العاهل الأردني يوجه بإعداد قانون للعفو العام: فهل يشمل المتهمين في قضايا أمن الدولة

عمّان - وجه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الأربعاء، الحكومة بإعداد مشروع قانون للعفو العام والسير بإجراءاته الدستورية، وسط تساؤلات حول ما إذا كان المشروع سيطال المتهمين في قضايا أمن الدولة، والسجناء السياسيين.
وتأتي التوجيهات الملكية بمناسبة اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية وجلوسه على العرش.
وأكد العاهل الأردني على أهمية أن يراعي مشروع القانون المصلحة العامة، وأن يحافظ على الحقوق الشخصية والمدنية، وفق مبادئ العدالة وسيادة القانون، وألا يتعارض مع مقتضيات الأمن الوطني والسلم المجتمعي.
وأعرب عن أمله في أن يسهم مشروع القانون في التخفيف من الأعباء على المواطنين، والعمل على مساعدة من حاد عن طريق الحق وجادة الصواب في تصحيح مساره، والمساهمة في بث روح الإيجابية والتسامح في المجتمع وإشاعة مفهوم العدالة التصالحية.
وشدد على أهمية أن تشكل هذه الخطوة فرصة للتغيير في نفوس ممن سيشملهم العفو العام حال إقراره، من خلال العودة إلى حياتهم الاجتماعية، والانخراط بحيوية في إطار احترام القانون وحقوق المواطنين.
ولاقت توجيهات الملك عبدالله بإقرار قانون العفو العام وهو الرابع في عهده، تفاعلا واسعا، وسط تطلعات كثيرين إلى أن يكون المشروع شاملا لقضايا أمن الدولة.
وقال النائب صالح العرموطي إن القرار يصب في صالح المجتمع الأردني خصوصا بما يمر به من صعوبات في هذه الفترة، مؤكدا أن القرار هو فرحة أردنية شاملة. وأوضح العرموطي في حديث لإذاعة نون المحلية أن قرار العفو العام يشمل الحق العام فقط ولا يمس بالحقوق الشخصية والمدنية، مطالبا الحكومة بالاستعجال بإحالة مشروع القانون إلى مجلس الأمة للنظر فيه بصفة مستعجلة كونه إرادة ملكية، ومن ثم يحيله بدوره إلى اللجنة القانونية بصفة مستعجلة، خصوصا وأن دورة المجلس لم يتبق على عمرها سوى أسبوعين.
وأعرب عن أمله في أن يشمل العفو العام قضايا أمن الدولة، باستثناء قضايا المخدرات، خصوصا أن نائبين اثنين وحراكيين في قضايا أمن الدولة، وهي قضايا لا تمس أمن الدولة الداخلي أو الخارجي، مبينا أن مجلس النواب له الحق في المطالبة بتعديل المشروع المقدم من قبل الحكومة وتوسعيه.
ونوه العرموطي بأن العفو العام لهذا العام لن يكون مطابقا لمشروع العفو العام 2019 بل سيكون أشمل وأوسع، مؤكدا أن لا أحد يعلم حتى اللحظة ماذا سيشمل العفو العام.
ويوجد في سجون الأردن المئات من المتهمين في قضايا أمن الدولة، ومن بينهم العشرات من النشطاء السياسيين، ويرى متابعون أن العفو قد يشمل البعض منهم، لكن من المستبعد أن يضم المتورطين في قضايا كبرى كقضية الفتنة التي تفجرت في العام 2021 وتورط فيها رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد.
من المتوقع الانتهاء من إجراءات مشروع قانون العفو العام وصدوره قبل عيد الفطر
وعقب التوجيهات الملكية سارع مجلس الوزراء إلى الانعقاد لبحث مشروع القانون، وقال رئيس الحكومة بشر الخصاونة خلال الجلسة إن المشروع يراعي المصلحة العامة ويحافظ على الحقوق الشخصية للمواطنين وعلى الحقوق المدنية، ويرسخ مبادئ العدالة ويسير بمقتضاها، ويكرِّس مبدأ سيادة القانون، وبما لا يتعارض مع مقتضيات الأمن الوطني والسِّلم المجتمعي.
ولفت إلى أنّ الأسباب الموجبة لمشروع القانون تراعي الأُطر المرتبطة بهذا التّوجيه الملكي لوضعه موضع التنفيذ، وليمر بمراحله الدستورية خلال الدورة العادية الحالية لمجلس الأمة، مع إعطائه صفة الاستعجال.
وأكد أن المكرمة الملكيّة تعطي من حاد عن درب الصَّواب في لحظة من اللَّحظات الفرصة ليراجع نفسه وحساباته وليسير على النهج القويم المتوخى لذلك. كما أكد أن مشروع القانون يكرّس أيضا مبادئ العدالة التصالحية في الأطر العامة، دون المساس بالحقوق المدنية وحقوق الناس المدنية، وكذلك دون أي مساس بأي قضايا ضريبية أو قضايا تتعلق بقانون المنافسة أو قضايا تتعلق بالجمارك أو أي قضايا مرتبطة بالإيرادات العامة للخزينة بشكل عام بعيدا عن المخالفات البسيطة للغاية أو بالأطر الأساسية، فهذه خارج نطاق هذا التوجيه.
ومن المتوقع الانتهاء من إجراءات مشروع قانون العفو العام وصدوره قبل عيد الفطر. وأكد رئيس لجنة الحريات وحقوق الإنسان النيابية عبدالله أبوزيد أنّ العفو العام سيكون شاملا لجميع القضايا والمخالفات والحقوق المالية المترتبة على المواطنين لصالح الدولة.
وقال أبوزيد لوكالة عمون المحلية إنّ القانون سيستثني بالتأكيد قضايا المخدرات وقضايا السلم المجتمعي والجنايات التي لم يتنازل أصحاب الحق فيها عن حقهم، لأنّ العفو يسامح بالحق العام ولا يسقط حق الغير.
وأكد أنّ القانون يشمل مخالفات السير بنسبة 100 في المئة لأنه حق للدولة وليس للغير، مشيرا إلى أنّ اللجنة ستجتمع مع اللجنة القانونية النيابية قريبا لرفع أبرز الملامح المطلوبة للعفو ومحاولة إنجازه بأسرع وقت ممكن قبل فض اللجنة العادية الأخيرة للمجلس التاسع عشر. وسيكون هذا العفو هو الرابع من نوعه منذ أن تولى الملك عبدالله الحكم في 1999، وصدر العفو الثالث عام 2019.
وشمل العفو الأخير نحو 8 آلاف سجين مدان بجرائم ذم وقدح وتحقير وانتهاك قانوني الإقامة وشؤون الأجانب والعمل، والغرامات المترتبة على مخالفة قوانين ضريبة الدخل والضريبة العامة على المبيعات والجمارك. وعادة لا يشمل العفو جرائم التجسس، والجرائم الواقعة على أمن الدولة، وتشكيل جمعيات بشكل غير مشروع.