العاهل المغربي يطلق أعمال بناء أول مصنع للقاحات كوفيد

الحكومة تتوقع إنتاج 70 في المئة من احتياجات البلاد و60 في المئة من احتياجات أفريقيا.
السبت 2022/01/29
هذا مخطط المنشأة والتمويلات مرصودة ولم يبق سوى التنفيذ

تسارعت خطوات المغرب لإحداث ثورة في صناعة لقاحات كوفيد بإعطاء العاهل المغربي الملك محمد السادس الضوء الأخضر لتشييد مصنع ضخم هو الأول من نوعه، والذي يتوقع أن يجعل البلد مركزا إقليميا وعالميا في هذا المجال، مع تجسيد طموحات تحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير نحو الأسواق الأفريقية.

بنسليمان (المغرب) - أطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس أعمال بناء مصنع لتصنيع اللقاح المضاد لكوفيد – 19 ولقاحات أخرى، في خطوة الهدف منها تحقيق الاكتفاء الذاتي للبلاد وتعزيز وصول هذه المنتجات إلى قارة أفريقيا.

وتقول السلطات إن الوحدة الصناعية التي سيتم تشييدها في إقليم بنسليمان جهة الدار البيضاء – سطات، تندرج في إطار تنفيذ رؤية الملك محمد السادس التي أعلن عنها الصيف الماضي، والرامية إلى جعل البلد مركزا لصناعة اللقاحات على صعيد أفريقيا والعالم.

ويسعى المغرب إلى تجاوز كافة العوائق التي تعترض صناعة الأدوية، والمتمثلة في الارتهان للاستيراد وضيق السوق المحلية وعدم استغلال كامل القدرات الإنتاجية المتوفرة لهذه الصناعة المدرة للمليارات من الدولارات.

وسيكون مصنع “سينسيو فارماتيك”، والذي يعتبر أكبر منصة من حيث القدرة على التعبئة والتغليف للقاحات بقارة أفريقيا، من بين المنصات الخمس الأولى من نوعها بالعالم، عند الانتهاء من إنجازه.

ويضمن المشروع الذي يعد ثمرة شراكة بين القطاعين العام والخاص، مع ضخ شركة ريسيفارم السويدية أحد الرواد في البيو – تكنولوجيا وصناعة التعبئة والتغليف استثمارات لإقامة المصنع، تحقيق تطلعات المغرب في أن يكون منصة رائدة في هذا المجال الحيوي.

ونسبت وكالة الأنباء المغربية الرسمية إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب قوله إن البلاد “سوف تدخل مع انطلاقة أعمال تشييد المصنع منعطفا جديدا، يتعلق بتحقيق السيادة اللقاحية والصحية”.

وأضاف “هذه الوحدة ستمكن المغرب من تصنيع كميات من اللقاح تعزز الاكتفاء الذاتي من هذه المادة وتصديرها نحو بلدان أفريقيا”.

خالد آيت الطالب: المغرب سيدخل منعطفا جديدا نحو السيادة اللقاحية والصحية

ومن المتوقع أن يكون المصنع الذي تتراوح تكلفته التقديرية بين 4.2 و5.2 مليار درهم (446 و557.5 مليون دولار) قادرا على تأمين الاحتياجات الصحية للقارة الأفريقية على المديين القصير والطويل.

وسيتم ذلك من خلال إدماج البحث الصيدلاني والتطوير السريري، وتصنيع وتسويق المنتوجات البيو – صيدلية ذات الضرورة الكبرى.

وأكد الطالب أن المغرب استخلص الدروس والعبر من الأزمة الصحية على غرار باقي بلدان العالم، ولذلك اتخذ الخطوة لمواجهة ندرة اللقاحات وغياب العدالة في توزيعها.

وبحسب المواصفات الفنية للمشروع، فإنه سيحتوي على ثلاثة خطوط صناعية ستبلغ قدرتها المشتركة للإنتاج 116 مليون وحدة بحلول 2024.

وستخصص الخطوط البالغة تكلفتها نحو 2.1 مليار درهم (223 مليون دولار) لإنتاج محاقن معبأة مسبقا، وأسطوانات للسوائل وأخرى مجففة بالتجميد. ومن المتوقع إطلاق عملية إنتاج عبوات تجريبية في أواخر يوليو المقبل.

واعتبر الخبير في مجال البيولوجيا الصناعية سمير مشور أن المصنع سيتيح للمغرب إنتاج 900 مليون وحدة من اللقاح خلال السنوات الخمس المقبلة، أي ما بين مليارين وثلاثة مليارات جرعة من اللقاح والمنتجات البيوتكنولوجية.

وقال مشور، وهو نائب المدير العام لشركة سامسونغ بيولوجيكس، إن “هذا المشروع سيمكن من تحقيق الاستقلالية في مجال تصنيع اللقاحات، ويمنح البلاد القدرة على إجراء البحوث في مجال اللقاحات وتطويرها”.

وأضاف “المشروع يكتسي بعدا عالميا وسيمكن المغرب من تحقيق سيادة لقاحية وصحية شاملة تجعل منه قوة صناعية في هذا المجال، وذلك تماشيا مع رؤية الملك محمد السادس”.

ويهدف المشروع على المدى المتوسط، أي الفترة بين 2022 و2025، إلى نقل التعبئة المعقمة وتصنيع المواد النشطة لأكثر من 20 لقاحا ومنتوجا للعلاجات الحيوية، من ضمنها ثلاثة لقاحات مضادة لكوفيد – 19، في أقل من ثلاث سنوات بالمغرب.

وتتوقع الحكومة المغربية أن يغطي ذلك الإنتاج أكثر من 70 في المئة من احتياجات المغرب سنويا، وكذلك أكثر من 60 في المئة من احتياجات القارة الأفريقية.

وتطمح السلطات من وراء المشروع على المدى الطويل، أي في الفترة الفاصلة بين عامي 2023 و2030، لإقامة مركز أفريقي للابتكار البيوصيدلاني واللقاحي بالمغرب، معترف به عالميا.

ولن تكتفي بذلك فقط، بل تسعى ضمن هذا المسار إلى نقل منصات بيوتكنولوجية متطورة نحو المغرب، تشمل البحث السريري، وتطوير وإنتاج العلاجات الخلوية والجينية، والخلايا الجذعية وتقنيات التشخيص المخبرية المتطورة.

سمير مشور: المشروع يكتسي بعدا عالميا ويقوي البلد في هذه الصناعة

وستتم إقامة المركز في إطار شراكة بين الفاعلين الدوليين الأساسيين في مجالات البحث وتطوير التكنولوجيات المتقدمة في اللقاحات وكافة المؤسسات المغربية المعنية، لاسيما وزارات التعليم العالي والصحة والداخلية والصناعة والمالية.

ويريد المغرب من خلال هذه الخطط، والتي تتضمن إجراء نقل واسع ومستمر للخبرات، أن يصبح خلال السنوات الخمس المقبلة قاطرة للقارة في مجال البحث والتطوير وإنتاج المنتوجات البيو – صيدلية المتطورة.

ووفق الجمعية المغربية لصناعة الأدوية، يضم قطاع الصناعات الدوائية 46 منشأة تستجيب للمعايير الأوروبية لتصنيع وسلامة الدواء، ويشغل أكثر من 40 ألف شخص بطريقة مباشرة وغير مباشرة، مع نسبة كوادر تبلغ 20 في المئة وهي الأعلى في القطاع الصناعي.

ويحتل المغرب المركز الثاني أفريقيا في صناعة الأدوية والعقاقير الطبية وتصديرها نحو دول القارة، وقد سجل ارتفاعا في المتوسط ناهز 23 في المئة منذ العام 2013، بحسب شركة فارما بورد.

وتمكنت البلاد بفضل تسخير خطوط التعبئة المعقمة المتوفرة محليا ونقل التعبئة في أسطوانات داخل الغرف البيضاء بلقاح سينوفارم، من إنتاج أكثر من ثلاثة ملايين جرعة محليا في الشهر.

وسترتفع قدرة الإنتاج إلى نحو 5 ملايين جرعة انطلاقا من فبراير المقبل، وأكثر من 20 مليون جرعة شهريا بنهاية العام الجاري. ومن المتوقع أن يكون المغرب قادرا على إنتاج ملياري جرعة من لقاح سينوفارم بداية من العام 2025.

وكان المغرب قد أعلن في يوليو الماضي عزمه على إطلاق مشروع لتصنيع لقاح سينوفارم المضادّ لكوفيد – 19، بشراكة مع المجموعة الصينية التي تنتجه.

10