العراقي سعد محسن: الارتباط بالواقع سر نجاح الأعمال الدرامية

على الفنان التدرج في الأدوار قبل خوض البطولة التلفزيونية.
الاثنين 2022/10/24
فنان يجمع بين الموهبة والتكوين الأكاديمي

يختلف تقييم المشهد الدرامي العراقي من فنان إلى آخر فكل يحلل الأعمال المعروضة ويقيّمها وفق تكوينه الأكاديمي وثقافته، لكنها في الأخير تظل تقييمات تسعى للنهوض بالإنتاج الدرامي والارتقاء به ليصبح قادرا على المنافسة والإقناع والتعريف بالمواهب الغائبة عن المشاركة في الأعمال العربية.

بغداد - يعد الفنان العراقي سعد محسن واحدا من العشرات من الفنانين الشباب الذين يحاولون خط طريق فني مختلف، يعرّف بهم ضمن الإنتاج الدرامي في العراق وخارجه، ولكل واحد منهم نظرته الخاصة وتقييمه الشخصي للمشهد الثقافي في البلاد وخاصة قطاع الدراما التلفزيونية.

وكانت انطلاقة محسن الكبرى في العام 2013، وعرفه الجمهور العراقي بعدة أعمال من بينها مسلسل “الشيخة” ومسرحية “استيراد خاص”، عام 2013، و”سامكو” و”حرائق الرماد” في العام 2014، ثم مشاركته في الجزء الثالث من مسلسل “رازقية: أعماق الأزقة”، ليغيب إثر ذلك لنحو خمس سنوات، عاد بعدها في رمضان الماضي بمسلسل “رحيق” ولعب فيه دور البطولة.

الانطلاقة الحقيقية

الفنان شارك في الجزء الثالث من مسلسل "رازقية: أعماق الأزقة" للعام 2016 قبل أن يغيب لخمس سنوات
الفنان شارك في الجزء الثالث من مسلسل "رازقية: أعماق الأزقة" للعام 2016 قبل أن يغيب لخمس سنوات 

ويحكي الفنان عن حكايته مع عالم الفن وانطلاقته الأولى نحو الشهرة وعودته بعمل جديد من بطولته بعد غياب دام سنوات، فيقول “بدأت رحلتي الفنية حين دخلت أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد واشتركت بعدد من الأعمال المسرحية التي طورت من إمكانيتي وصقلت موهبتي واستطعت أن ألفت أنظار المخرجين والكتاب نحوي بفترة قصيرة”.

ويضيف “تم اختياري في أول عمل تلفزيوني بدور البطولة وأنا مازلت طالبا في مسلسل ‘الهروب إلى الوهم’، بينما كانت انطلاقتي نحو الأضواء والشهرة الكبيرة بعد اشتراكي في مسلسل ‘مناوي باشا’ بجزئه الأول العام 2000”.

ويوضح “عدت مجددا إلى الشاشة بعد غياب خمس سنوات عن الأعمال الدرامية في مسلسل ‘رحيق’ من تأليف أحمد هاتف وإخراج علي أبوسيف”.

واعتبر محسن أن مسلسل “رحيق” من الأعمال المهمة في مسيرته المهنية التي جسد فيها البطولة المطلقة بشخصية باسل، وكان يستحق العودة مجددا إلى الشاشة كونه اشتغل على أداء الشخصية بحرفية وجهد كبير.

وتابع “شعرت برهبة كبيرة لاسيما في تصوير الحلقات الأولى من المسلسل وأنا أقف أمام الكاميرا بسبب غيابي الطويل عن الشاشة، إلا أنني شعرت في ذات الوقت بمتعة جميلة”.

وأشار الفنان إلى أن سر نجاح الأعمال الدرامية التي تلاقي استحسان الجمهور يبدأ بارتباطها بالواقع، مشددا على “أهمية التنوع في طرح القصص في الدراما العراقية وعدم الالتزام بقالب معين دون سواه، خاصة وأن ذائقة الجمهور تغيرت عما في السابق، إذ أنه في ظل التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي أصبح المشاهد ناقدا فنيا خطرا يتابع كل صغيرة وكبيرة مما يظهر على الشاشة ومن الصعب إرضائه بسهولة وسط هذا الكم الهائل من الأعمال الفنية المتطورة التي تنتج في العالم في ظل إيقاع الحياة السريعة”.

سعد محسن يرى أنه من الظلم بحق الفن أن يتم اختيار ممثل دون أن يمتلك الموهبة أو شهادات أكاديمية

يعتبر الفنان محسن أن “تجسيد شخصية شفيق في مسلسل مناوي باشا كان الانطلاقة الحقيقية الأولى لي نحو عالم الفن كون الشخصية عرفتني بالجمهور كممثل شاب جديد، والشخصية مرت بمراحل عديدة ضمن سياق أحداث المسلسل فأداؤها لم يكن سهلا، وعلى الرغم من تقديم أعمال قبل مسلسل مناوي باشا إلا أنها لم تكن بمستوى وتأثير دور شفيق”.

وأوضح الممثل أن أخاه الفنان رائد محسن كان من الأشخاص الذين جعلوه يحب الفن ويخوض تجارب التمثيل كونه سبقه في التجربة الفنية، قائلا “حين حضرت لأخي عرضا مسرحيا بعنوان (الإنسان الطيب) تعلقت بالفن وقدمت إلى كلية الفنون الجميلة”.

وأشار إلى أن بدايته الفنية لم تمر بصعوبات كبيرة، حيث سنحت له الفرصة بالمشاركة في عدد من المسرحيات عندما كان طالبا في كلية الفنون الجميلة قسم المسرح.

وتابع “إحدى تلك المسرحيات كانت بعنوان ‘شريط اكراب الأخير’ التي كانت سببا في اختياري من قبل الفنان جلال كامل لدور البطولة المطلقة لأول مرة بعمل تلفزيوني درامي بمسلسل ‘الهروب إلى الوهم’، لذا المسرح هو من قادني إلى التلفزيون ببطولة مطلقة”.

وعن سبل تحقيق النجاح الفني، أكد محسن أن “البساطة والعفوية في التمثيل سر النجاح لأي ممثل، وتأتي بعد جهد وخبرة تراكمية كبيرة بعيدا عن التكلف والتصنع في الظهور على الشاشة، إذ أن بعض الفنانين العراقيين المعروفين لا يمتلكون الأداء العفوي أمام الشاشة وهذه مشكلة كبيرة يجب أن تنتهي”.

مواهب محدودة

تجربة قصيرة لكنها مهمة
تجربة قصيرة لكنها مهمة 

لا يبدو الواقع في الدراما العراقية بعيدا عن مثيله في الدول العربية، إذ يشكو أغلب الممثلون من كثرة الدخلاء على المهنة، وخاصة أولئك الذين يفتقدون الموهبة والحضور والتمكن من أدوات تجعلهم مشخصين مهرة.

ويرى محسن أنه “من الظلم والخطأ الكبير بحق الفن أن يتم اختيار وجه جديد في التمثيل دون أن يمتلك الموهبة وليست له علاقة بالفن، بالإضافة إلى عدم امتلاكه شهادات أكاديمية فنية، وبالمقابل يهمش الأكاديميون الشباب ممن لديهم طاقات وموهبة حقيقية في الفن من فرص الظهور في الأعمال الفنية”.

وأوضح “أنا لست ضد الوجوه الفنية الجيدة لكن ليس من المعقول أن يمتلئ الوسط الفني بأناس لا يمتلكون شهادة صادرة عن كليات ومعاهد الفنون الجميلة في بغداد تخرج كل سنة أعدادا من الطلبة ممن يمتلكون موهبة حقيقية، لذا على الفنان أن يأتي من الأماكن الصحيحة والمخصصة لمنطقة الفن حصرا”.

وتابع “من المفرح أن نجد وجوها نسائية جديدة في الوسط الفني كوننا نعاني من قلة تواجد العنصر النسوي الفني، وهذا ما شاهدناه في الأعمال الفنية التي عرضت في رمضان الماضي كانت وجوها جيدة ومفرحة، وأنا أعتقد أن الوجوه النسائية الفنية قد تغلبت في جودة الأداء على الوجوه الرجالية الجديدة”.

الواقع في الدراما العراقية لا يبدو بعيدا عن مثيله في الدول العربية، إذ يشكو أغلب الممثلون من كثرة الدخلاء على المهنة

وفي السياق نفسه، أكد محسن “ضرورة تدرج الفنان الجديد في الأدوار التلفزيونية لاسيما الفنان الذي لم تكن له تجارب فنية سابقة، لا أن يزج في أدوار البطولة لأول مرة ويشعر حينها أنه في مهمة خطرة قد لا يحسن أداءها، إذ أنه أما أن يسقط سقوطا مدويا أو ينجح نجاحا ساحقا، الأمر يحتمل المغامرة”.

واستطرد قائلا “أحلم بتجسيد الأدوار المظلومة في المجتمع، حياة الفرد العراقي البسيط الذي يعيش بقوت يومه في عمل درامي، فضلا عن أدوار الشخصيات البارزة كأبطال الجيش العراقي الذين استشهدوا دفاعا عن الوطن”، داعيا إلى “الابتعاد عن الأعمال الفنية التي لا تمثل الواقع، فسر نجاح الأعمال ينبع من الواقع”.

وأشار إلى أن “شخصية (سامكو) التي جسدها في مسلسل حمل الاسم ذاته من إنتاج شبكة الإعلام العراقي كانت من الشخصيات المؤثرة والمركبة التي تركت أثرا في المشاهدين”.

وأردف بالقول “من الغريب والمضحك أن بعض الأشخاص اتهموني بسرقة أموالهم حين عرض مسلسل (سامكو) في التلفزيون لأنهم ظنوا بأني سامكو الحقيقي، صاحب شركة النصب والاحتيال التي عرفها العراقيون في تسعينات القرن الماضي، نتيجة تأثرهم بالأداء، لكم بعد أن شرحت لهم بأن الأمر مجرد تمثيل صدقوا ذلك”.

وذكر أنه “لو كنت في مكان آخر لكان لدي شأن آخر في الفن لأنني أؤمن بأنني لم آخذ استحقاقي الفني الحقيقي، وهناك أشياء كثيرة تنتظرني لم أحققها على الصعيد الفني”.

15