العراق يؤسس جهازا لحماية المستهلكين من التلاعب التجاري

بغداد - كشفت وزارة التجارة العراقية الثلاثاء عن قرب تشكيل مجلس حماية المستهلك، الذي طال انتظاره بفعل الفوضى التي شابت الأسواق التجارية في ظل الأزمات المتلاحقة.
وتزايدت المطالبات الشعبية خلال الأشهر الماضية بتأسيس هيئة تُعنى بحماية المستهلكين من التلاعب التجاري والمضاربة والاحتكار في السوق المحلية في ظل ارتفاع الأسعار بشكل مسبوق نتيجة ارتفاع تكاليف الواردات ومدخلات الإنتاج وغيرها.
ويفترض أن يعمل المجلس على التنسيق في عملية تكييف القضايا المعروضة أمامه مع الجهات المنفذة للقوانين، وكل حسب حالته وصلاحيات الجهات المسؤولة بدءا من تسلم الشكاوى والتدقيق والتحري وصولا إلى اتخاذ الإجراء المناسب بشأنها.
وقال الناطق باسم وزارة التجارة محمد حنون الحمداني في تصريح أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية إن “مجلس حماية المستهلك في طور التشكيل وهو من صلاحيات مجلس الوزراء”.
ولتحقيق الأهداف المرجوة حددت الوزارة خمسة أهداف جوهرية لقانوني حماية المنتجات المحلية وحماية المستهلك.
وأوضح الحمداني أن القانون يهدف إلى ضمان الحقوق الأساسية، ورفع مستوى الوعي الاستهلاكي، ومنع كل عمل يخالف قواعد استيراد أو إنتاج أو تسويق السلع أو ينتقص من منافعها أو يؤدي إلى تضليل المستهلك.
وأشار إلى أنه تم تشكيل مجلس المنافسة ومنع الاحتكار، ووزارة التجارة ممثلة بهذا المجلس عن طريق دائرة العلاقات الاقتصادية الخارجية.
وبموجب القانون ستتم حماية المنتجات المحلية من الآثار المترتبة على الممارسات الضارة في التجارة الدولية مع العراق، ومعالجة الأضرار الناجمة عنها، وتوفير بيئة لصناعة وطنية قادرة على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية.
وأكد الحمداني أن القانون يسعى لتحقيق أهدافه من خلال التنسيق بين الوزارات والجهات ذات العلاقة ومثيلاتها في الدول الأخرى والمنظمات الدولية عبر جمع المعلومات اللازمة والتقصي عنها وإجراء التبليغات واتخاذ الإجراءات المقتضية لتطبيق أحكامه.
وبالإضافة إلى ذلك، سيتم العمل على رفع التوصيات المقترحة لمواجهة الأضرار الناجمة عن الممارسات الضارة للمنتجين المحليين إلى مجلس الوزراء.
وتابع حنون أن “تحقيق أهداف القانون يتم أيضا من خلال نشر الوعي عن حالات الإغراق والدعم والزيادة غير المبررة في الواردات وسبل الوقاية منها”.
ويحدد القانون أيضا سبل تدريب المنتجين المحليين في شأن الحقوق والالتزامات القانونية والإجراءات الواجب اتخاذها في حالة توريد المنتجات إلى السوق المحلية وتصدير المنتجات إلى الخارج.
ويعد العراق متأخرا في ما يتعلق بحماية المستهلكين قياسا بالعديد من الدول العربية إذ لم تفكر الحكومات المتعاقبة منذ الغزو الأميركي للبلاد في 2003 في إطلاق جهاز يهتم بهذا الجانب الذي تمس سلبياته من القدرة الشرائية للمواطنين الذين هم في حاجة إلى الدعم.

ورغم وجود قوانين تردع كل من يمارس التلاعب التجاري ومكافحة الغش منها تشريع لحماية وتحسين البيئة صدر في 2009 وحماية المستهلك الصادر في 2010 وقانون الهيئة العراقية للاعتماد الصادر في 2017، لكن يبدو أنها غير كافية.
وشهدت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية ارتفاعا كبيرا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا نتيجة استيراد التضخم جراء غليان الأسعار في الأسواق العالمية، الأمر الذي أرهق ميزانية المواطنين وغير حساباتهم من حيث الإنفاق.
وبينما اتخذت الحكومة السابقة التي كان يرأسها مصطفى الكاظمي تدابير للسيطرة على الأسعار، عزا خبراء تنامي التضخم إلى تذبذب سعر صرف الدولار مقابل الدينار، فضلا عن عوامل أخرى تتعلق بالإنتاج والاستيراد العشوائي.
ويتوقع صندوق النقد الدولي استقرار التضخم في السوق العراقية خلال الأشهر القادمة بعد أن تراجع بالفعل عن ذروته عند 7 في المئة، في يناير 2023 إلى نحو 3.7 في المئة مع بداية العام الجديد.
وكانت الحكومة قد شكلت في مايو الماضي ثلاث لجان مشتركة من وزارة التجارة متمثلة بالأمن الوطني ودائرة الجريمة المنظمة وإدارة الرقابة التجارية لمتابعة الأسواق التجارية والقيام بجولات تفقدية بغية التثقيف بعملية ارتفاع الأسعار وأسبابها.