العامري ينأى بنفسه عن رئاسة الحكومة وتحشيد صدري للجمعة الموحدة

بغداد - أعلن زعيم كتلة "الفتح" هادي العامري، أحد أبرز قيادات "الإطار التنسيقي" المدعوم من طهران، الاثنين، عدم المشاركة في الحكومة المقبلة المزمع تشكيلها، كما نفى تقارير إعلامية تحدثت عن ترشحه للمنصب، وذلك في تحول سياسي جديد تشهده الساحة العراقية.
ويأتي إعلان العامري في وقت يستمر أنصار زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، التحشيد "للجمعة الموحدة" المقرر إقامتها في العاصمة بغداد وسط مخاوف سياسية من توجّه الصدر نحو تحريك الشارع العراقي بالضدّ من خصومه المصرّين على تشكيل الحكومة، وفقاً لمبدأ "الأغلبية السياسية".
ولم يوضح العامري ما إذا كان المقصود بعدم مشاركته سيشمل كافة تحالف "الفتح"، الذي يضم عددا من الأجنحة السياسية لفصائل "الحشد الشعبي"، أم أنه يتحدث عن منظمة "بدر"، التي يتزعمها وتمتلك 4 مقاعد فقط في البرلمان.
وقال العامري، في بيان له نشرته وسائل إعلام محلية، إنه "في وقت يترقب فيه شعبنا الكريم إكمال الاستحقاقات الدستورية تباعا، وتشكيل حكومة الخدمة المنتظرة وإقرار برنامجها الوطني، لاحظنا أن بعض وسائل الإعلام تتناقل أخبارا وتعليقات مختلقة تزعم أن 'الإطار التنسيقي' يشهد تنافسا على رئاسة الوزراء بين العامري وآخرين، وأن هذا التنافس قد يؤدي إلى تفكك 'الإطار'".
وأضاف "وإني إذ أرفض مثل هذا الأداء الإعلامي المشحون بالأكاذيب، وربما يكون مدفوع الثمن، أود التأكيد بأن هذه الأخبار عارية عن الصحة، وأني لست مرشحا لهذا المنصب، وأرفض ترشيحي ممن يرى صواب ذلك من الإخوان". وتابع "المهم لديّ أولا وآخرا حفظ وحدة 'الإطار التنسيقي'، وسوف أقوم بتقديم الدعم والمساندة لأيّ مرشح يتفق عليه الأخوة في 'الإطار'، رغم قرارنا عدم المشاركة في أي حكومة مستقبلية".
وسبق لائتلاف "دولة القانون" أن قرر بالإجماع ترشيح زعيمه، نوري المالكي، لرئاسة الوزراء، حسب تصريحات لأعضاء ونواب عن الائتلاف، في حين تزخر مواقع إخبارية محلّية، ومنصات التواصل الاجتماعي، بأنباء تفيد بترشيح أسماء – من بينها العامري والمالكي وحيدر العبادي ومصطفى الكاظمي ومحمد شياع السوداني وعبدالكريم عبطان وآخرون – لإدارة دفّة الحكم في العراق.
ويأتي قرار العامري بعد يومين فقط من بيان له بمناسبة حلول عيد الأضحى، قال فيه "انفراجا حقيقيا خلال الأيام المقبلة، واستكمال للاستحقاقات المنتظرة".
ويعتبر العامري ثاني أبرز شخصية في تحالف "الإطار التنسيقي" تعلن عدم مشاركتها في الحكومة، بعد عمار الحكيم، زعيم "تيار الحكمة"، الذي أعلن في وقت مبكر من الأزمة السياسية التي تخيم على البلاد منذ نحو 9 أشهر عدم مشاركته بالحكومة المقبلة.
ولوّح رئيس "تحالف النصر" ورئيس الحكومة العراقية السابق حيدر العبادي بعدم المشاركة في أيّ حكومة إقصائية للأطراف السياسية البارزة في العملية السياسية.
ولا تستبعد أوساط سياسية أن يكون رفض العامري المشاركة في الحكومة الجديدة، مرده خلافات داخل "الإطار التنسيقي" الكتلة الكبرى في البرلمان (130 نائباً) والذي يضم أطرافا موالية لإيران، بسبب غياب التوافق داخل الإطار على الحكومة الجديدة، ومخاوف من أن تشكيل حكومة دون التيار الصدري ما يعني أن عمرها سيكون قصيرا.
وتشير هذه الأوساط إلى أن انسحاب العامري من العملية السياسية قد يعود إلى خلافات حول بعض الأسماء المطروحة لتولي رئاسة الحكومة الجديدة، والتي يثار كلام عن تورطها بملفات فساد وتهم ودعاوى قضائية، كما أن انسحاب التيار الصدري من المشهد السياسي ترك "الإطار" في مواجهة شعبية رافضة لبعض قياداته.
وكانت الأزمة السياسية في العراق قد دخلت منعطفاً جديداً، بعد تقديم نواب الكتلة الصدرية (73 نائباً) استقالاتهم من البرلمان في يونيو الماضي، وانسحاب الصدر من العملية السياسية.
وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2006 التي يكون فيها التيار الصدري خارج البرلمان، بعدما ظلّ طوال السنوات الماضية محافظا على نسبة لا تقلّ عن ثلث مقاعد القوى السياسية الشيعية، وسط هواجس من أن يكون "التيار" يُعدّ لمرحلة جديدة من التحركات عبر قواعده الشعبية.
وأصدر صالح محمد العراقي وزير زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تعليمات لصلاة الجمعة الموحدة، من ضمنها لبس الأكفان ورفع العلم العراقي فقط، ومنع حمل السلاح.
وتوعد قائد "سرايا السلام" أبومصطفى الحميداوي، بتنظيم استعراض كبير، وهو تطور لافت تمثل بدخول ”سرايا السلام“ طرفا في الأزمة.
وقال الحميداوي في تغريدة على تويتر "سيرى أعداء الدين والإنسانية، أعداء الأغلبية الوطنية، أعداء من يريد تقديم الخدمات، سيرون منا استعراضا عباديا لا مثيل له منذ تأسيس الجمعة إلى يومنا هذا".
وقوات "سرايا السلام" تتألف من عدة ألوية، وهي الذراع العسكرية للصدر، إضافة إلى لواء "اليوم الموعود"، فضلاً عن "جيش المهدي" الذي جمّد نشاطاته.
وسيُقام التجمع الكبير للتيار في مدينة الصدر الفقيرة شرقي العاصمة بغداد، وهي ذات غالبية الشيعية، إذ ينتمي معظم سكانها للتيار الصدري.
وجاءت الصلاة الموحدة، ضمن توجه للتيار نحو الإعداد الجماهيري، وإطلاق دعوات الجهوزية، وهي محاولة من الصدر لإعادة التموضع السياسي وبث روح الحماس في نفوس أتباعه بعد الخروج التراجيدي للصدريين من البرلمان الذي أتى لصالح خصومهم من قوى "الإطار التنسيقي".
وتسود حالة من الترقب والقلق لدى الشارع العراقي، مع اقتراب يوم الجمعة، بالنظر لانفتاح الأمور على احتمالات كثيرة، أقلّها المظاهرات الاحتجاجية الواسعة التي يمكن أن تطيح بأيّ حكومة، مثلما فعلت مظاهرات أكتوبر2019، وأطاحت بحكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، خاصة وأن قوى "الإطار التنسيقي"، مارست خطوات اعتبرت استفزازية للصدر، مثل ترشيح رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي لرئاسة الحكومة.