العالم أمام حتمية اعتماد نظام تجاري مفتوح لمكافحة الفقر

روما - شددت منظمة التجارة العالمية على أن الحكومات تواجه تحدي اعتماد نظام مفتوح لعمليات التصدير والاستيراد بما يوفر السلع للمستهلكين وخاصة الملايين من البشر الذين يعانون من الفقرة. وأكدت المديرة العامة للمنظمة نغوزي أوكونغو إيويالا خلال زيارة إلى روما أنها تتوقع أن يزيد الفقر العالمي إذا لم يعمل العالم للحفاظ على نظام تجاري مستقر ومفتوح.

وقالت في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ إنه “يجب أن نبقي نصب أعيننا الحفاظ على نظام تجاري مستقر وحر ومفتوح ويمكن التنبؤ به.” وأضافت “لا يمكنك إطعام العالم بدون التجارة، هذه هي الحقيقة… واحدة من كل أربع سعرات حرارية يتم استهلاكها في العالم تُتداول تجاريا.”

وتتعاظم محنة الملايين من الفقراء الذين يواجهون خيارات أكثر صعوبة جراء تدهور أوضاعهم المعيشية بفعل تراكم الأزمات الاقتصادية العالمية، والتي عمقت التفاوت الاجتماعي بين سكان البلدان، وخاصة محدودة الدخل.

وسيعيش 575 مليون شخص، أي 7 في المئة من سكان العالم، في فقر مدقع بحلول العام 2030 في حال لم يتم تحقيق الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة. كما أن ثلث البلدان فقط سيتمكن من خفض مستوياته إلى النصف بحلول هذا الموعد، وفق ما أوردته وكالة الأنباء المغربية الرسمية.

وهذا التحذير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة، يبرز استفحال هوة الفقر التي تذكيها الأزمات العالمية، بدءا بتداعيات الوباء ووصولا إلى الحروب في عدد من مناطق العالم، مرورا بتبعات التغير المناخي وانعدام الأمن الغذائي التي تلقي بثقلها على العديد من البلدان.

وفي أكتوبر الماضي نبه البنك الدولي إلى أن القضاء على الفقر الذي يطال قرابة نصف سكان العالم، أي أولئك الذين يعيشون على أقل من 6.85 دولار في اليوم للفرد، قد يستغرق أكثر من قرن في حال استمر العمل بالوتيرة البطيئة ذاتها التي يمر بها العالم اليوم. وحسب إحصائيات المؤسسة المالية الدولية، يعيش ما يناهز 700 مليون شخص، أي 8.5 في المئة من سكان العالم في فقر مدقع، وهو بأقل من 2.15 دولار في اليوم للفرد.

وكان مؤشر الفقر متعدد الأبعاد العالمي 2023 الذي يغطي سنة 2022، أظهر وجود 1.1 مليار فقير من بين 6.1 مليار نسمة في 110 دول، وفق مقياس يعتمده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مبادرة أكسفورد للفقر والتنمية المباشرة، وهو مركز أبحاث.

وتواجه وزيرة المالية النيجيرية السابقة، التي أعيد تعيينها مؤخرا على رأس منظمة التجارة العالمية، معركة شاقة في الدفاع عن التجارة الحرة بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا في الولايات المتحدة. وقالت إيويالا، وهي أول امرأة تتولى رئاسة المنظمة التي تتخذ مقرا في جنيف، “أعلم أن الناس يفكرون بتشاؤم، وأننا سنشهد حروبا تجارية وما إلى ذلك، ولكن هناك فرصا في ظل التحديات التي تواجه التجارة.”

وتتعارض مهمة المنظمة المتمثلة في تعزيز خفض الحواجز التجارية مع تهديدات ترامب بفرض تعريفات جمركية عالمية وتبنيه للحمائية، حيث تعد الولايات المتحدة أكبر مساهم في ميزانيتها، وتليها الصين مباشرة، وفقا لأحدث تقرير سنوي.

ولذلك ترى إيويالا أن منظمة التجارة العالمية بحاجة إلى المضي في الإصلاحات ودفع الدول إلى إبقاء الحوار مفتوحا. وقالت “المخرج هو أننا بحاجة إلى التحدث مع بعضنا وبحاجة إلى التعددية والتعاون لأنه لا يمكن لأي دولة أن تحل المشكلات العالمية بمفردها.” وعلى صعيد النقاط المضيئة، أشارت إلى النمو في تجارة الخدمات الذي قالت إنه يتزايد بمعدل 8 إلى 9 في المئة سنويا، ونمو التجارة الخضراء.

وذكرت أن المستقبل يكمن في الخدمات وتجارة الخدمات المقدمة رقميا والتي تبلغ قيمتها الآن 4.25 تريليون دولار، وأن الأمر الآخر هو التجارة الخضراء، وهي فرصة أخرى تبلغ قيمتها الآن حوالي تريليوني دولار، ولها آفاق للنمو. وقالت “علينا أن نمنح الأمل دون الهروب من حقيقة أن الحاضر يزخر بالتحديات.” ويأتي ذلك مقارنة مع إجمالي تجارة عالمية تبلغ نحو 30.4 تريليون دولار، وفقا لأحدث بيانات منظمة التجارة العالمية.