العراق يجهز حزمة مشاريع استثمارية جديدة بقيمة ربع تريليون دولار

تحدو المسؤولين العراقيين آمال كبيرة لاستقطاب استثمارات بالمليارات من الدولارات في الفترة القليلة المقبلة، بما ينسجم مع تطلعاتهم إلى تنشيط الاقتصاد عبر مشاريع متنوعة في العديد من المجالات، رغم التحديات التي تحتاج الحكومة إلى إزالتها لتحقيق أهدافها.
بغداد - يخطط العراق لطرح حزمة واسعة من المشاريع الجديدة بهدف جذب استثمارات بقيمة تصل إلى ربع تريليون دولار خلال العامين المقبلين، وهي خطوة غير مسبوقة بحسب المحللين.
وتشمل الفرص، التي ستولد الآلاف من الوظائف للعراقيين، مشاريع في مجالات الطاقة المتجددة ومدنا صناعية وزراعية وشبكات سكك الحديد، بالإضافة إلى قطاعات التعليم والاتصالات والسياحة والترفيه.
وكشف رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار حيدر مكية خلال مقابلة مع بلومبيرغ الشرق الثلاثاء أن الهيئة أتمت كافة المتطلبات اللازمة لنحو 103 فرص استثمارية، إضافة إلى مشاريع مستقبلية كبيرة.
وقال إنه “ممكن خلال السنتين المقبلتين أن تكون هناك أموال متدفقة بحوالي 250 مليار دولار” إلى السوق العراقية.
وفي أكتوبر الماضي، أكد مستشار رئيس الوزراء لشؤون الاستثمار محمد النجار في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية أن الحكومة نجحت في استقطاب استثمارات تصل قيمتها إلى 100 مليار دولار خلال العامين الماضيين.
وقال النجار الذي يشغل منصب مدير صندوق العراق آنذاك “نحن في بداية الطريق وهناك مشاريع أخرى وبمبالغ كبيرة وفي مختلف القطاعات.”
وتتواكب مساعي جذب رؤوس الأموال الخارجية مع مشروع طريق التنمية، الذي كشف عنه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في مايو 2023، والذي يربط بلاده بدول الخليج وتركيا مرورا بأوروبا، ويعد مشروعا واعدا إذا ما تحققت الشروط المطلوبة.
وتهدف بغداد عبر المشروع الذي يضم مجموعة طرقات وسكك حديد وموانئ ومدنا جديدة، إلى اختصار مدة السفر والشحن بين آسيا وأوروبا عبر تركيا، والتحول إلى مركز للعبور عبر ميناء الفاو الذي يعد المحطة الأولى في هذا الممر التجاري.
وتبلغ الميزانية التقديرية للمشروع قرابة 17 مليار دولار، على أن يتم إنجازه على ثلاث مراحل، تنتهي الأولى منه في العام 2028، والثانية في عام 2033 والثالثة في عام 2050.
وتأتي الحزمة الجديدة وسط نشاط الهيئة لإحياء العشرات من المشاريع التي استؤنف العمل عليها، إضافة إلى إعادة تنشيط أخرى، ومعالجة العقبات التي تواجه المستثمرين مع الجهات المختلفة. ووفقا لمكية “بلغ عدد المشاريع المتعثرة 249 مشروعا.”
وتأسست هيئة الاستثمار عام 2006، ومنذ ذلك التاريخ وحتى نهاية 2022، لم يتجاوز حجم الاستثمارات المتدفقة إلى العراق 35 مليار دولار.
ولكن بعد تنفيذ إصلاحات إدارية وفنية ووضع ضوابط تسهّل عملية الاستثمار، ارتفع حجم الإجازات الاستثمارية الممنوحة إلى نحو 69 مليار دولار حتى يونيو الماضي، وفق مكية.
الحكومة عرضت هذا العام مشاريع خمس مدن جديدة للاستثمار في بغداد وبعض المحافظات، وهي تمضي باتجاه إطلاق 11 مدينة جديدة
وتعقيبا على تصريح السوداني، في أواخر أكتوبر، الذي أفاد بأن “حجم الاستثمار للعام 2024 بلغ 100 مليار دولار.” أوضح مكية أن “الرقم صحيح إذا جمعنا 69 مليار دولار المتدفقة من العام ذاته مع مشاريع أخرى إستراتيجية كمترو بغداد ومترو النجف – كربلاء.”
وعلى الرغم من النمو الملحوظ في حجم الاستثمارات في ثاني منتج للنفط الخام بعد السعودية في منظمة أوبك، أشار مكية إلى استمرار وجود تحديات تواجه المستثمرين الأجانب والمحليين.
وأكد أن “العقبة الأساسية للمستثمر هي تمويل المشاريع الاستثمارية.” موضحا أن قانون الاستثمار يلزم الهيئة، بالتنسيق مع وزارة المالية، بتقديم التسهيلات والقروض للمستثمرين.
ومع ذلك، فإن البنوك الحكومية والخاصة العاملة في العراق تفتقر للإمكانيات اللازمة لتمويل المشاريع، خاصة الإستراتيجية منها.
وتظهر الأرقام الرسمية أن 81 بنكا تعمل في العراق، لكن معظمها لم تدخل على نشاطها أيّ تحديثات تمكنها من الاستفادة من التطورات التي أضحت أحد المحددات التي تقيس معايير الشفافية والسرعة في تأمين المدفوعات والتعاملات التجارية.
وتنشط في السوق المحلية سبعة بنوك حكومية، فضلا عن فروع لبنوك أجنبية وخاصة من إيران، وأيضا ستاندرد تشارترد، ومقره لندن، ويمتلك عددا قليلا من الفروع ويركز على المشاريع الحكومية الكبرى.
أبرز المجالات المستهدفة
- الطاقة المتجددة
- مدن صناعية وزراعية
- شبكات سكك الحديد
- التعليم والاتصالات
- السياحة والترفيه
وكان الجهاز المصرفي، قبل الغزو الأميركي في 2023، يضم 4 بنوك فقط، هي مصرف الرافدين والمصرف الزراعي والمصرف الصناعي والمصرف العقاري، وجميعها حكومية تؤدي وظائف متخصصة، كل في مجاله الخاص.
وإلى جانب تمويل البنوك، يشكل تخصيص الأراضي تحديا أمام المستثمرين، بحسب مكية الذي وصف ذلك بـ”المشكلة الأزلية” التي تسعى الهيئة لمعالجتها تدريجيا.
وتعود ملكية غالبية الأراضي لوزارة المالية التي منحت الهيئة عددا من الأراضي في ست محافظات بالمنطقة الجنوبية، مع توقعات بالحصول على المزيد في الفترة المقبلة.
وبحسب مكية، فإن الأراضي والتصاريح الرسمية تم تخصيصها لهذه المشاريع، وأنها باتت جاهزة للإعلان وفتح المجال للتنافس بين المستثمرين.
وأفاد بأن الفرص الاستثمارية أصبحت في حقيبة كاملة لعرضها في ملتقى العراق للاستثمار المزمع عقده في بغداد، و”من المتوقع أن يتم ذلك بداية العام المقبل” دون تحديد تاريخ دقيق.
وكانت الهيئة قد أعلنت سابقا عن تنظيم الملتقى في نوفمبر الحالي، غير أن الفعالية تأجلت بسبب أحداث غزة ولبنان.
وفي يوليو الماضي، دعا العراق شركات من السعودية ومصر إلى الاستثمار في العقارات، وخاصة بناء المنتجعات السياحية والمرافق الترفيهية والفنادق، بالإضافة إلى السكن والمدن الجديدة.
وتحاول بغداد جذب المستثمرين لإعادة بناء الاقتصاد الذي تدمر جراء الحرب ضد داعش، حيث قدرت وزارة التخطيط قبل فترة احتياجات البلاد بنحو 88.2 مليار دولار لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار داخل البلاد.
وسبق أن أكد السوداني أن العراق يمتلك العديد من الوجهات السياحية المتنوعة، و”فيه العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة، لاسيما في مجال السكن ومشاريع المدن الجديدة.”
وأوضح أن البلاد تحتاج إلى 3 ملايين وحدة سكنية، وأن الحكومة تتجه نحو بناء المدن المتكاملة التي تضم جميع القطاعات والخدمات والمرافق الترفيهية والتجارية، وترتبط مع العاصمة بغداد بشبكة متطورة من طرق المواصلات.
وعرضت الحكومة هذا العام مشاريع خمس مدن جديدة للاستثمار في بغداد وبعض المحافظات، وهي تمضي باتجاه إطلاق 11 مدينة جديدة.