العراق يرغب في التعاون مع فرنسا في مجال التصنيع الحربي

بغداد – أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال استقباله وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان ليكورنو في بغداد اليوم الأربعاء رغبة حكومته بالتعاون مع فرنسا في مجال التصنيع الحربي.
وأجرى السوداني مباحثات مع وزير الجيوش الفرنسية، الذي يزور العاصمة العراقية على رأس وفد أمني فرنسي ضمن جولة تشمل عدة دول في المنطقة.
ووفق بيان للمكتب الحكومي العراقي شهد اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وآفاق تطويرها على المستوى الأمني، ضمن نطاق التحالف الدولي، وفي إطار المشورة والتدريب لرفع أداء القوات الأمنية العراقية، والتأكيد على مواصلة التعاون الثنائي لمواصلة التدريب، والتعاون في مجال التسليح، وتبادل المعلومات.
ونقل البيان عن السوداني إشادته "بدعم فرنسا للقوات العراقية"، مشيراً إلى اتفاقية الشراكة الاستراتيجية التي وُقّعت خلال زيارة السوداني إلى فرنسا في يناير الماضي"، مشيرا إلى أنها "تمثل خارطة عمل واضحة لتنمية العلاقات العراقية الفرنسية في مجالات الاقتصاد والأمن والطاقة، والثقافة والتعليم، وغيرها".
وتطرق السوداني خلال اللقاء إلى أن "الحكومة العراقية تولي اهتماما بموضوع التدريب التسليح والرغبة في التعاون مع الشركات الفرنسية في هذا الصدد، لاسيما في مجال سلاح الجو ومنظومة الدفاع والتصنيع الحربي"، مؤكداً أن "التعاون مع فرنسا لا يقتصر على الجانب الأمني فحسب، وإنما يمتدّ ليشمل مجالات عدة، في ظل توفر فرص حقيقية لعقد شراكة معززة للتكامل بين البلدين".
وأكد رئيس الوزراء العراقي أن "الحكومة تعمل على تنظيم العلاقة مع التحالف الدولي في العراق، بالشكل الذي يتناسب مع مرحلة ما بعد الحرب على عصابات داعش الإرهابية".
وأضاف أن "المرحلة ما بعد الحرب على داعش في العراق تشهد تناميا كبيرا لقدرات القوات الأمنية العراقية بمختلف صنوفها العسكرية" .
ونقل بيان الحكومي عن ليكورنو تأكيده "استعداد الحكومة الفرنسية للتعاون مع العراق في مجال التدريب والتسليح وتطوير القدرات"، وأشار إلى جدية حكومة بلاده "في تقديم كل ما يحتاجه العراق، وتطوير الشراكة الحقيقية معه".
وتأتي زيارة وزير الجيوش الفرنسية إلى تثبيت تفاهمات سابقة مع الجانب الفرنسي خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي باريس في نهاية يناير الماضي، حيث وقع العراق وفرنسا على اتفاقية "الشراكة الاستراتيجية"، وتتضمن الاتفاقية جوانب أمنية وعسكرية إلى جانب موضوع الطاقة المتجددة والتعليم.
ويرى مراقبون أن توجه الحكومة العراقية نحو فرنسا يعود إلى ضغوط التحالف الحاكم بالعراق "الإطار التنسيقي"، المعروف بقربه من طهران والذي تبنى إخراج القوات الأميركية في حملته الانتخابية الأخيرة، حيث تسعى هذه القوى إلى تقليل اعتماد العراق على الترسانة العسكرية الأميركية، لهذا تشجع التوجه لأي دولة أخرى في هذا الإطار بما فيها فرنسا.
وتُعتبر فرنسا أحد أكبر ثلاثة مساهمين في جهود التحالف الدولي للحرب على الإرهاب، الذي تقوده الولايات المتحدة منذ نهاية عام 2014، وشاركت القوات الفرنسية في عمليات عسكرية داخل العراق إلى جانب سلاح الجو الفرنسي، كما يوجد حاليا العشرات من العسكريين الفرنسيين بقواعد عراقية شمالي البلاد ضمن جهود تدريب وتطوير إمكانات القوات العراقية.
وكان الوزير الفرنسي قد عقد في بغداد الثلاثاء مؤتمرا صحافيا مع نظيره العراقي ثابت العباسي الذي قال "راجعنا العلاقة الفرنسية العراقية بشكل مجمل". مضيفاً "ناقشنا كذلك تواجد القوات الفرنسية ضمن التحالف الدولي والدور المهم الذي يقومون به في مجال مكافحة الإرهاب وبقايا تنظيم" داعش.
ومن جانبه رحب لوكورنو بـ"العمل الحاسم" للقوات الفرنسية في العراق، إلى جانب القوات العراقية و"شركاء آخرين من بينهم الشريك الأميركي" بحسب ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. مضيفا "أمامنا حالياً خارطة طريق ثنائية لتعزيزها وتوطيدها"، متحدثاً عن "دورة تدريب فريدة مقبلة نطلق عليها اسم (كتيبة الصحراء)".
وأوضح أن الدورة التي تمتد لعامين تضم 80 مدرباً فرنسياً سيتناوبون "على تدريب ما يعادل 5 كتائب، أي 2100 عسكري عراقي"، وأشار كذلك إلى "المناقشات" التي تجريها بغداد مع مجموعة "تاليس" الفرنسية.
موضحاً أن "الأمور تتقدّم جيداً بالفعل لا سيما بخصوص الرادار جي أم 400، والمناقشات سوف تستمر بشأن معدات أخرى ورادارات أخرى".
ومن المقرر أن يزور المسؤول الفرنسي مدينة أربيل، حيث سيلتقي بالمسؤولين العراقيين الأكراد، إلى جانب زيارة قاعدة حرير الجوية التي تضم عسكريين فرنسيين يعملون ضمن جهود التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد داعش.
وقال مصدر في وزارة الدفاع الفرنسية أن الوزير سيبحث في أربيل "قضايا الأمن الداخلي والإقليمي ويؤكد على تمسك فرنسا بالحفاظ على السيادة الوطنية للعراق وأمن أراضيه".
وتأتي مباحثات وزير الجيوش الفرنسية في العراق وسط توجهات للمسؤولين العراقيين لعقد صفقات تسليحية تقضي بتزويد بغداد بمجموعة من الطائرات الحربية والرادارات.
وكان السوداني قد بحث في باريس مع ممثلي شركة تالس الفرنسية لإنتاج الأسلحة تزويد بلاده برادارات تخصصية للارتفاعات العالية والواطئة بما يؤمن مسارات الطيران المدني والعسكري وتأمين الأجواء العراقية من الطيران غير المصرح به.
كما بحث مع وفدَ ممثلي شركة داسو الفرنسية تزويد العراق بطائرات رافال المقاتلة لصالح القوة الجوية العراقية وطائرات فالكون المدنية لصالح الطيران المدني العراقي. ومع وفد يمثل شركة ايرباص المتخصّصة بصناعات الطيران تدعيم طيران الجيش العراقي بمروحيات مقاتلة وتخصّصية بما يرفع كفاءة القوات الأمنية في ملاحقتها عناصر تنظيم داعش الإرهابي وحماية الحدود العراقية حيث تعتبر فرنسا الدول الداعمة للعراق في الحرب على الإرهاب.
وتشير تقارير إلى أن العراق راغب في شراء 14 طائرة مقاتلة فرنسية لتعزيز أسطوله الجوي حيث أنه يمتلك حاليا اسطولاً يضم 34 طائرة أف 16 المقاتلة الأميركية وكذلك طائرات تشيكية فضلا عن طائرات سيخوي الروسية وطائرات كورية مقاتلة.
وخلال وجود السوداني في باريس فقد وقع مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اتفاقية للشراكة الاستراتيجية نص أحد بنودها على ان العراق وفرنسا يدركان المصالح المُشتركة التي تجمعهما في مواجهة مخاطر التَّهديدات الإرهابيّة ومكافحة التَّطرُّف.
كما ابرما مُذكَّرة تفاهم بشأن تبادل المعلومات واخرى متعلقة بالتعاون العسكريّ الثنائيّ بما يضمن وضعاً قانونياً وقائياً للكوادر العسكريّة والمدنيّة الفرنسية في العراق.
كما قرر البلدان تشكيل لجان ثنائية في مجالي الدفاع والأمن ومتابعة تنفيذ الخطط السَّنويّة للتعاون الثنائيّ الدِّفاعيّ وتعزيز قدرات الدفاع العسكريّة العراقيّة من خلال تنمية المهارات الضروريّة وتسهيل التزوّد بالمُعدات الحربيّة فرنسية الصُّنع وتفعيل تبادل المعلومات والاستخبارات العسكريّة بين الطرفين.
وفي فبراير 2022 كشف موقع "ديفينس نيوز" الأميركي المتخصص بالأخبار العسكرية عن تطلع العراق لشراء 14 مقاتلة فرنسية طراز "رافال" بقيمة 240 مليون دولار سيسدد العراق ثمنها بشحنات من النفط حيث يحتاج العراق لهذه الطائرات لاستهداف فلول تنظيم داعش في جميع انحاء البلد ولتؤدي مهمات اعتراضية.