العراق يطوي ملف غزو الكويت ويخرج من طائلة الفصل السابع

الرئيس العراقي يرحب بقرار مجلس الأمن الدولي إغلاق ملف التعويضات، معتبرا أنه طي لفصل رهيب من الحرب العبثية لنظام الاستبداد.
الأربعاء 2022/02/23
العراق التزم بتسديد التعويضات المترتبة على الحرب التي شنها صدام على الكويت عام 1990

بغداد – أعلن العراق طيه صفحة مهمة من تاريخه استمرت ثلاثة عقود، بعد إغلاق ملف التعويضات للكويت، ليدشن أخرى جديدة من تاريخه الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي تعزز دوره الإقليمي والدولي وسط ترحيب محلي وعربي ودولي.

وأصدر مجلس الأمن الدولي الثلاثاء بالإجماع قرارا أنهى بموجبه رسميا تفويض "لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتعويضات عن الأضرار الناجمة عن غزو العراق للكويت في 1990"، بعدما سدّدت بغداد كامل المبالغ المترتّبة عليها للكويت وقدرها 52.4 مليار دولار.

وجاء في القرار أنّ مجلس الأمن "يقرّر إنهاء تفويض اللجنة" ويعتبر أنّها "أنجزت مهمتها".

وأضاف القرار أنّ مجلس الأمن "يؤكّد أنّ الحكومة العراقية لم تعد مطالبة بأن تدفع للصندوق" الذي تديره اللجنة "نسبة من عائدات مبيعات صادراتها من النفط والمنتجات البترولية والغاز الطبيعي".

وبحسب القرار الذي صاغته المملكة المتحدة، فإنّ مجلس الأمن "يؤكّد أنّ عملية تقديم مطالبات للجنة اكتملت الآن وبصورة نهائية، وأنّه لن يتمّ تقديم أي مطالبات أخرى إلى اللجنة".

وإثر ذلك، أكد الرئيس العراقي برهم صالح الأربعاء أن بلاده، بإنهاء ملف التعويضات للكويت، طوت "فصلا رهيبا من الحرب العبثية لنظام الاستبداد".

وقال صالح في تغريدة على حسابه على تويتر إنه "بإنهاء ملف التعويضات العراقية للكويت الشقيقة، نطوي فصلا رهيبا من الحرب العبثية لنظام الاستبداد، ودفع ثمنها شعبنا وكل المنطقة".

وأضاف "اليوم ينطلق العراق نحو سياسة خارجية تقوم على إقامة أفضل العلاقات مع أشقائنا وجيراننا والمجتمع الدولي ودعم أمن وسلام المنطقة، باعتباره مصلحة مشتركة للجميع".  

ورحّب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أمام مجلس الأمن بالقرار، مؤكدا أنّ "العراق اليوم يطوي صفحة مهمة من تاريخه استمرت أكثر من ثلاثين عاما".

وأضاف الوزير العراقي أنّ بلاده "تفتح صفحة جديدة (…) حيث يسعى العراق إلى تعزيز أطر التعاون مع المجتمع الدولي، وفي المقدمة منه منظمة الأمم المتحدة".

وأشاد حسين بنجاح "العمل مع لجنة الأمم المتحدة للتعويضات"، معتبرا أنّه "كان نموذجا ناجحا للعمل متعدّد الأطراف".

وهذه اللجنة غير مسبوقة ويمكن أن تكون نموذجا يحتذى في المستقبل عن الاقتضاء.

وتأسست اللجنة في مايو 1991 بموجب القرار الرقم 692 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وكانت مسؤولة عن إدارة التعويضات المالية المستحقة على العراق، والتي كانت تستقطع 5 في المئة من عائداته من مبيعات النفط والمنتجات البترولية والغاز الطبيعي.

وتمت المصادقة على تقريرها النهائي إلى مجلس الأمن رسميا في جنيف في التاسع من فبراير الجاري.

وبتت اللجنة خلال ولايتها في نحو 2.7 مليون طلب تعويض، سُدد مبلغ 52.4 مليار دولار من نحو 352 مليار دولار تمت المطالبة بها. وكان آخرها في الثالث عشر من يناير بقيمة نحو 630 مليون دولار، وفقا لتقرير اللجنة.

ووزّعت التعويضات على الأفراد والشركات والمنظمات الحكومية والمنظمات الأخرى، الذين تعرّضوا لخسائر نجمت مباشرة عن الغزو والاحتلال.

وبذلك يخرج العراق من إجراءات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، التي يخضع لها منذ 1990.

ويسمح الفصل السابع باستخدام القوة ضد العراق "باعتباره يشكل تهديدا للأمن الدولي"، إضافة إلى تجميد مبالغ كبيرة من أرصدته المالية في البنوك العالمية لدفع تعويضات للمتضررين جراء الغزو.

ورحبت دولة الكويت بخروج العراق من طائلة البند السابع في الأمم المتحدة، بإتمام ملف دفع التعويضات المالية. 

وقال مندوب الكويت الدائم لدى مجلس الأمن الدولي، في الجلسة المخصصة لملف التعويضات، إن "العراق تحمّل المسؤولية القانونية لنتائج اجتياح النظام السابق للكويت".

وأضاف مندوب الكويت أن "إيفاء العراق بالتزاماته يشكل نقطة انطلاق جديدة نحو المحيط الإقليمي والدولي".

وأكد أن "الكويت لن تدخر أي جهد في دعم استقرار العراق وأمنه ووحدة وسلامة أراضيه".

كما رحبت دول أعضاء مجلس الأمن الدولي بتسديد العراق تعويضات الكويت، وفتح فصل جديد من العلاقات بين البلدين.

وقال المندوب الأميركي في مجلس الأمن إن "العراق سدد جميع المستحقات الخاصة بالتعويضات الكويتية، ونثمّن دور العراق في إنهاء ملف التعويضات، وعمل لجنة التعويضات سينتهي".

وعدّت مندوبة فرنسا سداد العراق جميع تعويضات الكويت "إجراء غير مسبوق بالقانون الدولي"، فيما أشادت مندوبة الإمارات بـ"جهود العراق في سداد جميع التعويضات الكويتية"، معبرة عن الأمل "في إنهاء المسائل العالقة كافة بين العراق والكويت"، وقالت "موقفنا ثابت ويتمثل بدعم وحدة العراق والكويت وسيادتهما".

واعتبرت مندوبة المكسيك "سداد العراق للتعويضات يفتح فصلا جديدا من تريخه"، فيما رحب مندوبا الهند والغابون بقرار إغلاق ملف التعويضات المترتبة على العراق بسبب غزو الكويت.

وبخروج العراق الآن كليا من طائلة الفصل السابع، فإنه سيتمكن من استرداد أمواله المجمدة في البنوك الخارجية التي قدرت بـ50 مليار دولار تقريبا، وكذلك الموجودة في صندوق تنمية العراق الذي سيتمكن أيضا من إدارة أمواله من دون وصاية دولية. كما سيتيح له ذلك إعادة تبوّء مكانته على الساحة الدولية، كعضو فاعل ومؤثر فيها.

وكذلك سيتمكن العراق من تجهيز نفسه بكل احتياجاته في مجال التجهيزات الصحية أو التكنولوجية في كافة المجالات الصناعية والعسكرية، وبإمكانه شراء الأسلحة الدفاعية (الخفيفة والمتوسطة والثقيلة) التي كان محروما من ابتياعها، إضافة إلى توسيع فرص استثمار الشركات الكبرى في العراق وتعزيز سيادته وترسيخ دوره العربي والإقليمي والدولي.

وفعلا فقد استطاع العراق التمتع ببعض هذه النتائج لدى صدور قرار مجلس الأمن في السابع والعشرين من يونيو عام 2013 على إخراجه جزئيا من أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وغزا العراق في الثاني من أغسطس 1990، إبان عهد الرئيس الراحل صدام حسين، الكويت، قبل أن يتم إخراج القوات العراقية من هناك بعد 7 أشهر على يد قوات دولية قادتها الولايات المتحدة خلال "حرب الخليج الثانية".

واستأنفت بغداد والكويت علاقاتهما الدبلوماسية عام 2003 في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين.