العاهل المغربي يطلق مشروعا استراتيجيا ضخما لتعزيز الاستعداد للكوارث

استثمار ضخم لتعزيز الاستجابة الفورية والفعالة للكوارث وحماية المتضررين، وتطوير منظومة وطنية متكاملة لإدارة الأزمات، وترسيخ ريادة المغرب إقليميا.
الخميس 2025/05/08
إنشاء منصات لتطوير بنية تحتية وطنية متينة للطوارئ بالمغرب.

الرباط - أطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس، الأربعاء مشروعا بالغ الأهمية والاستراتيجية لإنشاء مستودع لتجهيزات الإغاثة تحسبا للكوارث في ضواحي الرباط، في مبادرة ملكية تجسد أسمى معاني الإنسانية والحرص الملكي على سلامة المواطنين.

ويأتي هذا المشروع الحيوي في صميم برنامج وطني طموح أُعلن عنه مباشرة عقب الزلزال المدمر الذي هز إقليم الحوز في عام 2023، وفق وكالة الأنباء المغربية، ليؤكد بذلك التزام المملكة الراسخ بتعزيز قدراتها في مواجهة الكوارث الطبيعية المحتملة وتوفير الحماية اللازمة للمتضررين.

ويمثل مشروع إنشاء مستودعات تجهيزات الإغاثة خطوة استباقية ذات أبعاد إنسانية واستراتيجية عميقة. فمن خلال الاستثمار الضخم في بنية تحتية وطنية متطورة وتوفير مخزونات استراتيجية شاملة، يهدف المغرب، بتوجيهات سامية من الملك محمد السادس، إلى تعزيز قدرته على الاستجابة الفورية والفعالة للكوارث الطبيعية المحتملة.

ولا يقتصر هذا المشروع على تأمين الاحتياجات الأساسية للمتضررين وحماية أرواحهم وكرامتهم في أوقات الأزمات، بل يمتد ليشمل تطوير منظومة وطنية متكاملة لإدارة الكوارث، والاستفادة من الدروس المستخلصة من التجارب السابقة، والالتزام بأعلى المعايير الدولية في هذا المجال.

وترسخ هذه المبادرة الطموحة مكانة المغرب كدولة رائدة في المنطقة في مجال الاستعداد للطوارئ وحماية مواطنيها.

وقالت الوكالة إن العاهل المغربي أشرف على إطلاق أشغال إنشاء "منصة المخزون والاحتياطات الأولية لجهة (ولاية) الرباط سلا القنيطرة"، في منطقة عامر الواقعة شمال العاصمة".

ويُعد هذا المشروع جزءا من برنامج وطني شامل عُرض على الملك محمد السادس، ويشمل إنشاء 12 مستودعا استراتيجيا تغطي كافة ولايات المملكة، باستثمار إجمالي يناهز 7 مليارات درهم (حوالي 700 مليون دولار)، حسب ما أوردته الوكالة.

وأوضحت الوكالة أن هذا الاستثمار الضخم يهدف إلى تحقيق أهداف استراتيجية وإنسانية متكاملة لتعزيز قدرة المغرب على مواجهة الكوارث وتخفيف آثارها على السكان.

وستستوعب هذه المنصات، التي ستقام على وعاء عقاري إجمالي يقدر بنحو 240 هكتاراً، 36 مستودعا موزعة بعناية فائقة بناء على الكثافة السكانية لكل جهة ونوعية المخاطر المحتملة التي قد تواجهها.

ففي ست جهات ذات كثافة سكانية عالية ومخاطر متزايدة (الدار البيضاء-سطات، الرباط سلا-القنيطرة، مراكش-آسفي، فاس-مكناس، طنجة-تطوان-الحسيمة، سوس-ماسة)، ستتكون المنصات من أربعة مستودعات بمساحة إجمالية تبلغ 20 ألف متر مربع لكل منها.

أما في الست جهات الأخرى (جهة الشرق، بني ملال - خنيفرة، درعة – تافيلالت، كلميم-واد نون، العيون-الساقية الحمراء، الداخلة - واد الذهب)، فستحتوي المنصات على مستودعين بمساحة إجمالية تبلغ 10 آلاف متر مربع لكل منها، مما يضمن تغطية متوازنة وفعالة لكافة أنحاء البلاد.

وأكدت وكالة الأنباء المغربية أن الهدف الأسمى من تخزين المواد والتجهيزات في هذه المنصات هو ضمان استجابة فورية وفعالة لاحتياجات السكان المتضررين في حال وقوع أي كارثة، وتأمين تغطية عاجلة وشاملة لاحتياجاتهم في مجالات الإنقاذ والمساعدة والتكفل، وذلك تجسيداً للرؤية الإنسانية الاستباقية للعاهل المغربي.

وتتجلى الأبعاد الإنسانية والاستراتيجية لهذا المشروع الوطني الطموح في الأهداف التفصيلية التي حددتها وكالة الأنباء المغربية، والتي تهدف إلى توفير استجابة شاملة وفعالة لاحتياجات المتضررين وتعزيز قدرة المملكة على مواجهة الكوارث.

وتشمل توفير المأوى الكريم من خلال إنشاء مخزون استراتيجي يضم 200 ألف خيمة متعددة الخدمات ومستلزماتها الأساسية (أسرّة تخييم، أسرّة، أغطية...) لضمان توفير إيواء سريع ولائق للمتضررين، وحمايتهم من الظروف الجوية القاسية وصون كرامتهم في أصعب الأوقات.

إلى جانب تأمين الغذاء الأساسي من خلال توفير مخابز ومطابخ متنقلة لضمان إعداد وتوزيع الوجبات الطازجة على المتضررين، بالإضافة إلى توفير وجبات جاهزة لتلبية الاحتياجات الغذائية الفورية للأسر المنكوبة، مما يضمن حصول المتضررين على الغذاء الضروري في المراحل الأولى من الكارثة.

ويولي المشروع أهمية قصوى لضمان الحصول على المياه والكهرباء من خلال توفير تجهيزات متطورة لتنقية ومعالجة مياه الشرب، بالإضافة إلى مولدات كهربائية قابلة للنقل لضمان توفير الطاقة في المناطق المتضررة، مما يساهم بشكل كبير في الحفاظ على صحة وسلامة المتضررين واستمرار الحياة في الظروف الطارئة.

علاوة على تعزيز قدرات الإنقاذ والتدخل الفعال عبر إعداد مخزونات متخصصة من التجهيزات اللازمة لمواجهة مختلف أنواع الكوارث، بما في ذلك الفيضانات، والزلازل والانهيارات الأرضية، والمخاطر الكيميائية والصناعية والإشعاعية، مما يضمن قدرة فرق الإنقاذ على التدخل بكفاءة وفعالية لإنقاذ الأرواح وتقليل حجم الخسائر.

ويركز المشروع على توفير الرعاية الصحية العاجلة من خلال إنشاء مستشفيات ميدانية متكاملة (6 في المرحلة الأولى و6 أخرى في المرحلة الثانية)، مجهزة بوحدات للعمليات الطارئة ووحدات للخدمة الطبية بمختلف التخصصات، وتعزيز هذه البنية التحتية الصحية المتنقلة بمراكز طبية متقدمة في المواقع المتضررة لتقديم الفرز والإسعافات الأولية، بالإضافة إلى توفير مخزونات استراتيجية من الأدوية والمستلزمات الطبية لتلبية الاحتياجات الصحية الفورية للمصابين، مما يضمن حصول المتضررين على الرعاية الطبية اللازمة في أسرع وقت.

وأكدت الوكالة أنه سيتم تكليف فرق متخصصة بإدارة عمليات تخزين المواد الغذائية والأدوية وفق معايير صارمة للغاية، بما يضمن الاستجابة الفعالة للمعايير المعمول بها في هذا المجال والحفاظ على جودة وسلامة المخزونات، مما يضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها في الوقت المناسب وبأعلى جودة.

وأشارت إلى أن البرنامج الشامل لإنشاء هذه المنصات سيمكن المملكة من امتلاك مخزونات استراتيجية قادرة على تلبية ما يعادل ثلاثة أضعاف الاحتياجات التي تم التعامل معها عقب زلزال الحوز، بالإضافة إلى المساهمة في تطوير منظومة وطنية لإنتاج التجهيزات والمواد اللازمة لعمليات الإغاثة الفورية في حالات الكوارث، مما يعزز من الاكتفاء الذاتي ويقلل الاعتماد على الخارج.

وأكدت الوكالة أنه تم تصميم هذه المنصات الجهوية، التي تم اختيار مواقعها بعناية فائقة وفقا لمعايير السلامة، بناءً على تحليل معمق لاحتياجات كل جهة من جهات المملكة مع الأخذ في الاعتبار المخاطر المحتملة، وبدعم من دراسات مستفيضة لأفضل الممارسات والمعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال.

وأعلن عن المشروع للمرة الأولى عقب الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة الحوز بضواحي مراكش (وسط) في سبتمبر 2023، وأودى بحياة نحو ثلاثة آلاف شخص مدمرا نحو 60 ألف مبنى.

كما تشهد المملكة من حين لآخر فيضانات تخلف خسائر، كانت آخرها في سبتمبر 2024 بالجنوب الشرقي، أسفرت عن مقتل نحو ثلاثين شخصا.

ويرتقب أن تنتهي الأشغال في المستودع الخاص بولاية الرباط في غضون عام.

ويطمح هذا البرنامج إلى توفير ما يسمح "بالاستجابة لما يعادل ثلاثة أضعاف الحاجيات التي تمت تلبيتها على إثر زلزال الحوز"، وفق ما أضافت الوكالة.

وصنّف مؤشر وورلد ريسك الخاص بالكوارث، المغرب في المرتبة 53 من أصل 193 بلدا العام 2023.