العالم يبحث عن قواعد لتنظيم التجارة الإلكترونية

منتدى دافوس كرر طرح مسألة وضع قواعد للعالم الرقمي، فيما طالبت اليابان وألمانيا بالمزيد من الرقابة العالمية على التكنولوجيا.
السبت 2019/01/26
مطاردة عالمية لتهرب التجارة الإلكترونية من الضرائب

حشد قادة العالم خلال المنتدى الاقتصادي في دافوس جهودهم من أجل اعتماد قواعد تنظم التجارة الإلكترونية لمواجهة التهرب الضريبي للمتاجر الرقمية وآثارها المدمرة على الاقتصاد التقليدي، في تحرك هو الأول من نوعه في طريق إعادة هيكلة منظمة التجارة العالمية، التي كانت موضع انتقادات الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

دافوس (سويسرا) - أطلق وزراء 75 بلدا في منظمة التجارة العالمية، بينهم الولايات المتحدة والصين، أمس في المنتدى الدولي الاقتصادي في دافوس السويسرية محادثات لترسيخ قواعد عالمية للتجارة عبر الإنترنت.

ويرى محللون أن المحادثات ستتمحور حول مطاردة شركات التجارة الإلكترونية، مثل أمازون الأميركية، كونها عابرة للحدود وتتهرب من الضرائب وتهدد الأنماط الاقتصادية التقليدية لقليل آثارها المدمرة على الاقتصاد العالمي، وذلك ضمن إطار موحد.

وتأتي الخطوة التي لطالما انتظرتها الأوساط الاقتصادية والسياسية حول العالم، في وقت تتسع فيه مناوشات الحروب التجارية التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوتيرة يصعب التكهن بها.

سيسيليا مالمستروم: منظمة التجارة العالمية تستطيع مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين
سيسيليا مالمستروم: منظمة التجارة العالمية تستطيع مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين

وأعلنت مفوضة التجارة في الاتحاد الأوروبي سيسيليا مالمستروم عن المحادثات، على هامش المنتدى بعد أن دعا قادة الدول خلال الأسبوع إلى صدّ الحمائية التي تتبناها الولايات المتحدة.

وأشادت مالمستروم بهذا التحرك الجماعي في تغريدة على حسابها في موقع تويتر قائلة إنه “صباح تاريخي في دافوس أظهر أن منظمة التجارة العالمية تستطيع مواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين”.

ومن المقرر أن تبدأ المحادثات الرسمية في مارس المقبل، والتي تهدف إلى تسهيل البيع والشراء والقيام بالعمليات التجارية الرقمية وجعلها أكثر أمنا.

وترى مالمستروم أن التجارة الإلكترونية باتت واقعا في مناطق عديدة على مستوى العالم. وقالت إنه “من واجبنا أن نوفر لمواطنينا وشركاتنا بيئة تجاريةً تكون أكثر قابلية للتنبؤ وأكثر أمنا وفعالية”.

وهاجم ترامب سابقا منظمة التجارة العالمية بسبب تجاهلها المصالح التجارية الأميركية لصالح الصين.

وتكرر في منتدى دافوس طرح مسألة وضع قواعد للعالم الرقمي. وقد طالبت اليابان وألمانيا بالمزيد من الرقابة العالمية على التكنولوجيا.

وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إن “علينا التماشي مع الواقع الذي تقود فيه البيانات الإلكترونية كلّ شيء”. في حين أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن المعطيات الإلكترونية “ستصبح المادة الخام للقرن الحادي والعشرين”.

وأضافت أن عدم إدارتها بعناية قد يؤدي إلى ظهور “مجموعات مناهضة للتكنولوجيا مثلما حدث في الماضي” في إشارة إلى المنظمات المناهضة للثورة الصناعية في القرن التاسع عشر.

وشن مدير منظمة التجارة العالمية روبرتو أزفيدو هجوما على الزعماء القوميين الذين يحمّلون الأجانب مسؤولية المشكلات المحلية. وحذر من أن انهيار نظام التجارة العالمية سيدفع الدول إلى عصور الظلام.

واتهم السياسيين باختيارهم “حلولا سهلة” بإدانتهم للتجارة الخارجية وتجاهلهم للمشكلة الحقيقية، في إشارة ضمنية لترامب، الذي فرض رسوما جمركية على المنتجات من الصين والاتحاد الأوروبي.

وقال في كلمة ألقاها في المنتدى إنه “بالنسبة إلى السياسي، فإن الطريقة الأسهل بالنسبة إليه للتواصل مع الناخب هي القول إنه سيوقف الواردات أو إنه سيحمي هذا القطاع أكثر مما فعلت الحكومات السابقة”.

أرانشا غونزاليز: التحرك رسالة مهمة بأن هذه القضية لا يمكن التعامل معها محليا فقط
أرانشا غونزاليز: التحرك رسالة مهمة بأن هذه القضية لا يمكن التعامل معها محليا فقط

وأطلق الملياردير الأميركي جورج سوروس، أحد أبرز الحاضرين في دافوس، رسالةً أكثر عنفاً، مع تحذيره من “الخطر المميت” الذي تواجه المجتمعات مع “وقوع التكنولوجيا في أيدي الأنظمة القمعية”.

وخصّ سوروس بالذكر الصين، وقال إن “على الولايات المتحدة أن تتحرك ضدّ مجموعتي الصناعات التقنية الصينيتين هواوي وزد.تي.إي”.

ويتسم الرئيس الصيني بنزعة قومية أقوى بكثير من ترامب في دفاعه عن اقتصاد بلاده، ويبدو ذلك من تبني استراتيجية “صنع في الصين 2025”، القائمة على تشجيع الابتكار والتكنولوجيا المتطورة، وهي لا تختلف كثيرا في توجهها عن استراتيجية “أميركا أولا” التي يتبناها ترامب.

وتحظى الولايات المتحدة بوضع جيد، فهي لا تزال أكبر قوة اقتصادية، وعندما تضطر للدخول في مفاوضات سواء مع مجموعة العشرين أو مع منظمة التجارة العالمية، تظل دوما الطرف الأقوى.

وفي الوقت نفسه، نصب ترامب، فخا للأوروبيين، فبينما سعى هؤلاء للاصطفاف خلفه للتصدي لممارسات بكين، ومن بينها جرائم الملكية الفكرية، فإنهم يرفضون الحذو حذو واشنطن. وحتى الصين، ثاني قوة اقتصادية عالمية، عندما باتت تواجه خطر استنفاد الخيارات، لم تجد أمامها سبيلا آخر سوى تهديد الولايات المتحدة بحزمة إجراءات عقابية، ملوحة بأنها سوف تدافع باستماتة عن مصالحها المشروعة.

ورأت أرانشا غونزاليز من المركز الدولي للتجارة التابع للأمم المتحدة أن “التجارة الإلكترونية هي حالة جديدة في العولمة تحتاج قواعد جديدة”.

واعتبرت الخبيرة أن تلك الدول توجّه رسالة مهمة بأن هذه القضية لا يمكن التعامل معها على المستوى المحلي فقط.

10