العاهل المغربي: هناك من يستغل قضية الصحراء للحصول على منفذ على الأطلسي

الملك محمد السادس يدعو الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤوليتها وأن توضح الفرق الكبير بين العالم الحقيقي الذي يمثله المغرب في صحرائه وعالم آخر غير واقعي.
الخميس 2024/11/07
العاهل المغربي يقرر إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بالجالية المغربية في الخارج

الرباط – انتقد العاهل المغربي الملك محمد السادس الجزائر من دون أن يسميها، وقال "هناك من يستغل قضية الصحراء للحصول على منفذ إلى المحيط الأطلسي" و"هناك من يستغلها للتغطية على مشاكله الداخلية الكثيرة"، مطالبا الأمم المتحدة بتحمل مسؤوليتها، وأن "توضح الفرق الكبير بين العالم الحقيقي الذي يمثله المغرب في صحرائه وعالم آخر غير واقعي".

جاء ذلك في خطاب وجهه الملك محمد السادس، ليل الأربعاء، إلى الشعب المغربي بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء، وهو الخطاب الذي جرت العادة أن يلقيه ويقدم فيه آخر تطورات ملف الصحراء، والمقاربة السياسية الرسمية للمملكة للملف.

وأكد الملك محمد السادس في الخطاب، أن المغرب "تمكن من ترسيخ واقع ملموس قائم على الحقيقة والشرعية، من خلال تمسك أبناء الصحراء بمغربيتهم وتعلقهم بمقدسات الوطن في إطار روابط البيعة بين سكان الصحراء وملوك المغرب، وكذلك من خلال "النهضة التنموية والأمن والاستقرار الذي تنعم به الصحراء المغربية"، و"الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، والاعتراف الواسع بالحكم الذاتي".

وقال العاهل المغربي إنه "بالموازاة مع هذا الوضع الشرعي والطبيعي، هناك مع الأسف عالم آخر منفصل عن الحقيقة، ما زال يعيش على أوهام الماضي، ويتشبث بأطروحات تجاوزها الزمن".

وأوضح أن "هناك من يطالب بالاستفتاء، رغم تخلي الأمم المتحدة عنه، واستحالة تطبيقه، وفي الوقت نفسه، يرفض السماح بإحصاء المحتجزين بمخيمات تندوف، ويأخذهم رهائن، في ظروف يرثى لها، من الذل والإهانة، والحرمان من أبسط الحقوق. وهناك من يستغل قضية الصحراء، للحصول على منفذ على المحيط الأطلسي". في إشارة إلى الجزائر التي تتشبث بالاستفتاء والبحث عن منفذ للمحيط الأطلسي وتصدير مشاكلها الداخلية.

وتابع العاهل المغربي "لهؤلاء نقول: نحن لا نرفض ذلك، والمغرب كما يعرف الجميع، اقترح مبادرة دولية، لتسهيل ولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي، في إطار الشراكة والتعاون، وتحقيق التقدم المشترك، لكل شعوب المنطقة".

لافتا إلى أن "هناك من يستغل قضية الصحراء، ليغطي على مشاكله الداخلية الكثيرة. وهناك كذلك من يريد الانحراف بالجوانب القانونية، لخدمة أهداف سياسية ضيقة". وقال "لهؤلاء أيضا نقول إن الشراكات والالتزامات القانونية للمغرب، لن تكون أبدا على حساب وحدته الترابية، وسيادته الوطنية".

وفي ديسمبر الماضي، اتفق وزراء دول الساحل الأفريقي، بمدينة مراكش المغربية، على إنشاء فريق عمل وطني في كل دولة، لإعداد واقتراح سبل تفعيل مبادرة دولية للملك محمد السادس، لاستفادة بلدان الساحل من المحيط الأطلسي.

ووجه العاهل المغربي حيزا من خطابه للأمم المتحدة قائلا إنه "حان الوقت لتتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها، وتوضح الفرق الكبير، بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته".

وكان المغرب عبر، في أكتوبر الماضي، عن رفضه فكرة تقسيم الصحراء المغربية مع جبهة بوليساريو، التي أعاد طرحها مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا.

وأشار العاهل المغربي إلى تزايد الاعتراف الدولي "بمغربية الصحراء، والدعم الواسع لمبادرة الحكم الذاتي".

ومطلع الأسبوع الماضي، جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارة للمغرب، تأكيده اعتراف بلاده بـ"السيادة المغربية على الصحراء"، قائلا إن الحكم الذاتي هو "المقترح الأنسب" لحل النزاع بشأنها.

 وقبل ذلك كانت الولايات المتحدة، في ولاية رئيسها المنتخب الثلاثاء، دونالد ترامب، قد اعترفت بـ"سيادة المغرب على الصحراء"، كما تبنت إسبانيا موقفا داعما لخطة الحكم الذاتي التي اقترح المغرب، في 2007، منحها لأقاليم الصحراء كحل للنزاع.

وإلى جانب الاعترافات التي عبّرت عنها دول كبرى بخصوص السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية أكد قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة رقم 27.56 هو الآخر على مبادرة الحكم الذاتي.

وذكر العاهل المغربي بالتضحيات التي قدمها جيل المسيرة، والتي "تحفزنا على المزيد من التعبئة واليقظة، قصد تعزيز المكاسب التي حققناها، في ترسيخ مغربية الصحراء، ومواصلة النهضة التنموية، التي تعرفها أقاليمنا الجنوبية".

وبنفس الروح، شدد الملك محمد السادس على ضرورة العمل من أجل أن تشمل ثمار التقدم والتنمية، كل المواطنين في جميع الجهات، من الريف إلى الصحراء، ومن الشرق إلى المحيط، مرورا بمناطق الجبال والسهول والواحات.

على صعيد آخر، أعلن الملك محمد السادس، عن إحداث تحول جديد، في مجال تدبير شؤون الجالية المغربية بالخارج، بهدف تعزيز ارتباط هذه الفئة بالوطن الأم.

وقال "قررنا إحداث تحول جديد، في مجال تدبير شؤون الجالية المغربية بالخارج، وذلك من خلال إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بها، بما يضمن عدم تداخل الاختصاصات وتشتت الفاعلين، والتجاوب مع حاجياتها الجديدة".

واوضح العاهل المغربي أنه من أجل هذا الغرض "وجهنا الحكومة للعمل على هيكلة هذا الإطار المؤسساتي، على أساس هيأتين رئيسيتين"، مشيرا إلى أن المؤسسة الأولى، هي مجلس الجالية المغربية بالخارج، باعتباره مؤسسة دستورية مستقلة، يجب أن تقوم بدورها كاملا، كإطار للتفكير وتقديم الاقتراحات، وأن تعكس تمثيلية مختلف مكونات الجالية.

ودعا الملك محمد السادس "إلى تسريع إخراج القانون الجديد للمجلس، في أفق تنصيبه في أقرب الآجال".

وقال إن المؤسسة الثانية تتمثل في "المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج"، والتي ستشكل فور إحداثها الذراع التنفيذي، للسياسة العمومية في هذا المجال.

وذكر ملك المغرب أنه سيتم تخويل المؤسسة الجديدة، مهمة تجميع الصلاحيات، المتفرقة حاليا بين العديد من الفاعلين، وتنسيق وإعداد الاستراتيجية الوطنية للمغاربة المقيمين بالخارج وتنفيذها، لافتا إلى أن هذه المؤسسة الجديدة ستقوم، كذلك، بتدبير "الآلية الوطنية لتعبئة كفاءات المغاربة المقيمين بالخارج، التي دعونا لإحداثها، وجعلها في صدارة مهامها".

وأبرز العاهل المغربي أن الهدف هو "فتح المجال أمام الكفاءات والخبرات المغربية بالخارج، ومواكبة أصحاب المبادرات والمشاريع"، مشيرا إلى أن هذه المؤسسة الجديدة مدعوة، من خلال انخراط القطاعات الوزارية المعنية، ومختلف الفاعلين، إلى أن تعطي دفعة قوية، للتأطير اللغوي والثقافي والديني، لأفراد الجالية، على اختلاف أجيالهم.

والسبت، قال مكتب الصرف المغربي (حكومي)، إن التحويلات النقدية للمغتربين ارتفعت 5.2 بالمئة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري.

ووفق تقرير للمكتب، سجلت تحويلات المغتربين خلال أول تسعة أشهر من العام الجاري 91.52 مليار درهم (9.1 مليارات دولار)، مقارنة بـ 86.99 مليار درهم (8.6 مليارات دولار) خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية.

ويصل عدد المغتربين المغاربة إلى 5 ملايين شخص، بحسب إحصاءات وزارة الخارجية المغربية، وتعد تحويلاتهم أهم مصدر للنقد الأجنبي في المملكة.