العالم أمام جائحة أخطر باقتران داء الفطر الأسود بوباء كورونا

الفطر العفني يؤثر على الجيوب الأنفية والمخ والرئتين ويمكن أن يودي بالحياة.
الخميس 2021/06/03
لغز محيَر

فيما تواجه العديد من الدول موجة ثانية ضارية من فايروس كورونا، صار عليها حاليًا أن تتصدى لداء الفطر الأسود، وهو عدوى فطرية لا تظهر في الأحوال العادية سوى في حالات نادرة، لكنه بدأ ينتشر بمعدل مقلق، لاسيما بين من تعافوا من كوفيد – 19 ودخلوا مرحلة النقاهة.

لندن - أبدت دول عديدة قلقًا متزايدًا من أن يشكل داء الفطر الأسود المميت تحديا آخر يضاعف الأعباء على أنظمتها الصحية الهشة ويفاقم مخاطر الموجة الثانية لوباء كورونا، خصوصا بعد رصد الهند انتشارا متسارعا للمرض ضمن المصابين والمتعافين من فايروس كورونا.

كما سجل العراق الاثنين أول وفاة بمرض الفطر الأسود الذي ظهر في البلاد وفق ما أفاد المتحدّث باسم وزارة الصحة العراقية سيف البدر لوكالة الأنباء الفرنسية.

وأوضح مصدر طبي أن الرجل الذي توفي يبلغ من العمر 51 عاماً ويقطن بمحافظة الناصرية في جنوب البلاد. وحتى الآن “سُجلت أربع إصابات أخرى بهذا الداء ويخضع المصابون للعلاج في إحدى مستشفيات” محافظة الناصرية، وفق المصدر.

كذلك فإن المرضى الأربعة جميعهم رجال وأصيبوا أيضاً بفايروس كورونا، على ما أوضح المصدر.

وحتى الآن لا تزال أعداد الإصابات بكوفيد – 19 في العراق مرتفعة لكن مستقرة بين 3 آلاف إلى 4 آلاف حالة في اليوم على الأقل، بينما لا يزال حظر تجول جزئي سارياً في البلاد.

ما هو داء الفطر الأسود

يحدث داء الفطر الأسود الذي يطلق عليه أيضا “الفطر العفني” أو “فطر الغشاء المخاطي”، بسبب عفن موجود في التربة والمواد العضوية المتحللة مثل الأوراق المتعفنة، وفقًا للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

وبدأ هذا الداء – وهو غير معدٍ – بالانتشار خصوصاً بين من تعافوا من كوفيد – 19 لاسيما في الهند في شهر مايو الماضي وتسبب بوفاة المئات منهم. وهو داء مميت يودي بحياة 54 في المئة ممّن يصابون به وفقًا للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، وكذلك يؤدي إلى احتمال تشوه المرضى الناجين منه.

ويؤثر الفطر العفني على الجيوب الأنفية والمخ والرئتين، ويمكن أن يهدد حياة المصابين بالسكري أو المصابين بنقص المناعة الشديد، مثل مرضى السرطان أو المصابين بفايروس نقص المناعة المكتسبة “الإيدز”.

54 في المئة من المصابين بالفطر العفني يكونون أكثر عرضة للوفاة، فيما يعاني الناجون من التشوه

ويصاب الناس بداء الفطريات الذي توجد منه عدة أنواع عن طريق استنشاق الخلايا الفطرية (الأبواغ) التي يمكن أن تنتشر في المستشفيات والمنازل عن طريق أجهزة ترطيب الهواء أو قوارير الأكسجين التي تحتوي على مياه قذرة.

ويشدد خبراء الصحة على أهمية اكتشاف العدوى مبكرًا لأنها عدوانية، بهدف كشط الأنسجة الميتة وإزالتها. وقد يضطر الجراحون أحيانًا إلى إزالة أنوف المرضى أو عيونهم أو حتى فكوكهم لمنع الفطر من الوصول إلى الدماغ.

وبمجرد الإصابة يكون المريض معرضًا للموت في غضون أيام. ولكن المرض ليس معديًا. وتتعامل الهند عادةً مع بضع عشرات من الحالات سنويًا.

وبشكل عام تصدّ دفاعات الجسم الفطريات التي تؤثر فقط على من يعانون من ضعف شديد في جهاز المناعة، مثل المرضى الذين أجريت لهم عملية زرع أو مرضى السرطان.

عاصفة السيتوكين

يمكن أن تؤدي الإصابة بفايروس كورونا وأمراض أخرى غيره إلى التسبب في ظاهرة خطيرة تسمى “عاصفة السيتوكين” وتحدث بسبب إفراط جهاز الجسم المناعي في رد فعله لمحاربة الفايروس عبر إفراز كمية كبيرة من السيتوكين، الأمر الذي يتسبب في تلف الأعضاء.

لذلك كان الأطباء يصفون المنشطات “ستيرويد” لتقليل الاستجابة المناعية ووقف بعض الأضرار التي يمكن أن تحدث عندما يفرط جهاز المناعة في ردة فعله في مقاومة فايروس كورونا، لكن تلك المنشطات تقلل أيضا من المناعة وترفع مستويات السكر في الدم، مما يؤدي إلى نمو الفطريات التي تتغذى عليه.

 داء الفطر الأسود الذي يطلق عليه أيضا "الفطر العفني" يحدث بسبب عفن موجود في التربة والمواد العضوية المتحللة

وعزا البروفيسور ك. سريناث ريدي من مؤسسة الصحة العامة الهندية الانتشار السريع لعدوى الفطر الأسود في الهند إلى الإفراط في استخدام الستيرويدات لعلاج مرضى فايروس كورونا.

وقال “لقد استُخدمت دون ضوابط، بكميات كبيرة وغير مناسبة”، مضيفًا أن المياه الملوثة في قوارير الأكسجين أو في مُرطِّبات الهواء توفر أيضًا فرصة للفطر لدخول إلى الجسم.

وقال أطباء في الهند إن معظم مرضاهم يصلون متأخرين عندما يفقدون الرؤية بالفعل حيث يتعين على الأطباء إزالة العين جراحيا لمنع العدوى من الوصول إلى المخ.

وسجلت الهند ما يقرب من 10 آلاف إصابة بالفطر الأسود، بينها أكثر من 200 وفاة، فيما حذرت السلطات الصحية في البلاد من أن المرض الفطري النادر مرتبط بجائحة فايروس كورونا.

الأدوية المعالجة

Thumbnail

قال أطباء إن الأمفوتريسين بي أو “أمفو – بي” هو حقنة وريدية مضادة للفطريات تعطى يوميا لمدة تصل إلى ثمانية أسابيع للمرضى الذين شُخصت حالة إصابتهم بالفطر الأسود. ويوجد نوعان من الأدوية المتاحة هما “أمفوتيريسين بي ديوكسيكولات” و”ليبوسومال أمفوتيريسين”.

وأشارت أموليا نيدي الناشطة في المجال الصحي إلى أن الحكومة الهندية قد فشلت في وقت سابق في الاستعداد وتخزين إمدادات كافية من أدوية فايروس كورونا مثل ريمديسفير والبلازما. ومع الفطر الأسود كررت الخطأ نفسه.

وقالت “كان يجب على الحكومة أن تتصرف عندما أبلغت بأولى حالات الفطر الأسود (…) لا يفترض أن يتوسل الناس من أجل الحصول على أدوية أساسية تنفذ حياة مرضاهم”.

17