العراق يسعى إلى تعزيز دور الصيرفة الإسلامية في الاقتصاد

استكشاف فرص تطوير القطاع وزيادة مساهمته في دروب التنمية.
الخميس 2024/02/22
مراقبة الحسابات لا تقل أهمية عن الكفاءة

اتسع اهتمام صناع القرار النقدي في العراق بالتجربة المصرفية الإسلامية بعدما أثبتت نجاحها، حيث تأمل الحكومة في تحقيق أقصى استفادة من هذه الأداة التمويلية وتعزيز مكانتها في التنمية الشاملة وبناء الاقتصاد.

بغداد - وجهت السلطات العراقية أنظارها باتجاه تعزيز دور الصيرفة الإسلامية في النظام المالي، في أحدث محاولة لتحفيز الاستثمارات في البلاد، وكذلك تحقيق الشمول المالي بما يخدم الاقتصاد.

وسعت بغداد إلى استكشاف المزيد من الفرص في هذا المجال من خلال تنظيمها ورشة عمل هذا الأسبوع ناقشت آفاق القطاع خلال السنوات المقبلة لجعله محركا مهما في التنمية.

ويأتي تركيز المسؤولين على صناعة المالية الإسلامية تحقيقا لمستهدفات برنامج الإصلاح الطموح والتي تعتبر هذا النوع من التمويل مهما لتعزيز النشاط الاقتصادي على نحو أكبر وبشكل أكثر فاعلية.

وتريد الحكومة إحداث نقلة جديدة في الاستثمارات مستعينة بما تتيحه التمويلات الإسلامية في ضوء الإصلاحات الاقتصادية، التي تنفذها بهدف الابتعاد تدريجيا عن خط الأزمة الذي مرت به منذ سنوات طويلة.

ونظم البنك المركزي الثلاثاء الماضي ورشة عمل فنية حول الحوكمة والامتثال في البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية بالتعاون مع المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية.

عمار خلف: نشجع البنوك على تبني أفضل الممارسات للحوكمة والامتثال
عمار خلف: نشجع البنوك على تبني أفضل الممارسات للحوكمة والامتثال

وتناولت الورشة التي شاركت في أعمالها السلطات الرقابية والمنظمات الدولية المنهجيات الإشرافية للاستمرار والتطور ما بعد الأزمات وتحديات الحوكمة والامتثال في التمويل الإسلامي، فضلا عن ممارسات إدارة المخاطر.

وأكد نائب محافظ البنك المركزي عمار حمد خلف أن انعقاد الورشة يؤكد على الأهمية المتزايدة للتمويل الإسلامي في العراق.

ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن خلف قوله إنها “تعكس تعاوننا المثمر مع المجلس العام في سبيل تشجيع أفضل الممارسات للحوكمة والامتثال داخل المؤسسات المالية الإسلامية في العراق”.

وتظهر الأرقام الرسمية أن 81 بنكا تعمل في العراق، لكن معظمها لم يدخل على نشاطه أيّ تحديثات تمكنه من الاستفادة من التطورات التي أضحت أحد المحددات التي تقيس معايير الشفافية والسرعة في تأمين المدفوعات والتعاملات التجارية.

وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن عدد البنوك الإسلامية يبلغ 30 بنكا، منها نور العراق الإسلامي وإيلاف الإسلامي والبنك العراقي الإسلامي للاستثمار والتنمية، وهي تشكل أكثر من ثلث البنوك العاملة في البلاد.

وتنشط في السوق المحلية سبعة بنوك حكومية، فضلا عن العديد من فروع البنوك الأجنبية وخاصة من إيران، وكذلك ستاندرد تشارترد، ومقره لندن، ويمتلك عددا قليلا من الفروع ويركز على المشاريع الحكومية الكبرى.

وكان الجهاز المصرفي في العراق، قبل الغزو الأميركي في 2023، يضم 4 بنوك فقط، هي مصرف الرافدين والمصرف الزراعي والمصرف الصناعي والمصرف العقاري، وجميعها حكومية تؤدي وظائف متخصصة، كل في قطاعه الخاص.

ووضعت بغداد تشريعا في 2004 يتيح تأسيس البنوك الإسلامية مستمدا من قانون صادر في 1997 لتأسيس الشركات، وقامت بتعديل القانون في العام 2015 مع اعتماد ضوابط وقواعد جديدة لعملها في السوق المحلية.

30

بنكا إسلاميا تنشط في السوق المحلية وهي تشكل أكثر من ثلث البنوك العاملة بالبلاد

ويشمل التمويل الإسلامي حاليا أنشطة الصيرفة والتأجير وأسواق الصكوك (السندات) والأسهم وصناديق الاستثمار والتأمين التكافلي والتمويل متناهي الصغر.

ويكافح البلد النفطي الذي شهد حروبا وفترة حصار طويلة منذ أكثر من أربعة عقود بحثا عن حلول تساعد في تحفيز نشاط البنوك حتى تسهم بدور فعال في تنمية الاقتصاد، الذي ظل متوقفا منذ الغزو الأميركي في 2003 عبر تخفيف مستوى البطالة وتضييق دائرة الفقر.

ولطالما حث الخبراء العراقيون صانعي السياسة النقدية في بلادهم على الإسراع في اعتماد إستراتيجية جديدة لترقية نشاط القطاع حتى يحسن وضعه لدى وكالات التصنيفات الائتمانية الرئيسية.

ورغم أن البنك المركزي يولي اهتماما بسلامة القطاع في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية المتقلبة بتبنيه سياسات رقابية وإشرافية لتحقيق الاستقرار المالي والمحافظة على متانة الأصول، لكنه يحتاج إلى أساليب أكثر تطورا بما يتلاءم مع النظم والمعايير العالمية.

ولذلك تسعى الحكومة إلى بلورة إستراتيجية تحفز نشاط القطاع المصرفي خلال المرحلة المقبلة بما يتيح له الانخراط أكثر في جهود تنويع الاقتصاد المعتمد على الريع النفطي وتعزيز دعاماته، بعدما ظلت البنوك لسنوات بعيدة عن فلك التنمية.

وحث رئيس الحكومة محمد شياع السوداني في نوفمبر الماضي، المسؤولين وصناع القرار النقدي في البلاد على إعداد خطة واضحة المعالم تشمل مقترحات لتطوير عمل البنوك.

عبدالإله بلعتيق: نتطلع إلى زيادة التعاون والعمل البناء لتعزيز هذه الصناعة
عبدالإله بلعتيق: نتطلع إلى زيادة التعاون والعمل البناء لتعزيز هذه الصناعة

ويشهد القطاع المصرفي وضعا صعبا مما انعكس سلبا على التعاملات التجارية بالدولار الذي يسجل ارتفاعا وصل إلى 1600 دينار في السوق الموازية، فيما يبلغ السعر الرسمي المعتمد في البنك المركزي 1320 دينارا.

وقال الأمين العام للمجلس العام للبنوك عبدالإله بلعتيق خلال كلمته في المؤتمر إن “عبر هذه المبادرة، نعكس الالتزام المشترك بين المجلس والبنك المركزي العراقي في تطوير مبادئ الحوكمة والامتثال في الصناعة المالية الإسلامية”.

والمجلس هو منظمة دولية، يمثل البنوك الإسلامية حول العالم ويضم حاليا 140 مؤسسة مالية إسلامية في 37 دولة في العالم.

وأضاف بلعتيق أن المجلس يتطلع إلى “المزيد من التعاون والعمل البناء لتعزيز وتطوير الصناعة المالية الإسلامية في المنطقة”.

وتابع “يعد دور المجلس محوريا لدعم الصيرفة المالية الإسلامية عبر العالم وتتبع المستجدات في القطاع المالي العالمي”، مبينا أن “من أهم الأهداف التي يشتغل عليها المجلس دور البنوك الإسلامية ومواكبة آخر المستجدات والتحولات الرقمية”.

وحتى تنجح بغداد في جهود إصلاح القطاع، تعمل رابطة المصارف العراقية على معاضدة جهود الحكومة لجعل البنوك أداة فعالة في الاقتصاد مع توفير الضمانات بأنها تعمل وفق القوانين والمعايير الدولية.

وقال نائب رئيس الرابطة سمير النصيري في الورشة إن “البنوك العراقية أثبتت قدرتها ومواقفها خلال الفترة الماضية بمواجهة التحديات الاقتصادية والمحافظة على التواصل والالتزام بتعليمات البنك المركزي العراقي”.

وركزت خطط المركزي على المبادرات الاقتصادية وتنظيم التجارة والانتقال من الاقتصاد النقدي إلى الرقمي وفق المعايير الدولية والمصرفية.

وأضاف النصيري أن “الرابطة تعمل تحت إشراف البنك المركزي على تنمية وتطوير القطاع المصرفي ومشاريع التمويل وتوفير بيئة مناسبة رغم التحديات الاقتصادية والصعوبات التي يتعامل معها العراق”.

10