العد التنازلي لانتخاب رئيس للبنان بدأ بعد تجاوز "المرحلة الأخطر"

المجتمع الدولي يريد سلطة جديدة تشرف على تطبيق وقف إطلاق النار.
الجمعة 2024/11/29
لودريان في بيروت لحل عقدة الرئاسة في لبنان

بيروت - دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، الخميس، إلى عقد جلسة نيابية لانتخاب رئيس للجمهورية في التاسع من يناير المقبل، بعد تعطيل لأكثر من عامين. وجاءت الدعوة في افتتاح جلسة برلمانية تمت خلالها المصادقة على تمديد سن التقاعد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية الذين يحملون رتبة عميد وما فوق لمدة سنة واحدة.

وتأتي هذه الخطوات في خضم تنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، من أبرز بنوده بسط الحكومة اللبنانية سيطرتها على جميع أراضيها وممارسة سيادتها، ومنع تداول الأسلحة أو استخدامها دون موافقة الحكومة، ومطالبتها وقوة الأمم المتحدة المؤقتة “اليونيفيل” بنشر قواتهما في مناطق الجنوب. وبعد مرحلة هي الأخطر في تاريخ لبنان، يأمل اللبنانيون في مرحلة جديدة تنتظم فيها مؤسسات الدولة، وتستعيد خلالها عافيتها وسلطة القرار الذي اختطف لسنوات من قبل حزب الله.

ويرى محللون أن الإعلان عن موعد لانتخاب رئيس للجمهورية، بعد يوم فقط على بدء تنفيذ هدنة الستين يوما والتي يؤمل في أن تتحول إلى هدنة دائمة، وتخلي بري عن شرطه السابق بإجراء حوار، فضلا عن التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين، كلها تندرج في سياق مطالب المجتمع الدولي ولاسيما الوسطاء بضرورة استعادة الدولة لقرارها واستئناف المؤسسات الدستورية لأدوارها.

◙ المجتمع الدولي يريد سلطة جديدة تشرف على تطبيق وقف إطلاق النار وهو ليس لفترة 60 يوما، إنما يريده لمرحلة طويلة

وقال رئيس مجلس النواب الذي كان الوسيط الرئيسي في الاتفاق بين حزب الله وإسرائيل إن “الجلسة لانتخاب رئيس للجمهورية ستكون مثمرة وأعطينا مهلة شهر للتوافق في ما بيننا، وسأدعو سفراء الدول لحضورها.”

والتقى بري في وقت لاحق الخميس، بالموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، حيث تصدر ملف انتخاب رئيس للجمهورية المحادثات. وذكرت وكالة الأنباء اللبنانية أن اللقاء “بحث آخر المستجدات السياسية، وملف انتخابات رئاسة الجمهورية، فضلا عن تطورات الأوضاع العامة، في ضوء وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان.”

كما أشارت إلى أن “الموفد الفرنسي كان قد حضر جانبا من مناقشات النواب خلال الجلسة التشريعية من مقاعد الضيوف في القاعة العامة” التي عُقدت صباحا، وتم خلالها التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين. ومساء الأربعاء، وصل لودريان، ممثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى لبنان لبحث تطورات الأزمة في البلاد، في ظل الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله الذي جرى برعاية أميركية وأيضا فرنسية.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن لودريان يريد “إعادة طرح موضوع الانتخابات الرئاسية والحاجة إلى إصلاحات من أجل تعاف مستدام للبلاد” خلال زيارته ولقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين.

◙ المصادقة على تمديد سن التقاعد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية الذين يحملون رتبة عميد وما فوق

وتبدو الأجواء إيجابية في الداخل اللبناني، ونقل موقع حزب القوات اللبنانية عن مصادر مطلعة أن “وقف إطلاق النار يعني بدء العد العكسي لانتخاب رئيس للجمهورية”، مشددة على أن “اللجنة الخماسية كانت تنتظر هذه اللحظة من أجل الذهاب إلى انتخاب رئيس. بالتالي، التحدي الأساس، هل ينتخب هذا الرئيس ضمن الـ60 يوما للمهلة المعطاة لهدنة اتفاق وقف إطلاق النار أم ستتعقد الأمور وتُرحل إلى ما بعد هذه الفترة؟”

وشددت المصادر على أنه “لا شك اليوم أنه مع وقف إطلاق النار، فإن الحركة السياسية أصبحت متاحة، الأمور المتعلقة بوقف إطلاق النار تأخذ مداها الطبيعي وكذلك الترتيبات. بالتالي، أصبح بالإمكان الذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصا أن المجتمع الدولي يريد سلطة جديدة تشرف على تطبيق وقف إطلاق النار وهو ليس لفترة 60 يوما، إنما يريده لمرحلة طويلة وفق نص الاتفاق الذي يستدعي وجود سلطة جديدة، رئيس جمهورية ورئيس حكومة وتشكيل حكومة جديدة تأخذ من ضمن أولوياتها تطبيق هذا الاتفاق وهذا جزء من مسار التسوية.”

ووفق المصادر فإن “كل الدول كانت تنتظر هذه اللحظة، أي وقف إطلاق النار، لتذهب قدما بانتخاب رئيس للجمهورية. بالتالي، دخلنا اليوم في العد العكسي لهذا الانتخاب. مجيء لودريان يأتي في هذا السياق – في اليوم التالي لوقف إطلاق النار لودريان في بيروت – أساسا حركة السفير السعودي لم تتوقف، ولذلك هناك دفع دولي كبير، والمجتمع الدولي هو من سهر على وقف إطلاق النار ويريد اليوم أن يدفع باتجاه ترتيب سياسي وسلطوي وشرعي ودستوري من خلال انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة الاعتبار للمسار المؤسساتي الدستوري والانتظام الدستوري في لبنان.”

واعتبرت أن “كل ذلك من أجل أن تكون هذه المرحلة الجديدة متكاملة بظل سلطة تسهر على تنفيذها، خصوصا أن هناك إعادة إعمار والمجتمع الدولي يريد سلطة تكون شفافة من أجل تولي مسألة المؤسسات، كما هناك الاتفاق وضرورة تطبيقه والحاجة إلى سلطة لتقوم بذلك.”

وقالت المصادر “يبدو واضحا أننا أمام مرحلة جديدة من مختلف النواحي، إن لناحية سلاح الحزب أو دوره، وإن لناحية عودة الحياة إلى المؤسسات اللبنانية الدستورية وعودة القوة إلى الشرعية، والأهم لناحية عودة الرأس إلى الدولة على أن يكون رأسا سياديا، فاعلا، قويا، يمتلك مواصفات استثنائية.”

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية أكتوبر 2022، فشل البرلمان 12 مرة في انتخاب رئيس للجمهورية، إذ لا يحظى أي فريق بأكثرية واضحة في البرلمان تخوله إيصال مرشحه، على وقع انقسام سياسي يزداد حدة بين حزب الله وحلفائه من جهة، وخصومهم من جهة ثانية.

ودخل وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل الأربعاء حيز التنفيذ. وأعرب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في كلمة الأربعاء عن أمله بأن تكون الهدنة “صفحة جديدة في لبنان… تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية.” وفي آخر كلمة له قبل وقف إطلاق النار، أكّد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم أن الحزب سيقدّم مساهمة “فعّالة لانتخاب رئيس الجمهورية من خلال المجلس النيابي بالطريقة الدستوريّة.”

ويقوم العرف السياسي في لبنان على أن يكون رئيس الجمهورية من الطائفة المسيحية المارونية، بينما يعود منصب رئيس الحكومة للطائفة السنية، ورئيس مجلس النواب للطائفة الشيعية.

2