العراق يستعد لطرح فرص استثمارية في قطاع التكرير

سرع العراق من وتيرة تركيزه على تعزيز قدرات صناعة التكرير مع إعلان وزارة النفط أنها ستطرح فرصا استثمارية لتنمية هذا القطاع الذي ظل بعيدا عن فلك الحكومات المتعاقبة بسبب الإهمال والفساد وعدم الاهتمام به رغم أنه مجال يدر المليارات من الدولارات.
بغداد - حولت الحكومة العراقية أنظارها مرة أخرى إلى قطاع التكرير أملا في تطويرها بالاستثمار الأمثل للطاقات الإنتاجية المتاحة بعد سنوات من التلكؤ والارتباك في إدارة هذه الصناعة.
وأعلن حيان عبدالغني وزير النفط هذا الأسبوع أن بلاده تستعد لطرح حزمة من المشاريع في قطاع التكرير في عدد من محافظات البلاد.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن عبدالغني قوله إنه “سيتم قريبا طرح عدد من الفرص الاستثمارية بعد استكمال الأوراق والمعلومات الخاصة بحقائب المصافي التي سيتم الإعلان عنها في عدد من المحافظات الشمالية والوسطى والجنوبية”.
ووفق المكتب الإعلامي لوزارة النفط فإن المشاريع تستهدف أربع مصاف، هي العمارة بمحافظة ميسان جنوب بغداد بطاقة 150 ألف برميل يوميا.
وكذلك مصفاة المثنى بطاقة 100 ألف برميل يوميا، ومصفاة كركوك بطاقة مئة ألف برميل يوميا، وأيضا مصفاة القيارة بطاقة 70 ألف برميل يوميا.
وأكد عبدالغني أن هذه المشاريع تتضمن كذلك إضافة وحدة بطاقة 70 ألف برميل يوميا إلى مصفاة ذي قار تضاف إلى الإنتاج الحالي البالغ 30 ألف برميل.
وعلاوة على ذلك، التخطيط لإنشاء مصفاة جديدة في محافظة ذي قار بطاقة 150 ألف برميل يوميا. وتمضي وزارة النفط أيضا نحو إضافة وحدات إنتاجية لمصافي الجنوب والوسط والشمال.
وتطمح السلطات لبناء مصاف جديدة بعد أن تقلصت الطاقة التكريرية للبلاد بشدة جراء الأضرار التي لحقت بمصفاة بيجي الأكبر في البلاد خلال سيطرة تنظيم داعش عليها في منتصف عام 2014 قبل أن تعود إلى العمل في 2018.
ويقول محللون إن من شأن هذه الخطوة تقليص نفقات استيراد المشتقات النفطية، والتي تثقل كاهل الموازنة السنوية بفعل تنامي الطلب وارتفاع الأسعار خاصة مع تحقيق البلد العضو في أوبك إيرادات قياسية من بيع النفط بلغت نحو 115 مليار دولار.
وفي سبتمبر الماضي أعطت الحكومة الضوء الأخضر لعمليات التشغيل التجريبي لمصفاة مدينة كربلاء جنوب بغداد والتي من المتوقع أن تسهم في تغطية جزء كبير من الطلب المحلي المتزايد على المواد البترولية.
وتعتبر المصفاة التي بدأت العمل فعليا مطلع 2023 والبالغ تكلفة إنشائها نحو 6.5 مليار دولار، أول مشروع من نوعه يُنفذ في العراق بهذا المستوى منذ ثمانينات القرن الماضي، ويتميز بأن جميع وحداته صديقة للبيئة ووفق المواصفات الأوروبية.
ومن المتوقع أن تسهم المصفاة البالغة طاقة إنتاجها اليومية 140 ألف برميل خلال الفترة القليلة المقبلة بتغطية جزء من الحاجة المحلية وتقليل الاستيراد للمشتقات النفطية والوقود بنسبة 60 في المئة.
ومع دخول مصفاة كربلاء إلى العمل رسميا وهي أول مشروع بهذه الطاقة الإنتاجية يتم بناؤها منذ ثمانينات القرن الماضي، فإن الطاقة التكريرية لكافة مصافي البلاد تصل إلى أكثر من مليون برميل يوميا.
وقال المدير العام لشركة مصافي الوسط عائد عمران في تصريحات لوسائل إعلام محلية في وقت سابق إن تشغيل مصفاة كربلاء “خطوة مهمة للتعجيل بعمليات الإنتاج والتكرير للمصفى”.
ويعدّ العراق ثاني أكبر مصدّر للنفط في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، حيث يصدّر يوميا نحو 3.3 مليون برميل وفق اتفاق تحالف أوبك+.
وتشكّل عائدات الطاقة (نفط وغاز) نسبة 90 في المئة من إيرادات البلاد التي تحتوي على احتياطات هائلة من النفط الخام.
لكن العراق يعاني من تهالك في بنيته التحتية بسبب عقود من الحرب والنزاعات وسوء الإدارة والفساد المزمن والبطء في عمليات إعادة الإعمار وتنفيذ إصلاحات ضرورية.
ولا يزال رغم ثروته النفطية الهائلة، ينتظر تنفيذ العديد من المشاريع الكبرى في البنية التحتية وخاصة في صناعة التكرير الضعيفة، والتي تشكل أحد المفارقات المثيرة للجدل في بلد يعد من كبار المنتجين على مستوى العالم.
وبحسب وزارة النفط، فإن مصفاة كربلاء ستنتج نحو عشرين نوعا من المنتجات النفطية، أبرزها البنزين عالي الأوكتان، وهذه المرة الأولى التي ينتج فيها في داخل العراق.
وأضاف المسؤول لوكالة الصحافة الفرنسية إن “هذه أول مصفاة بهذه الطاقة الإنتاجية يتم بناؤها منذ الثمانينات”.
ويفترض أن تنتج مصفاة كربلاء 9 ملايين لتر من الوقود يوميا، أي “أكثر من نصف” 15 مليون لتر يوميا يستوردها العراق، كما قال إحسان موسى غانم معاون المدير العام لشركة توزيع المنتجات النفطية العراقية.
وينتج العراق الذي يملك ثلاث مصاف في الخدمة، نصف احتياجاته اليومية من الوقود التي تبلغ نحو 30 مليون لتر، وفق موسى، فيما يستورد النصف الآخر.
وتشير البيانات إلى أن العراق لديه 14 مصفاة، منها اثنتان تحت الإنشاء في الفاو والأنبار، إذا ما تم استثناء مصفاة كربلاء، ويبلغ مجموع الطاقة الإنتاجية للمصافي العاملة قرابة 1.3 مليون برميل يوميا.
أبرز الفرص
● مصفاة العمارة بطاقة 150 ألف برميل يوميا
● مصفاة المثنى بطاقة 100 ألف برميل يوميا
● مصفاة كركوك بطاقة 100 ألف برميل يوميا
● مصفاة القيارة بطاقة 70 ألف برميل يوميا
ولدى البلد مصفاتان كبيرتان هما الدورة وبيجي، وتصل طاقتها إلى 210 آلاف برميل يوميا، والبصرة وتصل طاقتها إلى 140 ألف برميل يوميا. وتقول مصادر في القطاع إن إنتاجهما الفعلي يصل إلى ما بين 200 و250 ألف برميل يوميا.
وتشير تقديرات حكومية إلى أن العراق يستورد ما قيمته 5 مليارات دولار سنويا من مشتقات النفط لسد الحاجة المحلية التي تقدر بنحو 600 ألف برميل يوميا.
وكان عبدالجبار قد أشار العام الماضي إلى أن بلاده تخطط لوقف استيراد الوقود نهائيا اعتبارا من 2023، مع وصولها إلى الاكتفاء الذاتي.
وقال إن “المشاريع الجارية بشأن تكرار النفط محليا، ستضيف إنتاج مليون لتر من البنزين يوميا، ليبلغ الإجمالي 4 ملايين لتر يوميا”.
وأبرمت شركة مصافي الجنوب التابعة لوزارة النفط في ديسمبر 2021 مع شركة صينية لإنشاء مصفاة الفاو بطاقة 300 ألف برميل يوميا بتكلفة تصل إلى ثمانية مليارات دولار مع مجمع للبتروكيمياويات بقيمة 21 مليار دولار.
وفي سبتمبر من العام ذاته تم الاتفاق مع شركتي سيب السويدية وليماك التركية لبناء مصفاة نفط بطاقة 70 ألف برميل يوميا بالقرب من مدينة الموصل في شمال البلاد.
ومن المتوقع أن تستخدم المصفاة النفط الخام الثقيل من حقل القيارة النفطي الشمالي لإنتاج الوقود.
وتأتي الصفقة بعد ثلاثة أشهر من توقيع شركة مصافي الجنوب اتفاقا مع شركة الأوسط للخدمات المحدودة الإماراتية المتحالفة مع باور وسي.أن.أي.سي ونورينكو الصينية، لإنشاء مصفاة ذي قار لتكرير النفط بطاقة مئة ألف برميل يوميا.
وسبق أن وقعت وزارة النفط في 2018 اتفاقا مع شركة رانية الدولية، ومقرها إقليم كردستان، لبناء مصفاة نفطية قرب مدينة كركوك في شمال البلاد بطاقة تبلغ نحو 70 ألف برميل يوميا.