأردن.
ووقع العراق والأردن عام 2012 مذكرة تفاهم تضمنت إنشاء خط السكك الحديد بين العقبة وبغداد، لكن بغداد لم تستطع تأمين التمويل اللازم لبدء تنفيذ المشروع، بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد.
ويأتي هذا المشروع ضمن خطة تطوير كبيرة لقطاع النقل أطلقتها الحكومة وتشمل تجديد مطار بغداد الدولي ومشروعا خدميا للسكك الحديدية والطرق بطول 1200 كيلومتر يمتد من ميناء رئيسي للسلع في الجنوب إلى حدود العراق مع تركيا.
وفي فبراير الماضي، أعلنت الشركة العامة لسكك حديد العراق أن البلاد ستشهد لأول مرة تسيير قطارات بسرعة 300 كيلومتر في الساعة وأخرى كهربائية.
وقال المدير العام للشركة يونس خالد الكعبي إن “هناك أكثر من خطة ومشروع أولها تعزيز خط سكك حديد بغداد – كربلاء الحالي”.