العراق يستعين بالبنك الدولي لتطوير إدارة الدين العام

بغداد - دخل العراق في رهان جديد يتعلق بدعم كفاءة إدارة الدين العام بالتعاون مع البنك الدولي للاستعانة بالخبرة الفنية لهذه المؤسسة المالية الدولية المانحة لمساعدته في إصلاح هذا المجال ليرتقي إلى المعايير الدولية.
وتنبع أهمية هذا المسار باعتباره يعزز المساهمة في توفير احتياجات التمويل المتنامية اللازمة للقيام بالأنشطة الاقتصادية ودعم فرص التعافي والاستقرار والمالي.
ونظمت وزارة المالية ورشة عمل في الغرض الاثنين الماضي لتشخيص مكامن القوة والضعف نحو تحقيق مستوى أداء مثالي ومتين، ينسجم مع معايير الجودة العالمية ومتطلباتها.
ويأتي انعقاد الورشة في إطار خطة عمل مشتركة مع صندوق الإصلاح والتعافي وإعادة إعمار العراق، الممول من قبل الدول المانحة على مدى السنتين المقبلتين.

البنك الدولي: حوكمة الديون وشفافيتها يجب أن تأتي على رأس الأولويات
وتندرج عملية تطوير استراتيجية الدين العام في أولويات الخطة الإصلاحية (الورقة البيضاء)، وفي إطار الالتزام المتواصل بتطوير حوكمة الموارد المالية وتعزيز التنمية المستدامة.
وقالت وزارة المالية في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية الرسمية أن الورشة “تعتبر من أولى ثمار مساعي النهوض بإدارة دائرة الدين العام ، ونواة للتعاون البّناء ما بين وزارة المالية العراقية والبنك الدولي في مجال تطوير الهيكل المؤسسي والأطر القانونية”.
وأضافت أن المساعي “تصب أيضا في صقل المهارات والخبرات للعاملين بإدارة الدين، وتحقيق مستويات عالية من الكفاءة والأداء والشفافية”.
وناقش المجتمعون إدارة المخاطر المحتملة بموضوع الدين العام بشقيه الداخلي والخارجي، فضلا عن إدارة الضمانات السيادية ورفع مستوى التقارير الحكومية لتكون قادرة على تقوية ركائز الاقتصاد العراقي وامتلاك مصدات حقيقية لمواجهة الصدمات المالية.
ويقول خبراء البنك الدولي إن إدارة الديون وشفافيتها يجب أن تأتي على رأس الأولويات ليتسنى للديون الجديدة في المستقبل أن تدعم النمو وأن تعزز مناخ للاستثمار.
ويقوم البنك بتعبئة الموارد التمويلية والمساعدات الفنية دعما للجهود التي تبذلها الحكومة العراقية لاستعادة ثقة المواطنين عن طريق تحقيق الاستقرار الاقتصادي والحوكمة وتوفير سبل كسب الرزق.
كما يعمل مع الشركاء الدوليين لمساندة مسار الإصلاحات لتدعيم الاقتصاد العراقي على المدى الطويل.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن حجم الدين العام للعراق يبلغ قرابة 70 مليار دولار، منها عشرون مليار دولار ديون خارجية أغلبها سيتم سداده بحلول العام 2028.
ولا يشمل الدين الخارجي ديون النظام السابق البالغة 41 مليار دولار، وهي مجمدة منذ عام 2003.
وهذه الديون المعلقة من بقايا اتفاقية نادي باريس وتعود لقرابة ثمانية أو تسعة بلدان منها أربعة خليجية لما قبل العام 1990 ولم يطالب بها أحد من الدائنين الرسميين حتى الآن. وتسعى بغداد إلى الحصول على موافقة الدائنين لإسقاطها.
وهناك ديون خارجية أخرى تراكمت بسبب الحرب على الإرهاب، مع ديون بسبب مشاريع التنمية قدمتها بعض الصناديق العالمية، وهذا الدين يقدر بنحو 23 مليار دولار مستحقة الدفع.
وكان المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح قد قال في تصريحات سابقة إن “الدين الداخلي يبلغ نحو 50 مليار دولار وأن 95 في المئة داخل النظام المالي الحكومي وتبقى تسويته داخل الدولة”.
الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن حجم الدين العام للعراق يبلغ قرابة 70 مليار دولار
وفي ديسمبر الماضي، ذكر صالح أنه “لا يوجد رقم دقيق لحجم الديون المترتبة على العراق للبنك الدولي وصندوق النقد، كون الرصيد يتحرك بالنقصان مع تسديد أقساط وفوائد بشكل دوري ولكنه لا يتعدى ما بين 5 و6 مليارات دولار”.
وبحسب الأرقام الرسمية يمثل الدين العام نحو 45 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ نحو 178 مليار دولار بنهاية العام الماضي، ويتوقع أن يرتفع بنهاية العام الجاري.
وفي الأسبوع الماضي، أقر البرلمان العراقي قانون “الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية”، والذي خصص له 17 مليار دولار، يسمح لوزير المالية بالاستمرار في الاقتراض الداخلي والخارجي لتمويل المشاريع التنموية.
وكانت الحكومة قد وافقت مطلع أبريل الماضي على مخطط لسداد الدين العام الداخلي للفترة الفاصلة بين 2022 و2024 ضمن مسودة مشروع قانون الموازنة العامة للعام الجاري، التي لم يصادق عليها البرلمان حتى الآن.
وقبل ذلك أكد محافظ البنك المركزي مصطفى غالب، في مقابلة مع رويترز، أن الحكومة ستصرف النظر عن أي مساع للاقتراض من الخارج.
ويأتي اتخاذ هذه الخطوة في ظل ارتفاع الإيرادات المالية جراء انتعاش أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية، ومع مضي أوبك+ في سياسة الزيادة التدريجية للإنتاج.
وتتوفر للبلد الآن فرصة حقيقية لتعديل أوتار الاقتصاد بعدما وصل احتياطي العملة الصعبة إلى أكثر من 70 مليار دولار. ومن المتوقع أن يصل إلى 90 مليار دولار بنهاية 2022.
ويعول المسؤولون العراقيون على الاستمرار في اعتماد سياسات نقدية مرنة لتجاوز أزمات البلد المالية والاقتصادية، خاصة في ظل انتفاخ خزائن المركزي باحتياطيات هي الأكبر منذ سنوات مدفوعة بطفرة أسعار الخام.