العراق يسعى إلى جذب الشركات المصرية للاستثمار في الصناعة

رجح محللون أن تدخل العلاقات الاقتصادية بين بغداد والقاهرة مرحلة جديدة من التعاون الإستراتيجي وتعزيز الشراكات، حيث يتطلع العراق إلى الاستفادة من الشركات المصرية في مجال التصنيع والإعمار، وسط مساع لتعزيز التبادل التجاري بشكل أكبر.
القاهرة - يعمل العراق على تشجيع الشركات المصرية من أجل ضخ استثمارات في القطاع الصناعي للبلد النفطي، الذي يتطلع بشغف إلى ترقية أعمال هذا المجال، باعتباره أحد الأدوات المهمة في التنمية الاقتصادية.
ومنذ سنوات يتطلع العديد من المستثمرين المصريين في مجالات كثيرة بينها البناء والتشييد إلى الاستئثار بحصة في السوق العراقية بعد التقارب الكبير بين البلدين، رغم بعض التحديات التي لا تزال تعترض الشركات الأجنبية أمام اقتحامها البلاد.
ويرى خبراء أن القاهرة لديها رغبة كبيرة في مشاركة الشركات المصرية في مشاريع مختلفة، لاسيما تلك المتعلقة بالصناعة وإعادة إعمار العراق، التي تبدي ترحيبا كبيرا بهذا الأمر.
وفي اقتصاد قائم على النفط، وفي ظل ضعف كبير في قطاعي الزراعي والصناعي وغياب أي إمكانية للحصول على عائدات منهما تشكّل رسوم الجمارك المصدر الأهم للعائدات.
ولذلك، تعكف الحكومة العراقية منذ أشهر على دراسة كيفية إعادة إحياء نشاط العشرات من المصانع بكامل محافظات البلاد في قطاعات مختلفة مثل الإسمنت والأدوية والحديد والنسيج وغيرها، والتي لا يمارس معظمها أي نشاط منذ سنوات طويلة.
وترى بغداد أن الحل الأنسب اليوم لتجاوز هذه العقبة المزمنة بالنظر إلى عدم توفر الموارد اللازمة لتنفيذ الخطة هو جذب المستثمرين وعقد شراكات جديدة، وذلك من خلال الانفتاح على جميع الدول والبلدان العربية والإقليمية والأجنبية.
ومن أجل الترويج لمناخ الأعمال في بلده، التقى السوداني في مقر إقامته بمدينة العلمين المصرية، مجموعة من رجال الأعمال الممثلين لكبرى الشركات المصرية في مختلف القطاعات مثل هشام طلعت مصطفى وحسن علام وأوراسكوم والسويدي.
وأكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أثناء زيارته إلى مصر الثلاثاء الماضي، أن الأبواب مفتوحة أمام رجال الأعمال والشركات المصرية.
ونقل بيان عن مكتبه الإعلامي قوله إن “العلاقة الإستراتيجية بين العراق ومصر مهمة، وما تمثله من مسار للتكامل الاقتصادي”، مشيرا إلى أن بلده يمر اليوم بحالة من التعافي والاستقرار بعد القضاء على الإرهاب.
وبدأت بغداد قبل عامين ببرنامج طموح لتنمية والاقتصاد، انطلاقاً من نقاط القوة التي يتميز بها العراق بما يمتلكه من موارد طبيعية وبشرية.
وشدد السوداني على أن “العراق يمثل سوقاً مهمة بنسبة نمو متزايدة نتيجة موقعه الجغرافي المهم في منطقة حيوية من العالم”. وشهد اللقاء طرح مساهمة الشركات المصرية في البنية التحتية في مجال الإسكان والتعمير بالعراق.
وذكرت مصادر مطلعة أن ممثلي الشركات المصرية طلبت من السوداني أن يتعامل العراق مع قطاع الأعمال المصري كشراكة وليس كسوق عمل.
1
مليار دولار حجم المبادلات التجارية بين البلدين والمتوقع تسجيله بنهاية هذا العام
وأوضحوا أن ذلك يتضمن أن تقوم المصانع المصرية بتصنيع متطلبات الإنتاج في العراق، سواء بالاستحواذ على المصانع المتعثرة لديهم، أو الشراكة معهم في تشغيلها.
ويفضل العراقيون التعامل مع الشركات المصرية، حيث أن استنساخ تجربتها في تطوير البنية التحتية مرة أخرى ممكن خاصة وأن العراق يعاني من أزمات في كافة الجوانب في الإسكان والمياه والصرف الصحي والكهرباء وغيرها.
ويؤكد متابعون وخبراء أن الشركات المصرية في الحقيقة عملاقة في مجال التنمية العمرانية، ولها خبرات كبيرة، ومنتشرة في أفريقيا والدول العربية.
ولوحظ في السنوات الأخيرة تدفق العديد من المستثمرين المصريين إلى السوق العراقية، حيث يستثمرون في البنية التحتية ومشاريع المدن السكنية التي ستنطلق أعمالها التنفيذية قريبا.
ويعتبر قطاع التشييد والبناء من أهم القطاعات التي يمكن أن تشارك فيها الشركات المصرية في العراق، بعدما اكتسبت خبرات كبيرة بتنفيذها المشاريع القومية في السوق المحلية بمختلف أنواعها.
وثمة بالفعل شركات مصرية المتواجدة بالعراق منها المقاولون العرب وأوراسكوم وبتروجيت، كما أن هناك ثقة في العامل المصري بعدما شهد العالم ما قام به من إنجازات في مجال التشييد والبنية التحتية بتكنولوجيا متطورة وفي وقت قصير.
88
مليار دولار يحتاجها العراق لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار
ويحتاج البلد العضو في أوبك، الذي مر بحروب وأزمات على مدار أكثر من أربعة عقود، إلى أكثر من 88 مليار دولار لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، وفقا لتقديرات سابقة لوزارة التخطيط العراقية.
وبالنسبة للصناعة، تحاول شركات القطاع النهوض من جديد وحجز موقع لها داخل السوق المحلية رغم الصعوبات، التي تواجهها بسبب الأزمات، التي تمر بها، وتدمير وتهالك البنى التحتية لمنشآتها والتي تحتاج إلى التمويلات ونقل التكنولوجيا لمواكبة التطور.
وتشير التقديرات إلى أن مساهمة الصناعة العراقية التي كانت تنافس أفضل المنتجات العالمية، تراجعت إلى اثنين في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كانت تبلغ 10 في المئة قبل الغزو الأميركي في 2003، رغم وطأة الحصار الدولي في ذلك الحين.
ويقول خبراء ومسؤولون إن زيارة السوداني تأتي لتحقيق الطموحات التي تتطلع إليها بغداد وتحقيق تعاون وتكامل حقيقي لدخول الشركات المصرية إلى السوق العراقية والعكس كذلك في السوق المصرية.
ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن وزير التجارة أثير داود الغريري قوله إن “لدينا إجراءات تأتي استكمالا لتوجيهات سابقة بهدف دخول الصناعات المصرية وعمل شراكات مع القطاع الخاص لتكون هناك صناعة حقيقية منها الدوائية والغذائية”.
وتابع “نعمل على تذليل العقبات أمام المستثمرين والشركات المصرية لزيادة حجم التبادل التجاري إلى مستوى الطموح وحجم العلاقة بين البلدين”.
وتستهدف مصر زيادة حجم التبادل التجاري مع العراق بحوالي 41 في المئة إلى مليار دولار خلال العام المقبل، مقابل نحو 700 مليون دولار سنويا في الوقت الحالي.
وأشار الغريري إلى أنه “نتج عن اجتماعات رئيس الوزراء مع عدد من المستثمرين الاتفاق على عقد لقاء في بغداد مع الصناعيين وأن تكون مشاركة الشركات المصرية في معرض بغداد الدولي المقبل فاعلة واستثنائية”.