العراقيون يبحثون عن بدائل لتعويض انقطاع الكهرباء

سكان بغداد يلجؤون إلى شراء مولّدات الكهرباء لتأمين الحصول على حدّ أدنى من التيار الكهربائي كل يوم.
الخميس 2018/08/02
شبكة حلول للفشل الحكومي

بغداد – يسعى علي حسين بأي ثمن إلى تأمين الكهرباء، داخل مطعمه الشعبي “أبوالخير” في منطقة الكرادة وسط بغداد، ليتمكن من تشغيل مبرّد الهواء وفي الوقت نفسه جزء من الإنارة من أجل راحة زبائنه.

ويشترك حسين في مولد قريب من مطعمه يحصل من خلاله على 15 أمبير، حيث اختار خدمة “الخط الذهبي” الذي يدفع مقابله 15 ألف دينار (12 دولارا) لكل أمبير لتأمين الكهرباء دون انقطاع.

ومثله مثل العديد من العراقيين الذين ينفقون مبالغ كبيرة في ظروف اقتصادية سيئة من أجل الحصول على حد أدنى من التيار الكهربائي. وكان انقطاع الكهرباء أحد الأسباب الرئيسية للاحتجاجات الشعبية في العراق خلال الأسابيع الماضية.

ولم يترك مثنى مهدي بدوره وسيلة لم يقم بها لتأمين توصيل الكهرباء إلى منزله الواقع في شرق بغداد، إذ تنخفض ساعات التغذية بالكهرباء لدى حلول موسم الصيف ولا يصل التيار إلا “أربع أو خمس ساعات يوميا” من الشبكة الحكومية. ويضيف مثنى (40 عاما) “نعتمد على الكهرباء التي تصلنا من المولدات الأهلية لما تبقى من ساعات” اليوم.

وأنفق العراق، المصنّف الثاني عشر بين أكثر الدول فسادا في العالم، حوالي 40 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية على قطاع الكهرباء دون جدوى وذهبت المبالغ إلى جيوب رجال أعمال وسياسيين. ولتأمين الحصول على حدّ أدنى من التيار الكهربائي كل يوم، لجأ كثيرون من سكان بغداد إلى شراء مولّدات كهرباء صغيرة لمنازلهم تعمل على الوقود. فيما يعتمد آخرون على مولّدات كبيرة وضعت في مواقع متفرقة من العاصمة ويبيع أصحابها التيار الذي تولده إلى الأحياء المجاورة لها.

وتنتشر في الأزقة والأحياء في كل مدن البلاد مولّدات تزوّد الراغبين بالحصول على الكهرباء، لمنازلهم أو محلاتهم التجارية، بالتيار بثمن مرتفع نسبيا.

ويقول مهدي “أتعبتنا الكهرباء، في البعض من الأيام يتعطل المولد أو لا يتوفر الوقود لتشغيله ما يسبب أعطالا في الأجهزة الكهربائية بالمنازل”.

ويكلف تشغيل المولدات مبالغ كبيرة “لا يتحمل الكثير من العراقيين كلفتها، خصوصا العاطلين عن العمل” الذين يمثلون شريحة واسعة في البلاد، بحسب مهدي.

12 دولارا تقريبا ثمن خدمة تشغيل كل أمبير كهرباء تبيعه المولدات خلال انقطاع التيار الكهربائي

ويشير الرجل وهو يراقب شبكة أسلاك تمتد إلى لوحة منظم الكهرباء، إلى أن “سعر الأمبير الواحد من المولد الخاص يصل إلى 15 ألف دينار، وأنا مشترك بخمسة أمبيرات غير كافية إلا لمبرّد هواء والبعض من المصابيح”.

ولا تؤمن المولدات خلال أيام الصيف، الذي ترتفع خلاله درجات الحرارة إلى أكثر من خمسين درجة أحيانا، تشغيل مكيفات الهواء ما يدفع للاعتماد على مبرّدات مزودة بحوض ماء وفتحات محشوة بنشارة الخشب لتلطيف الأجواء. لكنها تحقق أرباحا لأصحاب المولدات.

وبعد مرور 15 عاما على سقوط صدام حسين بعد اجتياح أميركي تلته فوضى ومعارك وتفكك المؤسسات، لم تنجح الحكومات المتعاقبة بعد في إيجاد حل لمشكلة الكهرباء.

ونسبت فرانس برس لحسين كاظم، وهو صاحب صهريج صغير ينقل الوقود للمولدات في حي الكرادة في بغداد، قوله ″إذا تحسنت الكهرباء سنخسر عملنا، وإذا استمر القطع كما هو الآن يعني أننا حصلنا على عمل”. وتترك المولدات آثارا سلبية في الشوارع بسبب الضوضاء والتلوث.

ودفع نقص الخدمات العامة، خصوصا الكهرباء، آلاف العراقيين إلى الخروج باحتجاجات في مدن وسط وجنوب البلاد خصوصا في محافظة البصرة التي تمثل المصدر الرئيسي لثروة العراق النفطية المورد الرئيسي لميزانية البلاد.

وأقال رئيس الوزراء حيدر العبادي وزير الكهرباء قاسم الفهداوي بعد ثلاثة أسابيع من الاحتجاج، كما قرر إجراء تحقيق في أسباب فشل الوزارة بمعالجة الأزمة التي دفعت لتصاعد غضب شعبي وفقدان الثقة في قدرة الحكومة على وضع حد للأزمة.

ويرى مازن، الذي يشغّل مولدا في حي الكرادة، أنّ “الكهرباء غير مستقرة، كل ما يجري كذب بكذب وسرقة”. ويضيف الشاب، الذي تلطخت ملابسه بالزيت وهو منهمك بإصلاح عطل في مولده، أن “القائمين على القطاع سرقوا الأموال وأرسلوها إلى الخارج وكل شخص يقول لك الكهرباء تتحسن بالعراق قل له أنت كاذب”.

وكان نائب رئيس الوزراء ومسؤول ملف الطاقة في العراق حسين الشهرستاني قد أعلن في مطلع عام 2012 عن وصول العراق إلى اكتفاء في الطاقة، إلى جانب توجهه إلى تصدير الفائض في عام 2013. وبات هذا الأمر محط سخرية لدى الكثير من العراقيين.

11