العراق يسعى لدعم إيرادات تجارة المعابر مع السعودية

مباحثات لتنشيط التبادل التجاري وحركة الترانزيت بين البلدين.
الجمعة 2021/06/25
شريان حياة اقتصادي يتأهب للاستيقاظ

كثف العراق من جهوده لتفكيك العقبات أمام تنشيط المبادلات التجارية مع السعودية، والتي لا تزال تسير ببطء شديد، إذ يسعى البلد النفطي إلى دعم إيرادات الخزينة العامة من رسوم المعابر التجارية، باعتبارها أحد أهم شرايين نمو الاقتصاد المنهك بسبب البيروقراطية والفساد.

الرياض/بغداد - يرجح مسؤولون عراقيون بأن تشهد الحركة الاقتصادية بين بغداد ودول الخليج انطلاقا من المنافذ الحدودية مع السعودية نشاطا ملموسا مع استكمال مناقشة المعوقات التي تواجه عملية التبادل التجاري والاتفاق مع الرياض على آلية عمل جديدة هدفها الأساسي تشجيع التجارة.

وحتى مع افتتاح معبر عرعر الحدودي الاستراتيجي بشكل رسمي مع السعودية في نوفمبر الماضي أمام التبادل التجاري بين البلدين، والذي أغلق منذ غزو الكويت قبل ثلاثة عقود، لا تزال العراقيل تقف أمام العراق من أجل تحقيق عوائد هو في أمس الحاجة إليها.

وفي اقتصاد مدمن على عائدات النفط، وفي ظل ضعف كبير في قطاعي الزراعة والصناعة وغياب أي إمكانية للحصول على عائدات منهما تشكّل رسوم الجمارك المصدر الأهمّ للعائدات.

وأعلنت هيئة المنافذ الحدودية العراقية الخميس أن رئيس الهيئة عمر الوائلي شارك في اجتماع أمني اقتصادي عقد في العاصمة الرياض ضمن وفد برئاسة عبدالأمير كامل الشمري نائب قائد العمليات المشتركة وعضوية مدير عام الهيئة العامة للجمارك ومدير عام النقل البري للوقوف على أسباب تعطل المبادلات التجارية.

خطوة فتح منفذ جديد مع السعودية من شأنه أن يضيف زخما للعلاقات الاقتصادية المتنامية بين الجارين، وتساهم في إنعاش المدن والمحافظات الواقعة على الطرق المؤدية إلى المنفذ

وقالت الهيئة في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية الرسمية إن “الوائلي قدم دعمه الكامل لنجاح التبادل التجاري في منفذ عرعر، وتشجيع التبادل التجاري العابر للحدود (الترانزيت) وإنشاء خطوط للتواصل بين هيئة المنافذ الحدودية والسعودية عن طريق منسقين معتمدين بين المنفذين”.

وفي خطوة يبدو أنها ستدعم خطط بغداد في توسيع العمليات التجارية بشكل أكبر، كشفت الهيئة أن المناقشات شملت أيضا فكرة استحداث منفذ جديد في جميمة بمحافظة المثنى مع السعودية.

ويرى خبراء أن خطوة فتح منفذ جديد مع السعودية من شأنه أن يضيف زخما للعلاقات الاقتصادية المتنامية بين الجارين، وتساهم في إنعاش المدن والمحافظات الواقعة على الطرق المؤدية إلى المنفذ.

ويعيش العراق أوضاعا اقتصادية صعبة جرّاء تراجع إنتاج النفط بسبب الإجراءات العالمية للحد من تفشي جائحة كورونا، كما يعاني من أعباء كثيرة أخرى مثل إعادة بناء المدن التي دمرها القتال ضد تنظيم داعش، إلى جانب مكافحة الميليشيات المسيطرة على مفاصل الاقتصاد.

ويعتمد البلد على النفط في تمويل 98 في المئة من ميزانيته، وقد أدى التزامه باتفاق أوبك+ لخفض إنتاج النفط إلى تقليص الموارد المالية لحكومة تكافح من أجل معالجة تداعيات سنوات الحرب والفساد المستشري.

وكانت بغداد قد أعلنت في فبراير الماضي أنها تعتزم فتح معبر حدودي جديد مع السعودية عبر محافظة النجف ليكون نافذة للتعاون وزيادة التبادل التجاري وتسهيل حركة الحجاج بين البلدين.

وأشارت الهيئة إلى أنها تعمل من خلال ذلك على تحقيق إيرادات مهمة ترفد خزينة الدولة وكذلك توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للمواطنين العراقيين.

وإلى جانب المعابر الثلاثة مع السعودية، لدى البلد 9 منافذ حدودية برية مع دول الجوار، باستثناء المنافذ في إقليم كردستان العراق، وهي زرباطية والشلامجة والمنذرية والشيب ومندلي مع إيران، وسفوان مع الكويت، وطريبيل مع الأردن، والوليد وربيعة مع سوريا.

معابر العراق

12 معبرا تجاريا رسميا مع دول الجوار
4 معابر غير رسمية في إقليم كردستان
5 معابر تجارية مع إيران وهي زرباطية والشلامجة والمنذرية والشيب ومندلي
3 معابر تجارية مع السعودية وهي عرعر وجميمة ومنفذ آخر من النجف
2 معابر تجارية مع سوريا وهما الوليد وربيعة
1 معبر تجاري مع الكويت وهو منفذ سفوان
1 معبر تجاري مع الأردن وهو منفذ طريبيل
7 مليارات دولار حجم عوائد المعابر لا تحصل وزارة المالية إلا على 12 في المئة منها

كما يمتلك 4 معابر برية غير رسمية في الإقليم الكردي، وهي ثلاثة مع إيران وواحد مع سوريا، ومنافذ بحرية في محافظة البصرة بالجنوب. ويشير مراقبون إلى وجود عدد آخر غير معلن من المعابر الحدودية غير الرسمية في البلاد.

ويمثل العراق، وهو ثاني أكبر منتج للنفط ضمن منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، إحدى ساحات التنافس على النفوذ الإقليمي بين السعودية وإيران، المرتبطة بعلاقات وثيقة مع معظم القوى السياسية الشيعية في بغداد، والتي تحاول عرقلة سياسة الانفتاح على الرياض.

ومع ذلك تمكنت بغداد خلال السنوات السبع الأخيرة من التقرب إلى أكبر جارتها العربية في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يقول خبراء إنه سيمهد لتعزيز الروابط التجارية والاستثمارية أسرع مما هي عليه اليوم، حتى لو تأخرت عملية نشاط التبادل التجاري.

ويستورد العراق الغالبية العظمى من بضائعه، ويعتمد غالبا على إيران وتركيا والصين في كل شيء من الغاز إلى الكهرباء والطعام والإلكترونيات.

ويعتبر فساد المنافذ الحدودية في العراق، أحد أكبر ملفات الفساد الذي حاول البرلمان السابق والحالي إيجاد حلول له، إلا أن الملف لم يحسم بعد.

وأعلنت الحكومة التي يرأسها مصطفى الكاظمي أواخر العام الماضي، إغلاق المعابر الحدودية غير الرسمية التي تسيطر عليها الميليشيات الموالية لإيران والتي تشكل استنزافا كبيرا للدولة.

وتعتبر المنافذ الموازية أبرز مصادر تموين الميليشيات العراقية بالسلاح والمعدات اللوجستية، كما أنها تعد الممر الرئيس لتهريب العملة الصعبة من البلاد إلى الأراضي الإيرانية.

وأكدت لجنة النزاهة النيابية في يناير الماضي أن حجم الأموال المهربة خارج البلد تقدر بنحو 350 تريليون دينار (239.7 مليار دولار)، وهو رقم يفوق موازنة البلاد لأكثر من عامين، مشددة على وجود ضغوط سياسية لعرقلة مكافحة الفساد.

ومنذ تعيينه في مايو 2020 اتخذ الكاظمي على عاتقه محاربة الفساد وإقرار خطة اقتصادية تحمل رؤية مستقبلية نحو بناء اقتصاد عراقي متطور يتخلص من تبعيته للنفط.

وتحرم التجارة الموازية عبر المنافذ الحدودية العراق من مصادر تمويل هائلة كان يمكن تخصيصها للمدارس والمستشفيات والخدمات العامة الأخرى، إذ تظهر التقديرات أن وزارة المالية لا تحصل إلا على 12 في المئة من موارد الجمارك، التي تبلغ سنويا نحو 7 مليارات دولار.

وتعبّد البيروقراطية المملّة والفساد المزمن طريقا إلى امتصاص موارد الدولة النفطية، في بلد يحتل المركز الـ162 على مستوى العالم على سلم مدركات الفساد، الذي تنشره منظمة الشفافية الدولية سنويا.

 
10