العاصفة المؤجلة بين قطر وإسرائيل بدأت

بنيامين نتنياهو يسعى لتوحيد الإسرائيليين حول "العدو القطري".
الجمعة 2024/01/26
وسيط قطري غير موثوق به

القدس – أطلقت تصريحات أدلى بها مسؤولون إسرائيليون، حول دعم الدوحة لحركة حماس ومسؤوليتها عن هجوم السابع من أكتوبر الماضي، العاصفة المؤجلة بين قطر وإسرائيل بسبب الحرب في غزة، في تطور سيتيح لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يوحد الإسرائيليين حول “العدو القطري”، ويخفف عنه الضغوط الداخلية المتزايدة بسبب أزمة الرهائن.

والتقط وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ما تحدث به نتنياهو وأكد أن قطر ترعى الإرهاب في حين ردت الخارجية القطرية بالقول إن تصريحات نتنياهو غير مسؤولة.

ويشير التصعيد ضد قطر إلى أن إسرائيل تأكدت أنه لا يمكن الثقة في الوساطة القطرية بسبب دعم الدوحة لحماس، كما يؤكد توقعات لمحللين بعد هجوم السابع من أكتوبر بأن الصدام بين الدوحة وتل أبيب قادم قريبا.

ورغم هذا التصعيد، فإن رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (موساد) دافيد بارنياع موجود في قطر ويجري لقاءات مختلفة في سياق مسار للتهدئة يفضي إلى إطلاق سراح الرهائن.

إسرائيل تضغط على واشنطن بورقة اتفاق قاعدة العديد لأجل دفعها إلى الضغط على قطر لتسريع صفقة الرهائن

وكان نتنياهو قد قال متحدثا عن قطر خلال اجتماع في وقت سابق من هذا الأسبوع مع عائلات رهائن إسرائيليين “ليس لدي أي أوهام بشأنهم… لديهم الوسائل للضغط (على حماس)، لماذا؟ لأنهم يمولونها”.

ولام نتنياهو الولايات المتحدة التي تتابع عن كثب تفاصيل الوساطة، ويبدو أنها فشلت في إيجاد صيغة لإطلاق سراح الرهائن. وأضاف أن دور الوساطة القطرية يُعدّ “إشكاليّا”، معبرا عن خيبة أمله تجاه واشنطن لعدم ممارسة المزيد من الضغوط على الدوحة التي تستضيف قادة حماس.

وأشار إلى أن الأميركيين أثاروا حنقه في الآونة الأخيرة “لتجديدهم اتفاق تمديد الوجود العسكري الأميركي في قاعدة العديد بقطر لمدة عشر سنوات أخرى”، واعتبر أنه كان بالإمكان الاستفادة من هذه الصفقة للضغط على قطر.

ومن الواضح أن نتنياهو مستاء من “الحياد” الذي يبديه الأميركيون في بعض الأحيان بشأن تفاصيل الحرب مثل انتقاد الاستهداف الواسع للمدنيين، والمطالبة بسقف زمني واضح للحرب، والدفاع عن فكرة “حل الدولتين” التي يعارضها رئيس الوزراء الإسرائيلي كليّا.

ولأجل ذلك سيضغط نتنياهو على إدارة الرئيس جو بايدن بموضوع الاتفاق على تمديد الوجود العسكري الأميركي في قاعدة العديد إلى عشر سنوات أخرى، في خطوة تبدو في نظر إسرائيل كأنها إشادة بقطر وتثمين لدورها الإقليمي بما في ذلك دعمها لحماس، وأن واشنطن لم تراع موقف الإسرائيليين الذين فقدوا المئات من المدنيين والعسكريين منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي.

ويعرف رئيس الوزراء الإسرائيلي أن بايدن سيكون في وضع حرج إذا واجه حملة إسرائيلية وهو يستعد لحملة انتخابية لتجديد انتخابه في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر القادم. ومكمن الإحراج الرئيسي هو أن إسرائيل يمكن أن تكون عاملا محددا في الانتخابات وتدعم خصمه الذي يرجح أن يكون دونالد ترامب، وهو الأكثر قربا من الإسرائيليين.

حح

ويتخوف القطريون بدورهم من إمكانية أن تطلق عليهم إسرائيل، التي لديها تأثير كبير في الداخل الأميركي، اللوبيات المؤيدة لها في واشنطن، ما يهدد مصالحهم الاقتصادية والمالية.

وكان منتدى الشرق الأوسط الذي يُحسب على اللوبي اليهودي الأميركي قد وجه رسائل إلى 12 شركة وصندوق تحوط، يحثها فيها على قطع علاقاتها الاستثمارية مع جهاز قطر للاستثمار.

وأطلق المنتدى حملة رقمية على موقعه الإلكتروني يحث من خلالها “شركات الاستثمار الأميركية والشركات الخاصة على قطع علاقاتها الاستثمارية مع قطر ردا على دعمها مذبحةَ حماس في إسرائيل”.

وأبدت إسرائيل منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي غضبا من استضافة قطر حركةَ حماس وأرسلت إشارات في أكثر من مرة بشأن مسعاها للانتقام بتصفية قادة الحركة الذين يتواجدون بشكل رئيسي في الدوحة.

ويعرف القطريون أن اللوبيات المناوئة لهم قوية، وسبق أن ظهر تأثيرها خاصة في فترة ترامب، وأن عودتها إلى الواجهة ستكون أمرا سهلا خاصة إذا ارتبط الأمر بـمعاداة إسرائيل وتمويل حماس المصنفة في الولايات المتحدة حركةً إرهابية، وأن اعتماد إدارة بايدن عليها في ملف أفغانستان لن يشفع لها أمام اللوبي الداعم لإسرائيل، وهو الأكثر نفوذا وتأثيرا.

بتسلئيل سموتريتش: قطر مسؤولة عن الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر
بتسلئيل سموتريتش: قطر مسؤولة عن الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر

وبعد هجوم السابع من أكتوبر تحدثت صحيفة نيويورك تايمز في مقال افتتاحي لتوماس فريدمان عن أموال قطرية تجاوزت المليار دولار، وصلت إلى غزة على مدى سنوات لتتحول إلى أسلحة ورواتب لمقاتلين ممن شاركوا في الهجوم بدلا من أن تسهم في تسهيل حياة أهل القطاع.

وأرسلت مجموعة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، تضم 113 مشرعا أميركيا، في 16 أكتوبر الماضي رسالة إلى بايدن تطلب منه الضغط على الدول التي تدعم حماس، بما فيها قطر.

ويتحدث الرئيس الأميركي جو بايدن بانتظام مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني منذ السابع من أكتوبر بشأن تأمين إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس وتعزيز المساعدات لغزة.

واتهم وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الخميس قطر بأنها “مسؤولة” عن الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر.

وكتب الوزير الذي يترأس حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف عبر منصة إكس أن “قطر دولة تدعم الإرهاب وتموله”، مضيفا أن الإمارة “عرابة حماس ومسؤولة إلى حد بعيد عن المجازر التي ارتكبتها حماس بحق مواطنين إسرائيليين”. وتابع “ثمة أمر واضح: قطر لن تشارك بأي شكل من الأشكال في ما سيجري في غزة بعد الحرب”.

وأعرب المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري عن “استنكار شديد” لتصريحات نتنياهو واعتبر أنها “غير مسؤولة ومعرقلة للجهود المبذولة لإنقاذ أرواح الأبرياء”، مضيفا أنه إذا تبينت صحتها “فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعرقل ويقوض جهود الوساطة، لأسباب سياسية ضيقة بدلا من إعطاء الأولوية لإنقاذ الأرواح”.

واستنكرت حماس على لسان المستشار الإعلامي لرئيس مكتبها السياسي طاهر النونو “استهداف قادة الاحتلال لدولة قطر الشقيقة لمواقفها العروبية والإنسانية تجاه ما يجري في قطاع غزة من عدوان ومجازر”. وأضاف “إن التصريحات الأخيرة… تعكس حقيقة موقف الاحتلال الذي يعرقل التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى”.

 

اقرأ أيضا:

     • التعاون الإقليمي وحده قادر على حل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني

     • إسرائيل تدرس عدم تمديد اتفاقية المياه مع الأردن

     • الأهداف والإستراتيجية وخطط ما بعد الحرب تطارد نتنياهو في حرب غزة

     • سنستمر في طرق جدران العقل

1