العدالة والتنمية يتمسك بإسطنبول لإخفاء فساد ربع قرن

حزب العدالة والتنمية يضغط لاسترجاع بلدية إسطنبول، في خطوة قد تنقلب ضدّه، مع تصاعد الجدل بسبب نفقات الحزب التي تكشفت للرأي العام.
السبت 2019/04/27
فضائح وخسائر تلاحق الشركات الموالية لأردوغان بفقدان السيطرة على بلدية إسطنبول

استلم مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو مهامه رئيسا لبلدية إسطنبول في الأسبوع الماضي، بيد أن عهده قد يكون قصير الأجل، حيث يناقش المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا في الوقت الراهن ما إذا كان سيتم قبول الطلب الاستثنائي لتحالف الشعب الحاكم إلغاء نتائج انتخابات إسطنبول بعد أن أثار مزاعم بحدوث تزوير انتخابي خطير.

ويضغط الحزبان اللذان يشكلان التحالف، حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم وحزب الحركة القومية اليميني المتطرف، على المجلس الأعلى للانتخابات من أجل الحكم لصالحهما. لكن في خضم كل هذا، فإن الضغط المتزايد للعدالة والتنمية لاسترجاع بلدية إسطنبول، قد ينقلب ضدّه، حيث يضع الإنفاق الباهظ من قبل الإدارة المنتهية ولايتها لحزب العدالة والتنمية في إسطنبول فضيحة أخرى في دائرة الضوء بشأن الانتخابات المثيرة للجدل.

فضائح بالجملة

في السابع عشر من أبريل، وهو اليوم الذي تلقى فيه إمام أوغلو تفويض رئاسة البلدية، انتشرت أخبار تقول إن مبلغا يقارب 14 مليون ليرة (2.4 مليون دولار) تم إنفاقه على العمل على موقع البلدية على الإنترنت، بما في ذلك إعداد وتعديل الرسومات ومقاطع الفيديو.

واللافت في الخبر كان اسم الشركة المدرجة في قائمة المستلم على الفاتورة، وهي شركة إسطنبول ديجيتال ميديا تيكاريت إيه.إس، المملوكة لنائب الأمين العام لبلدية إسطنبول المنتمي لحزب العدالة والتنمية جاغتاي كالكانكي.

مدير الشركة الإعلامية هو عبدالرحمن تيتش، أحد مرشحي حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية التي جرت في الرابع والعشرين من يونيو الماضي. وتيتش هو أيضا مالك وكالة إسطنبول، وهي شركة إعلامية تصدر نشرة إخبارية كل 15 يوما عن البلدية. كما ورد ذكر مجموعة كاليون غروب، وهي مجموعة أعمال مرتبطة بحزب العدالة والتنمية وتملك مجموعة إعلامية، بما في ذلك منافذ “أيه.تي.في” وصباح الموالية للحكومة، وتتم طباعة النشرة بمطبعة كاليون.

وتصاعد الجدل مع ظهور قضية أخرى تتعلق بنفقات حزب العدالة والتنمية في البلدية، تضمنت هذه المرة أفراد عائلة أحمد محمود أونلو، المعروف أكثر باسم كوبيلي أحمد هوكا، وهو رجل دين من الطريقة النقشبندية المعروفة بدعمها للحزب الحاكم.

وتلقّت شركة إعلانات تابعة لصهر أونلو، عزت بالاز أوغلو وشقيقه الأكبر محي الدين بالاز أوغلو 3.597 مليون ليرة (615 ألف دولار) في عطاء لتنظيم ماراثون في شبه جزيرة إسطنبول التاريخية. ويضرب ذلك مثالين على نقل أموال البلدية إلى الدوائر القريبة من الحزب الحاكم بعد انتخابات الحادي والثلاثين من مارس. وهذه قطرة في محيط مقارنة بالقيمة الإجمالية للإيجار التي يأخذها مؤيدو الحكومة من سكان إسطنبول.

Thumbnail

وصلت ميزانية البلدية في عام 2019 إلى 23.8 مليار ليرة (4.06 مليار دولار)، في حين بلغت ميزانية مؤسسات المياه والصرف الصحي والنقل لديها مجتمعة 34.8 مليار ليرة (5.95 مليار دولار). بالإضافة إلى ذلك، يبلغ إجمالي مبيعات الشركات الفرعية التابعة للبلدية البالغ عددها 28 شركة 24 مليار ليرة (4.1 مليار دولار).

ومن هذه المصادر، تم تخصيص ما يربو على 16 مليار ليرة (2.74 مليار دولار) للاستثمار، وهذا يمثل مصدرا كبيرا للدخل للشركات المرتبطة بالحكومة.

ويملك الكثير من هذه المؤسسات شركات بناء خاصة ووسائل إعلام على حد سواء. ويرد اسم مجموعة البيرق، وهي تكتل يضم صحيفة يني شفق الإسلامية المؤيدة لأردوغان في قائمة الشركات العاملة في مجالات متنوعة من البناء إلى السياحة.

فساد ضارب في العمق

تشمل عطاءات مجموعة البيرق في المدينة قراءات عدادات التشغيل لشركة المياه والصرف الصحي إيسكي وشركة الغاز إيجداز وتأجير السيارات للحكومة البلدية وإدارة النفايات وتشغيل نظام المترو وبناء مصنع للمحركات لشركة النقل البلدية من بين أشياء أخرى.

وكانت الشركة المملوكة لصهر البيرق، آدم التونسي، الذي أرسى الرئيس رجب طيب أردوغان زواجه في العائلة، قد حققت 250 مليون ليرة (42.87 مليون دولار) في عام 2016 من سبعة عطاءات في إسطنبول.

وتمثل كاليون غروب مجموعة أخرى قد تواجه خسائر فادحة إذا باتت خسارة حزب العدالة والتنمية نهائية. وإلى جانب امتلاك حصة قيمتها 40 بالمئة في بناء مطار إسطنبول الجديد، فقد فازت شركات المجموعة بعطاءات كبرى من إدارة إسطنبول بما في ذلك بناء خط أنابيب مياه بقيمة 9 مليارات ليرة (1.54 مليار دولار) وخط مترو بقيمة 849 مليون ليرة (145 مليون دولار) ونفق بقيمة 52 مليون ليرة (8.9 مليون دولار).

في الوقت نفسه، تحصل وسائل الإعلام الحكومية المستقرة، ومعظمها مملوكة لشركات مثل كاليون والبيرق، على مبالغ ضخمة من بلدية إسطنبول مقابل رسوم الإعلان. وحققت شركات البناء التي تربطها علاقات بالحكومة، مثل شركة جنكيز هولدينغ، مكاسب كبيرة من إسطنبول بفضل القرارات الإيجابية التي اتخذتها رئاسة البلدية التابعة لحزب العدالة والتنمية.

وصرح طارق بالالي، عضو المجلس البلدي في إسطنبول عن حزب الشعب الجمهوري، لموقع أحوال تركية، بأنه في ظل إدارة حزب العدالة والتنمية، قامت البلدية بمنح العطاءات لشركاتها الفرعية الخاصة والتي تقوم بعد ذلك بتوزيعها على الشركات المؤيدة للحكومة.

وقال بالالي “في عام 2018، منحت البلدية 64 عطاء من أصل 408 عطاءات لشركاتها الفرعية. وقد بلغت قيمة هذه الشركات البالغ عددها 64 شركة ما إجماله 3.254 مليار ليرة (556 مليون دولار)، أي حوالي ثلث القيمة الإجمالية للعطاءات”، مضيفا أن عددا كبيرا منها لم يكن مربحا.

ولتوضيح هذه النقطة، وصف بالالي عطاء ينطوي على نفقات تزيد قيمتها عن 182 مليون ليرة (31.2 مليون دولار) منحتها البلدية لشركة كولتور أيه.إس. التابعة لها مقابل 181.9 مليون ليرة. ثم قامت الشركة بتقسيم المشروع إلى 17 جزءا ومنحتها لخمس شركات، وحصلت على 140.4 مليون ليرة (24 مليون دولار) في المقابل.

6