العراق مدار "رسائل نارية" متبادلة بين واشنطن وطهران

المرحلة القادمة في العراق هي مرحلة قطف ثمار الحرب على تنظيم داعش، وهي أيضا مرحلة اشتداد التنافس الأميركي الإيراني على النفوذ في البلد وعلى المشاركة في رسم معالم مستقبله بما يخدم مصالح كلّ منهما.
الأربعاء 2018/02/07
منطقة نفوذنا هنا

بغداد - تصدر كلّ من الولايات المتّحدة وإيران إشارات قويّة على بدء مرحلة جديدة من الصراع الشرس على النفوذ في العراق، كون المرحلة هي مرحلة قطف ثمار الحرب على تنظيم داعش التي شارك فيها الطرفان كلّ بطريقته، ويريدان الاستفادة من فترة الاستقرار التي يفترض أن تعقبها ويتوقّع أن تتم خلالها إعادة رسم الملامح المستقبلية للبلد المُقدم في شهر مايو القادم على انتخابات يتوقّع أن تكون مفصلية في تحديد تلك الملامح.

وتتبادل طهران وواشنطن “رسائل نارية” غير مباشرة بشأن العراق. فبينما أكّدت الولايات المتّحدة عزمها تركيز وجود عسكري لها على الأراضي العراقية مفتوح الأجل ومرتبط بظروف وتطورات الحرب على الإرهاب، ردّت إيران بقوّة على لسان الميليشيات الشيعية العراقية الموالية لها مهدّدة باستهداف الوجود العسكري الأميركي في العراق.

وطالبت جماعتان شيعيتان عراقيتان كبيرتان مدعومتان من إيران بانسحاب كامل للقوات الأميركية معترضتين على خطط بغداد وواشنطن للإبقاء على جزء من تلك القوات تحت عنوان التدريب وتقديم المشورة.

وقال متحدث باسم الحكومة العراقية، الاثنين، إن القوات الأميركية التي يتجاوز عددها خمسة آلاف جندي بدأت بخفض أعدادها، غير أن مصدرا أميركيا قطع الشكّ باليقين موضّحا أنّ الأمر لا يعدو كونه إعادة ترتيب لأوضاع القوات بسحب القطعات والمعدّات التي لم تعد هناك حاجة لبقائها، بعد أن حُسمت الحرب ضدّ داعش.

وقالت منظمة بدر وهي جماعة شيعية يتولى قاسم الأعرجي العضو فيها منصب وزير الداخلية في حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، إن أي قوات أميركية ستبقى في البلاد ستكون مصدرا للاضطرابات. ويقود المنظمة المذكورة هادي العامري شديد الارتباط بإيران وقد حارب إلى جانبها ضدّ العراق في حرب الثماني سنوات.

هدف الفصائل الشيعية الموالية لإيران خلال الانتخابات القادمة انتزاع منصب رئيس الوزراء من حيدر العبادي

وقال كريم النوري المتحدث باسم بدر “يجب أن يكون التنسيق بين الحكومتين العراقية والأميركية من أجل الانسحاب الكامل لا من أجل البقاء. لأن البقاء من شأنه أن يعرض البلاد للانقسام الداخلي وأن يشكل نقطة جذب للإرهاب”.

وكرّرت كتائب حزب الله، وهي منظمة أكثر تشدّدا وانغلاقا ومناهضة للولايات المتحدة، تهديدها بمهاجمة القوات الأميركية.

وقال جعفر الحسيني المتحدث باسم المنظمة في تصريح صحافي “نحن جادون في عملية إخراج الأميركيين بقوة السلاح لأنّهم لا يفهمون إلا هذه اللغة”.

ولكتائب حزب الله صلات قوية بالحرس الثوري الإيراني وكانت هددت بمهاجمة القوات الأميركية عدة مرات من قبلُ ووصفت وجودها في العراق بأنه احتلال.

وقال مسؤول أميركي في بغداد “نأخذ أي شيء يبدو كتهديد من أي شخص ضد الأميركيين على محمل الجد”، مضيفا “لا يوجد الكثيرون منا هنا ونحن نعمل جميعا داخل القواعد العسكرية العراقية. في حقيقة الأمر كثير من هذا لا يعدو كونه استعراضا سياسيا ومحاولة لاستغلال القصص التي تنشرها الصحف لتحقيق مكاسب سياسية أكبر”.

وفي كلام المسؤول الأميركي إحالة واضحة على التنافس الانتخابي الذي تقدّمت فصائل الحشد الشعبي المكون من ميليشيات شيعية لخوضه في تحالف يحمل اسم “الفتح” ويتّخذ من حرب داعش ومناهضة الوجود الأميركي أساسا لدعايته.

ولا يستثني هذا التحالف الذي يقوده هادي العامري السعي للفوز بمنصب رئيس الوزراء، وانتزاعه من حيدر العبادي الذي تنظر إليه دوائر إيرانية بارتياب على أساس أنّه محسوب على الولايات المتحدة.

وساعد التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة القوات العراقية على استعادة أراض سيطر عليها تنظيم داعش في عامي 2014 و2015 بتقديم دعم جوي ومدفعي في معركة استعادة الموصل وتدريب عشرات الآلاف من جنود القوات الخاصة العراقية.

3