العراق يرد على أنباء دخول فصائل ولائية إلى سوريا: كلام إنشائي

تقارير تتحدث عن دخول العشرات من مقاتلي الحشد الشعبي عبر طريق عسكري قرب معبر البوكمال، بعدما فقدت الحكومة السورية السيطرة على مدينة حلب.
الثلاثاء 2024/12/03
طمأنة الشارع العراقي بأن الحدود مؤمنة بالكامل ولا يمكن اختراقها

بغداد/دمشق - ردت وزارة الداخلية العراقية، اليوم الاثنين، على أنباء أشارت إلى تخطي الفصائل المسلحة الحدود والدخول إلى سوريا عبر العراق، بـ"الكلام الإنشائي"، مؤكدة أن الحدود العراقية مؤمنة بالكامل.

وقال المتحدث باسم الوزارة العميد مقداد ميري في مؤتمر صحافي إن "ما يدور من احداث في المنطقة الاقليمية اصبح حديث الشارع العراقي، وأن الغاية من هذا المؤتمر هو طمأنة الرأي العام بعد إطلاق اشاعات بأن الأمن متعرض للخطر وأن الحدود غير مؤمنة".

وأشار إلى "تأمين 3813 كيلومتر من الحدود العراقية"، مؤكداً أن “الحدود مع سوريا مؤمنة بشكل أكبر من بقية حدود دول الجوار".

وأوضح أن "المعلومات التي تشير إلى دخول الفصائل عبر الأراضي العراقية إلى سوريا "كلام إنشائي" يتم تداوله على فيسبوك"، مشيراً إلى أنه "لا توجد أي حركة مسجلة على الحدود، وأن اختراق الحدود غير ممكن اطلاقا بحكم التحصينات والقطعات العسكرية الموجودة على الحدود العراقية السورية".

وتابع العميد ميري أن "الحدود من سوريا مؤمنة بشكل كامل عبر فرقتين من قيادة قوات الحدود، إضافة إلى دعم من الجيش والحشد الشعبي"، موضحاً أن "وزارة الداخلية ارسلت قطعات من الرد السريع وقيادة قوات الشرطة الاتحادية الى هناك".

وفي وقت سابق الاثنين، كشفت مصادر سورية لوكالة رويترز، وحسابات داعمة لنظام الرئيس بشار الأسد، عن "وصول مقاتلين عراقيين من الحشد الشعبي إلى سوريا، لدعم قوات النظام" في مواجهة الفصائل المسلحة المعارضة، التي سيطرت خلال الأيام الماضية على مدن وقرى أهمها حلب، ما قد يجر العراق لأن يكون هدفا مواليا في الحرب، وأن يصبح قطعة الدومينو التالية في مسلسل انهيارات حلفاء إيران.

وقال مصدران في الجيش السوري إن عناصر من فصائل شيعية مدعومة من إيران دخلت سوريا الليلة الماضية من العراق وتتجه إلى شمال سوريا لتعزيز قوات الجيش السوري التي تقاتل قوات المعارضة.

ويأتي ذلك بعدما فقدت الحكومة السورية السيطرة على مدينة حلب لصالح هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة، لأول مرة منذ اندلاع النزاع وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وذكر مصدر كبير في الجيش السوري لرويترز أن عشرات من مقاتلي قوات الحشد الشعبي العراقية المتحالفة مع إيران عبروا أيضا من العراق إلى سوريا عبر طريق عسكري بالقرب من معبر البوكمال.

وتابع "ها هي تعزيزات جديدة لمساعدة إخواننا على خطوط التماس في الشمال"، مضيفا أن المقاتلين ينتمون لفصائل تشمل كتائب حزب الله العراقية ولواء فاطميون.

ونشر حساب مقرب من النظام السوري، مساء الأحد، لقطات لمقاتلين قال إنهم من "الحشد الشعبي وقوات صديقة" ذهبوا إلى سوريا "للمشاركة في القضاء على التنظيمات الإرهابية".

وفي الأسابيع الأخيرة، كانت بغداد تصدر تحذيرات فضفاضة للميليشيات، ودون تسميتها، بالتوقف عن محاولة جر العراق إلى الحرب، من دون أن تتدخل لمنع إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل.

ولم يكن الأمر يثير غضبا واضحا من إسرائيل أو الولايات المتحدة لأن القصف كان محدودا وغير مؤثر، وهو أقرب إلى تسجيل موقف. لكن الآن الأمر مختلف، فالسماح بدخول العشرات من المقاتلين بأسلحتهم إلى سوريا لن يقابل بصمت إسرائيلي أو أميركي بعد أن قرر الإسرائيليون وقف اتخاذ سوريا واجهة لمعارك إيران ضد بلادهم.

ولا يمكن لإسرائيل التي ضربت معابر تهريب السلاح إلى حزب الله وفككت الوجود الإيراني في سوريا خلال أشهر أن تسمح له بالعودة باسم “محاربة الإرهابيين” المناوئين للرئيس السوري بشار لأسد.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين من فصائل شيعية إلى سوريا خلال الحرب الأهلية والتي ساهمت، مع روسيا بقواتها الجوية، في تمكين الرئيس السوري بشار الأسد من سحق قوات المعارضة واستعادة معظم الأراضي التي سيطرت عليها.

ووفقا لمصدرين آخرين في الجيش، فإن الافتقار إلى تلك القوة البشرية للمساعدة في إحباط هجوم قوات المعارضة في الأيام القليلة الماضية ساهم في التراجع السريع لقوات الجيش السوري وانسحابها من مدينة حلب.

دخول الميلشيات قد يجر العراق لحرب مدمرة
دخول الميلشيات إفي الصراع السوري قد يجر العراق إلى حرب مدمرة

وفي السياق، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصدر سياسي قوله إن "إيران بدأت بإرسال قوات إلى سوريا في محاولة لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد لمواجهة التنظيمات المسلحة، التي شنت هجوما مباغتا على ريفي حلب وإدلب".

وقالت صحيفة هآرتس، عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن "إيران بدأت، في إرسال قوات إلى سوريا في محاولة لمساعدة الحكومة السورية على مواجهة تحرك التنظيمات المسلحة، شمالي البلاد".

وأشارت الصحيفة، إلى أن "إسرائيل تخشى أن تستغل إيران التطورات في سوريا، لزيادة قواتها بشكل كبير في البلاد".

كما قالت هيئة البث الإسرائيلية، نقلا عن مصادر استخباراتية غربية، إن "حزب الله قام بتحويل بعض من قواته من لبنان إلى سوريا من أجل حماية منشآته هناك".

وأضافت الهيئة، نقلا عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين، أن "الأحداث في سوريا يمكن أن تساعد على المدى القصير في إحلال الهدوء على الحدود الشمالية لإسرائيل".

على صعيد متصل، صرح النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الشؤون العسكرية في لجنة الأمن القومي البرلمانية الإيرانية، بأن "هناك احتمالا لأن ترسل إيران ما وصفه بـ"القوات الاستشارية" إلى سوريا".

ونقل موقع "ديده بان إيران" عن كوثري، وهو لواء في الحرس الثوري، قوله، إن "إرسال تلك القوات إلى سوريا يعتمد على التطورات الميدانية وقرارات القيادة الإسرائيلية"، كما أكد أن هجمات حلب "تهدف إلى قطع طريق الدعم الإيراني لحزب الله بتخطيط من الولايات المتحدة وإسرائيل، في فترة وقف إطلاق النار التي تستمر 60 يوما".

واتهم كوثري "الولايات المتحدة وإسرائيل بالتخطيط المسبق للهجوم الذي شنته الجماعات المسلحة على مناطق شمال غربي سوريا، فور إعلان وقف إطلاق النار في لبنان".

وتوقع المسؤول الإيراني أن "يشن الجيش الإسرائيلي هجومًا جديدًا بعد 60 يومًا على جنوب لبنان لزيادة الضغط على حزب الله وجبهة المقاومة بعد إعادة تموضعه، داعيًا من وصفهم بـ"جبهة المقاومة" إلى خوض معركة "دقيقة وفعالة" لمنع الجماعات المسلحة من التمركز في حلب وبقية مناطق شمالي سوريا، وأن تعمل على “قمعهم بشكل دقيق لضمان استمرار التواصل بين سوريا وحزب الله".

ونفى كوثري أن "يكون عدد المستشارين الإيرانيين في سوريا كبيرا جدا، حيث أن أعداد القوات، لو كانت كما في السابق، لتصرفت على الفور، إلا أنه توقع تدخلاً قويا من "جبهة المقاومة" لمنع عودة الجماعات المسلحة، وإحباط ما وصفه بالمخطط الأميركي – الإسرائيلي".

وبحث رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ليلة الأحد، في اتصال هاتفي من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، تطورات الأحداث في سوريا، وما يحدث في الساحة الفلسطينية، وشدد الجانبين على ضرورة العمل على منع تداعي الأوضاع في سوريا بشكل يهدد أمن المنطقة واستقرارها.

إلى ذلك، أفاد مصدر أمني، اليوم الاثنين، بتحرك مدرعات من الجيش العراقي إلى الشريط الحدودي مع سوريا والأردن لتأمينها على خلفية التطورات الأمنية الأخيرة.

وقال المصدر لوكالة شفق نيوز، إن "قطعات مدرعة من الجيش العراقي تحركت لإسناد الحدود المنفتحة من مدينة القائم المجاورة لسوريا ولغاية الحدود الأردنية".

وأضاف أن "هذا التحرك يأتي بعد تعزيز القاطع الشمالي غرب نينوى بالقطعات المدرعة والآلية".

ووجهت المعارضة السورية، ليل الأحد، رسالة إلى الحكومة العراقية في محاولة منها لإزالة المخاوف بشأن تصعيد الاوضاع في سوريا.

وجاء في رسالة المعارضة السورية التي تقود هجوما واسعا على نظام بشار الأسد، "تود إدارة الشؤون السياسية في حكومة الإنقاذ السورية أن تؤكد على العلاقة الأخوية والودية الراسخة بين الشعب السوري والشعب العراقي تلك العلاقة التي تمتد عبر التاريخ، فطالما جمعت بيننا الأخوة والمصير المشترك، نحن في سوريا الحرة نؤمن تماما بأن مصالحنا المشتركة تتطلب التعاون والتفاهم المستمر بين بلدينا الشقيقين".

وأضافت أن "الثورة السورية التي انطلقت من أجل الحرية والكرامة، هي ثورة تسعى إلى تحرير الشعب السوري من ظلم نظام الأسد المجرم، ولا تشكل أي تهديد للأمن أو الاستقرار في العراق أو في أي دولة من دول المنطقة".

الجيش العراقي يحرك قطعات مدرعة لتأمين الحدود مع سوريا والأردن
الجيش العراقي يحرك قطعات مدرعة لتأمين الحدود مع سوريا والأردن

ويأتي ذلك، فيما أسفرت غارات جوية نفذتها القوات السورية بدعم روسي على شمال غرب سوريا عن مقتل 25 شخصا على الأقل، وفقا لمنظمة الخوذ البيضاء.

وقالت منظمة إنسانية تديرها المعارضة السورية وتعرف باسم الخوذ البيضاء صباح اليوم الاثنين إن ما لا يقل عن 25 شخصا قتلوا في شمال غرب سوريا في غارات جوية نفذتها الحكومة السورية وروسيا.

وأصبحت حلب، ثاني كبرى مدن سوريا، خارج سيطرة الحكومة السورية للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع، مع سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها على كل الأحياء حيث كانت تنتشر قوات النظام، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وذكرت مصادر عسكرية أن طائرات مقاتلة روسية وسورية قصفت مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة في شمال البلاد الأحد، في حين تعهد الرئيس بشار الأسد بالقضاء على مسلحي المعارضة الذين اجتاحوا مدينة حلب.

ونقلت الرئاسة السورية عن الأسد تشديده خلال استقباله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بدمشق على "أهمية دعم الحلفاء والأصدقاء في التصدي للهجمات الإرهابية المدعومة من الخارج".

واستبق عراقجي وصوله الأحد لدمشق، بتأكيد دعم بلاده "الحازم" للسلطات السورية، فيما توعد الأسد من جهته باستخدام "القوة" ضد "الإرهاب".

وأعلنت روسيا أن قواتها الجوية تساعد الجيش السوري في "صد" فصائل معارضة بمحافظات إدلب (شمال غرب) وحماة (وسط) وحلب (شمال).

وقال الجيش أيضا إنه استعاد السيطرة على عدة بلدات اجتاحتها المعارضة المسلحة في الأيام القلية الماضية.

وأفاد سكان بأن هجوما استهدف منطقة سكنية مزدحمة في وسط إدلب، وهي أكبر مدينة يسيطر عليها مسلحو المعارضة بالقرب من الحدود التركية حيث يعيش نحو أربعة ملايين شخص في خيام ومساكن مؤقتة.

وذكر رجال الإنقاذ في مكان الواقعة أن ما لا يقل عن سبعة أشخاص قتلوا وأُصيب العشرات.

ويقول الجيش السوري وروسيا إنهما يستهدفان مخابئ قوات المعارضة وينفيان مهاجمة المدنيين.

وقالت منظمة الخوذ البيضاء إن عشرة أطفال كانوا ضمن قتلى الغارات الجوية في إدلب وحولها وعلى أهداف أخرى في أراض تسيطر عليها المعارضة بالقرب من حلب.

وأضافت المنظمة في بيان على منصة إكس أن إجمالي عدد القتلى جراء الغارات السورية والروسية منذ 27 نوفمبر ارتفع إلى 56 بينهم 20 طفلا.

والأحد، قال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة "باتت تسيطر على مدينة حلب بالكامل، باستثناء الأحياء الخاضعة لسيطرة القوات الكردية" بشمالها.

وبذلك أصبحت المدينة "للمرة الأولى خارج سيطرة قوات النظام منذ اندلاع النزاع" عام 2011.

ويضم الجزء الشمالي من مدينة حلب أحياء عدة تقطنها غالبية كردية، أبرزها الشيخ مقصود والأشرفية، وتخضع لسيطرة القوات الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيا والتي تشكل الذراع العسكرية للإدارة الذاتية الكردية.

وكانت القوات الحكومية قد استعادت السيطرة على كامل مدينة حلب نهاية عام 2016 بدعم جوي روسي، بعد معارك وجولات قصف وسنوات من الحصار للأحياء الشرقية فيها والتي شكلت معقلا للفصائل المعارضة منذ صيف 2012.

وكان لإيران والمجموعات الموالية لها نفوذ واسع بمدينة حلب ومحيطها، قبل أن تخلي عددا من مواقعها تباعا خلال الأشهر الماضية، وفق المرصد.

كما كثفت إسرائيل في الأشهر القليلة الماضية من ضرباتها على القواعد الإيرانية في سوريا بينما نفذت حملة في لبنان تقول إنها أضعفت جماعة حزب الله وقدراتها العسكرية.

وتقود الهجوم هيئة تحرير الشام، المصنفة "إرهابية" من الأمم المتحدة والتي تعد إدلب معقلها الرئيس مع فصائل سورية أخرى أقل نفوذا. وتمكنت خلال اليومين الماضيين من السيطرة على غالبية أحياء حلب والمطار الدولي، إضافة إلى عشرات المدن والقرى بإدلب وحماة "مع انسحاب قوات النظام منها"، وفق المرصد.

ودعت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، الأحد، جميع الأطراف في سوريا إلى خفض التصعيد وحماية المدنيين.

وحثت الدول الأربع على الحفاظ على البنية التحتية في المناطق التي تعرف اشتباكات بين قوات النظام السوري والمعارضة المسلحة، "من أجل منع مزيد من النزوح".

وقالت الدول في بيان مشترك، نشره مكتب المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية "نُراقب الوضع عن كثب".

وأكد البيان أن التصعيد الحالي لا يبرز سوى الحاجة الملحة لحل سياسي بقيادة سورية للنزاع، وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254.