العراق يستعد لشراء السلاح من المواطنين لحصره بيد الدولة

وزارة الداخلية العراقية تعلن عن جهوزية 697 مركزا والبوابة الإلكترونية لشراء الأسلحة، في خطوة يرى مراقبون أنها تحتاج أيضا إلى تشجيع الناس على التعاون مقابل منحهم الثقة على حمايتهم.
الخميس 2024/01/18
خطوة جديدة لإنهاء فوضى السلاح

بغداد – أعلنت وزارة الداخلية العراقية الأربعاء عن استعدادها لإطلاق مشروع "حصر السلاح بيد الدولة" يتضمن شراء الأسلحة من المواطنين عبر خطة تشمل جوانب إعلامية وقانونية وإدارية، وذلك في إطار البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد مقداد الموسوي في بيان الأربعاء إن "الأيام القليلة المقبلة ستشهد عقد مؤتمر بحضور رئيس الوزراء والوزراء واللجنة المعنية، يعلن من خلاله إطلاق مشروع حصر السلاح بيد الدولة، عبر بوابة أور الإلكترونية، والقيام بشراء الأسلحة من المواطنين".

وأضاف إن "697 مركزاً لشراء الأسلحة من المواطنين بات جاهزاً، وإن النافذة الإلكترونية جاهزة أيضاً، وفي الأسبوع المقبل سيتم اطلاع وسائل الإعلام بشأن المؤتمر".

وكان السوداني قد تعهد في نوفمبر 2022 بإنهاء ظاهرة "السلاح المنفلت" في برنامجه الحكومي، وهو نفس الشعار الذي رفعته كل الحكومات منذ العام 2005، دون التقدم في هذا الملف، بل على العكس، فإن السلاح بات في المتناول، مسببا كثرة في الجرائم والاعتداءات.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة من شأنها تمكّن وزارة الداخلية العراقية على كمية السلاح المنتشرة في البلاد ومالكيها ومصادرها والهدف من وجودها خارج إطار الدولة، وكذلك إشعار مالك السلاح بأنه مرصود.

ويشير هؤلاء المراقبين إلى وجوب أن تتضمن هذه الخطوة خطة وطنية شاملة للملمة السلاح وتشجيع الناس على التعاون ومنحهم في المقابل الثقة بقدرة الدولة على حمايتهم، وبالتالي انتفاء الحاجة إلى اقتناء أسلحة في المنازل.

وسبق أن أعلنت وزارة الداخلية، في مايو من العام الماضي، عن خطة تشمل جوانب إعلامية وقانونية وإدارية، لحصر السلاح بيد الدولة، منها إجراء عمليات تفتيش ومصادرة للأسلحة الخفيفة غير المسجّلة، وتقديم مالك السلاح المتوسط والثقيل للمساءلة القانونية.

ولا توجد إحصاءات رسمية حول ظاهرة انتشار السلاح في العراق، ما بين الفردي والمتوسط والثقيل، لكن التقديرات غير الرسمية تتحدث عن نحو 30 قطعة سلاح لكل مئة مواطن. وعلى سبيل المثال، تقول التقديرات الحكومية إن العشائر العراقية تمتلك وحدها نحو سبعة ملايين قطعة سلاح.

كما أنه لا تقديرات رسمية لعدد ضحايا السلاح المتفلت في العراق، لكن المؤكد أنه في مرحلة ما بعد العام 2003، هناك الآلاف الضحايا من كل فئات المجتمع العراقي سقطوا قتلى وجرحى بسبب هذه الظاهرة القاتلة.

وتفاقم هذه الظاهرة لا يعكس قوة النزعة العشائرية وحدها في العراق، ذلك أن عوامل عديدة ساهمت في تضخيمها على مر السنوات.

فقد اتخذ تفلت السلاح منحى أكبر بعد الغزو الأميركي وانهيار المنظومة العسكرية للنظام والاستيلاء على مخازن ومستودعات السلاح، بالإضافة إلى تدفق السلاح من الخارج في إطار التهريب والصفقات التي كان يبرمها تجار وسماسرة وزعماء أحزاب وقوى مسلحة. إذ تضخمت ظاهرة أسلحة العشائر والقبائل إلى درجة أنها صارت تخوض اشتباكات مسلحة في ما بينها، يدوم بعضها لعدة ساعات، ويسقط فيها ضحايا من كل الأطراف، أحيانا لأسباب مرتبطة بنزاع على ملكية أرض أو عادات الثأر أو المشاكل الاجتماعية الأخرى.

وتعلن الأجهزة الأمنية بين الحين والآخر عن ضبط أسلحة ثقيلة ومتوسطة ويتبين أنها تستخدم في النزاعات العشائرية.

وكما يبدو فإنه كلما كان الوضع الأمني يشهد توترا، كان الحرص على اقتناء سلاح يزداد. ولهذا، فإنه في ذروة القتل الطائفي الذي عاشه العراق في السنوات الأولى من الغزو، ازدهرت سوق السلاح بشكل علني وكبير. وفي نفس السياق، فإنه عندما غزت عصابات داعش العراق، كان من الطبيعي أن يقبل العراقيون على شراء ما يمكنهم من أسلحة فردية.