العراق يستنجد بجنرال إلكتريك لترتيب فوضى شبكة الكهرباء

الحكومة تلاحق النمو السريع للطلب مع الابتعاد أكثر عن فلك إيران.
الجمعة 2023/02/17
حان وقت التنفيذ

قطع العراق خطوة جديدة في طريق طويل لمواجهة التحديات الكثيرة التي تواجهه لتأمين الكهرباء بشكل مستدام بالتعاقد مع جنرال إلكتريك لترتيب الفوضى التي تنخر القطاع لتغطية الطلب المتنامي في بلد يتوقع أن تزيد احتياجاته مستقبلا مع نمو تعداد السكان.

بغداد - استنجد العراق بشركة جنرال إلكتريك الأميركية لمساعدته في إصلاح قطاع الكهرباء الذي يعاني من فوضى منذ عقود، في ظل فشل رهان الحكومات المتعاقبة على إيران لتأمين حاجة البلد من التيار، وأيضا توريد الغاز لتشغيل المحطات.

ويعتبر البلد النفطي واحدا من الدول العربية التي تواجه أزمة نقص كهرباء مزمنة منذ عقود جراء الحصار الغربي والحروب المتتالية وأيضا بسبب الفساد.

ويحتج العراقيون منذ سنوات طويلة على الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، وخاصة في فصل الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة إلى مستويات عالية.

وتضطر وزارة الكهرباء إلى العمل وفق نظام القطع المبرمج لتجهيز الأهالي بالطاقة الكهربائية لعدة ساعات يوميا فيما يلجأ الأهالي إلى شراء الطاقة الكهربائية من محطات خاصة لسد النقص في التجهيزات.

وبعد جولة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى ألمانيا الشهر الماضي لبحث التعاقد مع شركة سمينز للطاقة، وقعت الحكومة الخميس اتفاقية مع جنرال إلكتريك قالت بغداد إنها “تهدف إلى تطوير قطاع الكهرباء”.

أهم بنود الاتفاقية

- صيانة طويلة الأمد لمحطات الإنتاج
- زيادة كفاءة عمل المحطات القائمة
- إنشاء محطات جديدة لإنتاج الكهرباء
- إجراء الدراسات لاستغلال الغاز المصاحب
- بناء محطات ثانوية وربطها بالمحافظات
- إنشاء مركز مراقبة أداء الوحدات التوليدية
- تأسيس مركز لتطوير القدرات الفنية للكوادر

ويقول محللون إن الخطوة تأتي ضمن التنافس القائم بين الشركات الأميركية والألمانية للظفر بالاستثمارات المجزية في مجال الكهرباء بالبلد العضو في منظمة أوبك، الذي يتطلع إلى إصلاح خراب الشبكة بشق الأنفس.

وذكرت الحكومة في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية الرسمية أن مذكرة التفاهم تضمنت على محاور أساسية عديدة “ستُسهم في تطوير المنظومة الكهربائية في مجال الإنتاج وزيادة كفاءته والنقل والصيانة وخفض انبعاثات الكربون لدعم تحول الطاقة في العراق”.

كما تتضمن أعمال الصيانة طويلة الأمد ولمدّة خمس سنوات، لإدامة عمل وحدات إنتاج الطاقة التي تم تجهيزها من الشركة.

وإلى جانب ذلك، زيادة كفاءة عمل وحدات إنتاج الطاقة العاملة حاليا من خلال تحديث المنظومات الملحقة بها وإنشاء محطات جديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية على مراحل تتناسب مع الوقود المتوفر والتمويل.

وتضمنت الاتفاقية أيضا إجراء الدراسات لاستغلال الغاز المصاحب وبناء محطات ثانوية وربطها بمختلف المحافظات، وإنشاء مركز مراقبة لأداء وعمل الوحدات التوليدية، فضلا عن إنشاء مركز تدريب لتطوير القدرات الفنية للكوادر العاملة في وزارة الكهرباء.

ولم يتم الكشف عن قيمة تكاليف المشاريع المزمعة أو موعد تنفيذها، لكن السوداني قال بعد توقيع الاتفاقية في بغداد إن “الحكومة ملتزمة بحل ملف الطاقة”.

وأكد حرص الحكومة على “تقديم الدعم الكامل لوزارة الكهرباء لرفع مستوى الإنتاج وصيانة المحطات، بما يسهم في معالجة المشكلة وتخفيف معاناة المواطنين”.

وينتج العراق حاليا 20.5 ألف ميغاواط من الكهرباء أي أقل بكثير من نحو 24 ألف ميغاواط، التي يحتاج إليها لتلبية الطلب حاليا، وهي احتياجات يتوقّع أن تتعاظم في المستقبل في بلد تتوقع الأمم المتحدة أن يتضاعف عدد سكانه بحلول العام 2050.

ومنتصف الشهر الماضي وقع العراق اتفاقية مع سيمنز ستضيف بموجبها 6 آلاف ميغاواط للشبكة المحلية، وهي كمية يتوقع أن تسد نحو 85 في المئة من الاستهلاك خلال السنوات الثلاث المقبلة.

وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن قطاع الكهرباء العراقي، الذي يعتمد على الغاز الإيراني لتشغيل المحطات، يفقد قرابة 50 في المئة من قدرته بسبب تهالك الشبكة، وهذا هو الفرق بين ما يتم إنتاجه وما يتم تسليمه للمستهلكين.

وتحدث هذه الخسارة لأسباب فنية في أغلب الأحيان وعلى سبيل المثال، معدات نقل الكهرباء التالفة أو ضعيفة الأداء أو التي عفا عليها الزمن، وكذلك لأسباب غير فنية مثل السرقة أو تعرضها للتخريب.

وكان إنتاج العراق من الكهرباء في السنوات التي تلت سيطرة تنظيم داعش على أجزاء من العراق يبلغ 16 ألف ميغاواط. وقد بلغ بنهاية العام قبل الماضي 21.1 ألف ميغاواط، ولكن سرعان ما تراجع مرة أخرى بسبب نقص الغاز المخصص لتشغيل المحطات.

فوضى عارمة
فوضى عارمة

وخلال العقدين الماضيين تم إبرام أكثر من خمس شراكات لإقامة محطات توليد كبيرة، ولكن لم تجد طريقها إلى التنفيذ لعوامل كثيرة من بينها تقعيد مذكرات التفاهم والفساد والبيروقراطية التي ظلت جاثمة على الاقتصاد.

وعمل القطاع لسنوات وفق الصفقات السرية والاحتكار والمعاملات الخارجة عن القانون في الإنتاج والتوزيع أو من خلال دعم السوق الموازية.

وقامت بغداد في الفترة الفاصلة بين 2003 و2014 بتنفيذ مشاريع بتمويلات من الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وأنشأت على أساسها محطات غازية وتوقيع عقود مع شركة جنرال وسيمنز لتنفيذها.

وبلغ العراق في ثمانينات القرن الماضي إلى الاكتفاء الذاتي المتكامل لإنتاج الكهرباء في كافة المحافظات والذي وصل في ذلك الوقت 9 آلاف ميغاواط رغم ظروف الحرب مع إيران.

وكانت وزارة الكهرباء قد أعلنت في يونيو الماضي أنها اعتمدت خطة خمسية لرفع الإنتاج في غضون سنوات، فيما تبذل الحكومة جهودا لنشر مزارع شمسية لتنويع مزيج الطاقة.

وحتى تتجنب أي مشكلات في الإمدادات مستقبلا تتسلح بغداد بخطة طموحة تستهدف الإنتاج من المصادر المستدامة وأيضا الربط مع دول الخليج.

ومع ذلك تقول الحكومة إن البلاد ستظل تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري وبعدها تدخل الطاقة الشمسية الخطة بإضافة قرابة 750 ميغاواط للشبكة المحلية كأول مرحلة.

ودخلت البعض من محطات الطاقة الشمسية العمل بشكل تدريجي. وقد بدأت شركة صينية في تشغيل محطة تمت إقامتها في حقل الفيحاء جنوب البلاد.

وتوصل العراق إلى اتفاقات وتفاهمات بخصوص دعم الطاقة وكذلك طريقة التسويق بين هيئة الربط الخليجي والإنتاج الكهربائي، وتم التوقيع على مذكر تفاهم مع السعودية للحصول على ألف ميغاواط كمرحلة أولى وصولا لتبادل الطاقة.

10