العراق الأكثر تضررا من العقوبات الأميركية على إيران

بغداد – رجح محللون أن يكون العراق المتضرر الأكبر من دخول العقوبات الأميركية على إيران حيز التنفيذ بسبب اعتماده الكبير على مشتقات الطاقة ومواد أساسية إضافة إلى السلع الاستهلاكية والغذائية القادمة من إيران التي يشترك معها في حدود تمتد لأكثر من ألف كيلومتر.
ومن المرجح أن يفقد العراق، الذي يعاني من ارتفاع معدلات البطالة، الآلاف من الوظائف لعاملين في مصانع تعتمد على مواد أولية لصناعة السيارات تابعة للمؤسسة الحكومية تعرف باسم “الشركة العامة لصناعة السيارات”.
ووفقا لمصدر رسمي في وزارة التجارة فقد بلغ حجم الصادرات الإيرانية إلى العراق خلال العام الماضي ما يصل إلى 6.7 مليار دولار، مقابل نحو 77 مليون دولار فقط هي قيمة صادرات بغداد إلى طهران.
وتحتل إيران المرتبة الثانية بين أكبر شركاء العراق التجاريين بعد تركيا من حيث حجم التبادلات التجارية.
وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي أمس إنه مضطر للالتزام بالعقوبات الأميركية رغم عدم “تعاطفه” معها، قائلا إن “بلاده عانت منذ 12 عاما من الحظر الدولي”.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي قوله إن العقوبات الأميركية المسلطة على إيران “ستؤثر على الاقتصاد العراقي… السوق العراقية تستهلك وبشكل واسع سلعا إيرانية ذات طبيعة زراعية وسيارات ومواد غذائية وغيرها، مثل مواد البناء وغير ذلك”.
وأضاف أن العراق يستقبل ما “بين مليونين وثلاثة ملايين من الإيرانيين للسياحة الدينية سنويا. هذا يمثل نشاط اقتصادي كبير سيحرم منه العراق”.
ويدفع كل سائح مبلغ 40 دولارا كرسوم مقابل الحصول على تصريح للدخول إلى العراق.
وأعادت واشنطن فرض عقوبات على إيران بعد انسحابها من الاتفاق الذي أبرمته طهران مع القوى الكبرى في 2015 لضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني وتطالب بوقف تدخلها في شؤون دول المنطقة ومن ضمنها العراق.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى مسؤول عراقي رفيع رفض الكشف عن اسمه، القول إن بلاده سوف تمتثل للعقوبات الأميركية وإنها اتخذت قرارا بوقف استيراد السيارات الإيرانية.
وكشف عن مطالبة الحكومة العراقية استثناء من الحكومة الأميركية، للسماح لها بمواصلة استيراد قطع غيار لصناعة السيارات لتأمين استمرار مصنع عراقي يوفر خمسة آلاف فرصة عمل، والمتوقف حاليا بانتظار صدور قرار “من الإدارة الأميركية”.
وأكد المسؤول العراقي أن “هذا الأمر يعرض جميع العاملين في تلك المؤسسة التابعة للدولة إلى فقدان وظائفهم”.
من جهة أخرى، تعتمد الأسواق العراقية بشكل كبير جدا على المنتجات الإيرانية، الأمر الذي سيؤدي إلى دخول البلاد في ركود حاد في ظل تطبيق هذه العقوبات.
وقال عباس مخيلف، تاجر أجهزة كهربائية (40 عاما) إننا “نعتمد على إيران في الكثير، بل في معظم مجالات الحياة”. وأضاف “لدينا معامل تستورد قطع غيار، وستتوقف بشكل كامل”.
وأوضح أن المواد الأولية من إيران أرخص ثمنا من أي بلد نظرا لقرب المسافة وفارق سعر صرف العملة.
وأشار مخيلف وقد كان في متجره ببغداد إلى أن “العراق يستورد من إيران مكيفات الهواء وهناك نحو 300 ألف حاوية تدخل العراق خلال موسم الصيف، في كل منها ما بين 160 إلى 180 مكيف هواء”.
ونقل بيان رسمي للخارجية العراقية أن العراق أعلن رفضه مبدأ الحصار على أي دولة لكونه سيلحق أضرارا بالدرجة الأساس بشعبها بمختلف شرائحه الاجتماعية.
ورأت وزارة الخارجية أن “الانعكاس السلبي سيكون كبيرا على العراق والمنطقة بأسرها من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، لأن إيران دولة جوار جغرافي مهمة”.
ويقول علي عجلان وهو تاجر من بغداد يعتمد في عمله على الاستيراد من إيران “إذا أغلقت الحدود التجارية فإن العراق سيتعرض لأزمة اقتصادية كبيرة، لأن 80 في المئة من أسواقنا تعتمد على إيران”.
وأضاف أن “اقتصاد السوق العراقية يعتمد على ركيزتين أساسيتين، هما الصين وإيران”.
ولم يستبعد عجلان ازدهار نشاط السوق السوداء لأن “هناك حدودا طويلة ستواصل الاستيراد حتى لو تم منعه بشكل رسمي”.
ويتفق ياسين فرج مساعد رئيس غرفة تجارة السليمانية في إقليم كردستان الشمالي مع ذلك الرأي بشأن إمكانية انتعاش السوق السوداء.
وقال “نحن نلتزم بقرارات بغداد وحكومة الإقليم. لكن تجب الإشارة إلى وجود معابر غير رسمية بين البلدين في الإقليم ومناطق أخرى على الحدود. ويمكن أن تحدث عمليات تهريب”.
ورجح أن يؤدي تشديد الحصار الأميركي على إيران إلى نزوح اليد العاملة الإيرانية إلى الإقليم وخصوصا في المناطق الكردية، كما حصل خلال فترات العقوبات السابقة على إيران.