العراق والكويت يفتحان أبواب التعاون الاقتصادي الشامل

توقيع اتفاق لتطوير المنافذ الحدودية وتسريع التكامل الاقتصادي، وزخم سياسي جديد لطي صفحات الخلافات العالقة.
السبت 2019/02/23
اتفاق لبدء عهد جديد في العلاقات بين البلدين

تسارعت خطوات العراق والكويت نحو دخول مرحلة جديدة بتوقيع اتفاق “للتعاون الاقتصادي الشامل” بعد أكثر من 3 عقود من الجمود بشأن الكثير من الملفات المعقّدة، وسط حالة من التفاؤل بتحريك القضايا العالقة.

بغداد - وقّع وزير التجارة العراقي محمد العاني مع نظيره الكويتي خالد الروضان، في العاصمة بغداد، على اتفاق أولي للتعاون الشامل في المجال الاقتصادي، بعد ظهور زخم جديد وإرادة سياسية لإزالة العقبات التي خلّفها غزو العراق للكويت في عام 1990.

وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي قد عرض على الكويت التعاون لتطوير المنافذ الحدودية بين البلدين، بهدف تنشيط الحركة التجارية والاقتصادية خلال استقباله للوزير الكويتي يوم الأربعاء.

وقالت وزارة التجارة العراقية إن وزيري تجارة البلدين عقدا مباحثات لوضع الأسس الخاصة بتطوير الملف الاقتصادي وإن “العراق والكويت وقّعا محضرا للتعاون الثنائي المشترك في جميع المجالات، واتفقا على آليات للتكامل الاقتصادي وحلحلة المشاكل العالقة”.

ويرتبط العراق مع الكويت بمنفذ سفوان الحدودي، وينفذان مشاريع لتطور موانئ متجاورة كانت في السنوات الماضية موضع خلافات، بسبب تطوير الكويت لميناء مبارك الكبير قرب منفذ العراق الضيق على الخليج العربي.

عادل عبدالمهدي: عرضنا على الكويت إمكانية التعاون للتطوير المشترك للمنافذ الحدودية بين البلدين
عادل عبدالمهدي: عرضنا على الكويت إمكانية التعاون للتطوير المشترك للمنافذ الحدودية بين البلدين

لكن تصريحات عبدالمهدي بشأن التطوير المشترك للمنافذ الحدودية يشير إلى إمكانية طيّ صفحة الخلافات، وفتح أبواب تكامل مشاريع الموانئ بين البلدين.

واعتبرت وزارة التجارة العراقية أن “الاتفاق يمثّل خطوة أولى في الاتجاه الصحيح لتفعيل العلاقات الاقتصادية والتجارية وتجاوز إشكاليات المرحلة السابقة”. وأكدت أن “الانطلاق بالعلاقات العراقية الكويتية، إلى مديات أوسع وأشمل يفوق في أهميته جميع المصالح الضيقة”.

ووصل الوزير الكويتي على رأس وفد اقتصادي كبير في زيارة مفاجئة لم تعلن مسبقا، ما يؤكد ظهور عوامل جديدة لحسم القضايا الخلافية بين البلدين، مثل ملف المفقودين الكويتيين، الذي أعلنت بغداد أمس عن تسليم رفاتهم للكويت.

وفي الجانب الاقتصادي لا يزال ملف ترسيم الحدود المائية في خور عبدالله ينتظر الحسم، في حين ظهرت بوادر اتفاق بشأن الحقول النفطية المشتركة بين البلدين.

وقال عبدالمهدي إن “العراق يسير بخطى ثابتة لتجاوز صعوبات الماضي وآثار الحروب المدمرة، وأمامنا مهمة البناء بالتعاون مع أشقائنا وإقامة علاقات شراكة اقتصادية وتجارية لصالح شعوبنا والمنطقة عموما”.

وأشار إلى أن “أمامنا نموذج الاتفاق بين العراق والأردن وإقامة منطقة صناعية مشتركة، والاستعداد للعمل مع دولة الكويت والتعاون بشكل أكبر وتنشيط المنافذ الحدودية وتقديم كل الإمكانيات والتسهيلات للمستثمرين”.

وأكد وزير التجارة الكويتي دعم بلاده لاستقرار العراق وإعماره وإنجاح خطط الحكومة العراقية، والرغبة برفع مستوى التبادل التجاري وإشراك القطاع الخاص وإقامة علاقات شراكة بين البلدين والشعبين.

وأبرم العراق والأردن مطلع الشهر الجاري اتفاقا اقتصاديا شاملا، تضمّن إنشاء منطقة صناعية مشتركة على الحدود الفاصلة بين البلدين، إلى جانب تخفيض الرسوم الجمركية، وتقديم العراق صادرات نفطية للأردن بأسعار تفضيلية مقابل تسهيلات لوجستية في ميناء العقبة.

ويتضح الزخم الجديد في تصريحات الرئيس العراقي برهم صالح الذي دعا هذا الأسبوع إلى ضرورة تعزيز التعاون التجاري بين العراق والكويت وتطويره لتحقيق التنمية الاقتصادية في لبلدين.

وقال محمد ذنون، عضو غرفة تجارة بغداد إن “تنشيط التعاون التجاري والاقتصادي بين العراق والكويت خطوة مهمة لتحريك السوق العراقية التي تعاني من الكساد”.

وأكد أن “تنويع المنافذ التجارية لتشمل الكويت والأردن في المرحلة القادمة، لتضاف إلى إيران وتركيا سيكون له تأثير إيجابي على السوق العراقية”.

وكانت بوادر الانفراج قد تزايدت في أغسطس الماضي حين أعلن البلدان عن اتفاق لاختيار جهة استشارية لدراسة تطوير حقول النفط المشتركة، التي تتداخل فيها احتياطات البلدين. وهناك تحركات لربط العراق بشبكة الكهرباء الخليجية عبر الكويت لتخفيف أزمة الكهرباء الكبيرة في العراق، والتي أدّت مرارا إلى اندلاع احتجاجات واسعة.

خالد الروضان: الكويت تدعم إعادة إعمار العراق ورفع مستوى التبادل التجاري وإقامة علاقات شراكة بين البلدين والشعبين

وتسعى الكويت إلى استيراد الغاز العراقي خلال وقت قريب، في وقت تحاول فيه الكويت تنويع مصادرها بسبب تلكؤ وارداتها من قطر، بعد المقاطعة العربية المفروضة على الدوحة.

ويبحث البلدان مشروع بناء خط أنابيب لنقل 50 مليون قدم مكعبة من الغاز إلى الكويت يوميا، على أن ترتفع إلى 200 مليون قدم مكعبة خلال مدة العقد التي تمتد لفترة 10 سنوات.

وأعلنت الحكومة العراقية في العام الماضي عن اختيار شركة تويو اليابانية للأعمال الهندسية لمساعدتها في بناء خط أنابيب الغاز إلى الكويت، ومصنع البتروكيماويات المرتبط بالأنبوب داخل الأراضي العراقية.

وسجل إنتاج الغاز في العراق ارتفاعا ملحوظا حيث تم تصدير عشرات الشحنات في الأشهر الماضية مع تسارع خطط خفض حرق الغاز المصاحب لعمليات إنتاج النفط، الذي أكدت الحكومة العراقية أن استثماره بلغ 60 بالمئة في الشهر الحالي.

ويرى محللون أن تكامل منشآت الموانئ العراقية والكويتية وإزالة أسباب التوتر السياسية بشأنها يمكن أن يفتحا أفقا كبيرا لإنعاش النشاط الاقتصادي في البلدين خاصة من خلال إنشاء منطقة للتجارة الحرة في تلك الموانئ.

10