العاهل الأردني يؤكد للمرة الأولى لقاءه مسؤولين إسرائيليين

عمان – أكد العاهل الأردني عبدالله الثاني صحة الأنباء، التي راجت حول لقاءين جمعاه برئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ووزير دفاعه بيني غانتس مطلع الشهر الجاري.
جاء ذلك وفق مقتطفات نشرتها شبكة "سي.أن.أن" الإخبارية الأميركية على موقعها الإلكتروني باللغة العربية الأحد، لمقابلة أجرتها مع الملك عبدالله.
وقال الملك عبدالله خلال المقابلة "خرجت من تلك الاجتماعات (لقاءي بينيت وغانتس) وأنا أشعر بالتشجيع الشديد، وأعتقد أننا رأينا في الأسبوعين الماضيين، ليس فقط تفاهما أفضل بين إسرائيل والأردن، ولكن الأصوات القادمة من كل من إسرائيل وفلسطين تشير إلى أننا بحاجة إلى المضي قدما".
ولم تتضمن المقتطفات التي نشرتها "سي.أن.أن" لمقابلة العاهل الأردني تفاصيل أخرى بشأن لقاءيه مع بينيت وغانتس، ولا مواعيدهما، فيما كان موقع "واللا" الإخباري العبري كشف أن بينيت التقى ملك الأردن سرا في قصر في عمان أوائل الشهر الجاري، في أول قمة بين قادة البلدين منذ أكثر من 3 سنوات.
وفي فبراير الماضي، ذكرت تقارير عبرية أن وزير الدفاع الإسرائيلي غانتس التقى سرا مع الملك عبدالله في الأردن.
واعتبر العاهل الأردني في المقابلة مع "سي.أن.أن"، أن الحرب الأخيرة في غزة "جرس إنذار للجميع"، ودلت على الحديث عن قوة إسرائيل وتقدمها الاقتصادي والتكنولوجي "واجهة هشة للغاية".
ولفتت الشبكة الأميركية إلى أن حديث الملك عبدالله جاء في معرض رده على سؤال حول مدى قدرة إسرائيل على إبقاء الوضع على ما هو عليه دون حل للصراع مع الفلسطينيين، في الوقت الذي توقع فيه اتفاقيات سلام مع دول عربية.
وأضاف العاهل الأردني "أعتقد أن هذه الحرب الأخيرة مع غزة كانت مختلفة؛ فهذه هي المرة الأولى منذ عام 1948، التي أشعر فيها بحرب أهلية في إسرائيل (…) أعتقد أن الديناميكيات الداخلية التي رأيناها داخل البلدات والمدن الإسرائيلية كانت بمثابة جرس إنذار لنا جميعا".
وشنت إسرائيل عدوانا على غزة استمر 11 يوما، في الفترة بين 10 و21 مايو الماضي، ما أسفر عن استشهاد وجرح الآلاف من الفلسطينيين، فيما ردت الفصائل الفلسطينية على العدوان بإطلاق الآلاف من الصواريخ تجاه المدن الإسرائيلية.
وجراء الغضب من الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى آنذاك والعدوان على غزة، شهدت مدن إسرائيلية عدة مواجهات بين سكانها العرب واليهود أدت إلى سقوط قتلى وجرحى.
وفي رده على حديث دوري غولد مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، بأن الأردن "بحاجة إلى البدء في التفكير في نفسه على أنه دولة فلسطينية"، وصف الملك عبدالله ذلك بـ"الكلام الفارغ" وأنه "ليس جديدا".
واستدرك "الأردن هو الأردن، لدينا مجتمع مختلط من خلفيات عرقية ودينية مختلفة، لكنه بلدنا. الفلسطينيون لا يريدون التواجد في الأردن. يريدون أراضيهم".
والسبت الماضي، عاد الملك عبدالله الثاني إلى الأردن، بعد زيارة طويلة إلى الولايات المتحدة، بدأها منذ مطلع الشهر الجاري، والتقى خلالها عددا من مسؤولي الإدارة الأميركية، في مقدمتهم الرئيس جو بايدن ونائبه كاميلا هاريس.
واتسمت العلاقات الأردنية – الإسرائيلية بالتذبذب خلال السنوات الأخيرة ويعود ذلك إلى غياب التفاهم بين العاهل الأردني ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، وازداد الوضع سوءا بين الجانبين مع إهمال متعمّد من قبل تل أبيب لعمان خلال توقيع اتفاقات أبراهام وتركيز إسرائيل على علاقاتها العربية الجديدة.
وفي مارس الماضي برزت أزمة بين البلدين بعد محاولة إسرائيل فرض ترتيبات أمنية على زيارة لولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله إلى المسجد الأقصى في القدس الشرقية، لإحياء ذكرى الإسراء والمعراج، وهو ما دفع بالأخير إلى إلغاء زيارته.
وعلى إثر ذلك لم يوافق الأردن في اليوم التالي على منح نتنياهو إذنا لاستخدام المجال الجوي الأردني في رحلة كان يخطط لها إلى الإمارات.
ويرى المراقبون أن التغيرات الإقليمية، لاسيما في علاقة باتفاقات أبراهام، وخشية المملكة من عزلة قد تفرض عليها في حال لم تساير هذه التحولات، كل ذلك ساهم في دفع عمان نحو البحث عن نقطة التقاء مع الجانب الإسرائيلي.
ويقول مراقبون إن اللقاء الذي جمع الملك عبدالله بالمسؤولين الإسرائيليين إشارة إلى تحسن ملموس في العلاقات بين البلدين، بعد التدهور الذي شاب العلاقة أثناء فترة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، وشهد أوضح فصوله خلال التوترات الأخيرة في القدس.
ويرتبط الأردن وإسرائيل باتفاق سلام منذ العام 1994، جرى توقيعه خلال عهد الملك الراحل الحسين بن طلال، ونتج عن هذا الاتفاق بناء علاقات أمنية وثيقة مع الجانب الإسرائيلي، بيد أنه ومنذ صعود اليمين للحكم في تل أبيب طغى التوتر على العلاقة بين الجانبين في معظم الأحيان، جراء التوسع الاستيطاني والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للحرم القدسي الذي هو تحت الوصاية الأردنية.