العراق يراهن على تحلية مياه البحر لمواجهة شح الأمطار

ضرورة حصول العراق على حصته المائية دون نقص وضبط الخطط الزراعية باستخدام التقنيات الحديثة.
الأحد 2023/05/07
الجفاف يتوسع داخل العراق

بغداد - أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني السبت، اعتزام بلاده البدء بمشروع تحلية مياه البحر لمواجهة شح المياه. وقال السوداني خلال افتتاحه مؤتمر بغداد الثالث للمياه بمشاركة دولية وعربية وإقليمية إن "ملف المياه في العراق حساس ويمر بوقت حرج جراء التغيّرات المناخية، حيث تعاني البلاد من هذه الآثار".

وأضاف أن أزمة المياه بحاجة إلى التعاون بين العراق ودول المنبع التي "نتشارك معها المياه"، مشددا على ضرورة أن يحصل العراق على حصته المائية دون نقص، وضرورة ضبط الخطط الزراعية في البلاد من خلال استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة.

وأكد على ضرورة "التوصل إلى إدارة رشيدة مشتركة مع الدول الإقليمية بشأن ملف المياه، ونحن جادون في معالجة جميع المشاكل"، داعيا المجتمع الدولي والمنظمات المتخصصة إلى إنقاذ نهري دجلة والفرات على خلفية التغيّرات المناخية التي يواجهها العراق.

محمد شياع السوداني: ملف المياه في العراق حساس ويمر بوقت حرج جراء التغيّرات المناخية
محمد شياع السوداني: ملف المياه في العراق حساس ويمر بوقت حرج جراء التغيّرات المناخية

وسبق أن وجه السوداني خلال اجتماع وزاري في ديسمبر الماضي إلى تسريع آليات التعاقد والتمويل، والخطوات التنفيذية لمشروع تحلية مياه البحر في محافظة البصرة، مشيرا إلى عزم الحكومة إشراك شركات عالمية رصينة في تنفيذ المشروع، من أجل تقديم منجز يتسم بالكفاءة وينهي ملف تحلية المياه بشكل جذري.

وأوضح أن المشروع سيشمل أيضا تشييد محطّة كهربائية جديدة، إضافة إلى توفير المياه لزيادة طاقات المكامن النفطية. ويعتمد العراق في تأمين المياه أساسا على نهري دجلة والفرات وروافدهما التي تنبع جميعها من تركيا وإيران وتلتقي قرب مدينة البصرة جنوب البلاد لتشكل شط العرب الذي يصب في الخليج العربي.

وأجبر الجفاف ونقص المياه العراق بالفعل على خفض المساحات المزروعة إلى النصف لموسم الشتاء 2021 – 2022. وكان الرئيس العراقي السابق برهم صالح أكد العام الماضي أن بلاده ستواجه عجزا في المياه يقدر بأكثر من 10 مليارات متر مكعب بحلول عام 2035.

وقال وزير الموارد المائية في العراق عون ذياب عبدالله إن هذا المؤتمر يشكل فرصة لمواجهة المخاطر التي تواجه الموارد المائية والعمل على تقاسم المياه.

ويناقش المؤتمر على مدى يومين ملفات وتقارير حول التحولات المناخية وآثارها السلبية على المياه والخطط الموضوعة لمواجهة مشاكل نقص المياه والإدارة المشتركة بين الدول المتشاطئة.

من جهته، أكد وزير الطاقة الإيراني على أكبر محربيان أن بلاده ملتزمة بكل الاتفاقيات الدولية بشأن تقاسم المياه مع الدول الإقليمية والتوصل إلى تفاهمات مشتركة لحل مشكلة المياه. وقال محربيان "لدينا مع العراق اتفاق طويل الأمد بشأن إدارة ملف المياه".

لكن العراقيين يتهمون إيران مثلها مثل تركيا بالتسبب في أزمتهم المائية. ولم تضع الحكومة الإيرانية على طاولة المفاوضات حول المياه مع بغداد أي التزام بحقوقها المائية، متبنّية نظرية السيادة الإقليمية المطلقة على النهر التي تتيح لها التحكم بالمياه دون مراعاة لدول المجرى أو المصب.

وكان وزير الموارد المائية العراقي اتهم قبل أكثر من عام إيران بأنها قطعت المياه بشكل كامل عن بلاده، مما أثر بشكل مباشر على المناطق الحيوية المهمة في مناطق بمحافظة ديالى (شرقي البلاد)، إضافة إلى شط العرب.

وسبقها إعلان لوزارة الزراعة والموارد المائية في إقليم كردستان العراق أن إيران قطعت إمدادات المياه عن الإقليم بنسبة 100 في المئة. واعتبرت تصرفات طهران مخالفة للأعراف والمواثيق الدولية، فضلا عن استغلالها المياه في أعالي الحوض وعدم مراعاة مصلحة مناطق المصب، حيث بدأ المخزون المائي يتناقص في سد حمرين المقام على نهر ديالى.

عون ذياب عبدالله: المؤتمر فرصة لمواجهة المخاطر التي تواجه الموارد المائية والعمل على تقاسم المياه.
عون ذياب عبدالله: المؤتمر فرصة لمواجهة المخاطر التي تواجه الموارد المائية والعمل على تقاسم المياه.

وتغذي المياه القادمة من إيران مناطق حدودية واسعة بين البلدين. وتنقسم هذه المياه إلى أربعة أقسام: يتمثل الأول في الأنهار الكبيرة وروافدها التي تأتي من المرتفعات الإيرانية، وبالأخص نهرا الزاب الأسفل وديالى اللذان يغذيان سد دوكان، ودربندخان وحمرين، يصبان في دجلة.

ويشمل القسم الثاني الأنهار ومجاري السيول الموسمية، خاصة في محافظتي واسط وميسان، وأشهرها الطيب ودويريج. أما القسم الثالث فيتمثل في نهر الكرخة الذي يصب في هور الحويزة ثم يغذي دجلة، ونهر الكارون الذي يصب في شط العرب جنوب مدينة البصرة. وأخيراً الوديان ومجاري السيول الموسمية بين البلدين، والتي تجلب المياه في مواسم الفيضان.

وتم قطع ستة من الأنهار الكبيرة أو تحويلها إلى داخل إيران، أهمها أنهار الوند والكارون والكرخة والزاب الأسفل، بعضها تم تحويله لأسباب سياسية داخلية؛ فقد تمكنت طهران من إيقاف تظاهرات غاضبة ضد سياسات مائية سابقة أدت إلى جفاف بحيرة أرومية الإيرانية عبر حفر نفق بطول 35 كيلومترا ينقل الماء من الزاب الأسفل إلى البحيرة لإعادة إنعاشها. واستُخدِمت المياه أيضا لأسباب سياسية مناطقية، حين تم سحب مياه الكارون الذي كان يغذي منطقة خوزستان، إلى مناطق وسط إيران. ولم تستجب الحكومة الإيرانية لأصوات السكان المتظاهرين من القرار.

وجراء انخفاض مناسيب المياه الواردة إلى العراق من كل من تركيا وإيران، فضلا عن انحسار سقوط الأمطار منذ 3 أعوام، أعلنت وزارة الزراعة العراقية عن تخفيض خطتها الزراعية للعام الحالي بنسبة 50 في المئة.

وحذر البنك الدولي من أن العراق قد يشهد انخفاضا بنسبة 20 في المئة في موارده المائية بحلول العام 2050 مع استمرار ظاهرة تغير المناخ، مشيرا إلى الانعكاسات السلبية خاصة على النمو والتوظيف. وأضاف أن "ندرة المياه" بدأت تتسبب في “تهجير قسري محدود النطاق” خاصة جنوب العراق.

3