الطلب على الغاز في دائرة الضوء مع تراجع الأسعار

تتجه أنظار صناعة الغاز إلى هيوستن عاصمة الطاقة الأميركية التي تحتضن مؤتمرا ستكون فيه النقاشات بشأن الطلب المتنامي على هذا المورد تحت دائرة الضوء، لما يتطلبه القطاع من تسريع في تنفيذ المشاريع الجديدة، رغم تراجع الأسعار في الفترة الأخيرة.
هيوستن (الولايات المتحدة) - يجتمع كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال الطاقة والوزراء في هيوستن هذا الأسبوع لحضور مؤتمر “غازتيك” السنوي، مع التركيز على الأسواق الأميركية، حيث تساعد صادرات الغاز المزدهرة في فطام أوروبا عن الغاز الروسي ومع ابتعاد آسيا عن الفحم.
وتجاوزت الولايات المتحدة، التي كانت ذات يوم مستوردا للغاز المسال، قطر كأكبر مصدر في العالم، حيث تسمح التكنولوجيا الجديدة لمنتجي الصخر الزيتي في أميركا باستغلال احتياطيات ضخمة.
ولدى كلا البلدين مشاريع توسعة كبيرة للغاز الطبيعي المسال جارية، مما يلعب أهمية أكبر في الأسواق العالمية من أوروبا إلى آسيا.
لكن أستراليا المنتج الرئيسي الآخر، تبدو توقعات منتجيها متفائلة، فقد رجح توقع كيفن غالاغر رئيس شركة سانتوس الشهر الماضي استمرار قوة الطلب على الغاز رغم جهود الحكومات والشركات للوصول إلى صافي صفر انبعاثات مع حلول منتصف هذا القرن.
ويواجه غالاغر ضغوطا لتلبية إستراتيجيته الطموحة لزيادة الإنتاج بأكثر من 50 في المئة مع حلول نهاية العقد الحالي لترسيخ مكانة أكبر شركة أسترالية منتجة للوقود الأحفوري باعتبارها شركة إمدادات طاقة دولية رئيسية.
وكشفت الشركة مؤخرا أنها انتهت بنسبة 80 في المئة تقريبا من مشروعها الكبير للغاز المسال “باروسا”، وهو في طريقه لدخول مرحلة الإنتاج للمرة الأولى السنة المقبلة.
ويأتي المؤتمر إلى الولايات المتحدة لأول مرة منذ 2019، حيث أصبحت البلاد أكبر منتج للغاز في العالم، فقد نما إنتاجها بنسبة 4 في المئة العام الماضي إلى 125 مليار قدم مكعب يوميا. وقفزت صادرات الغاز المبرد بنسبة 12 في المئة إلى 11.9 مليار قدم مكعب يوميا.
ويتوقع المنظمون استضافة نحو 50 ألف مشارك من 125 دولة، مع جلسات تتناول كل شيء من أسواق الغاز وإزالة الكربون إلى الذكاء الاصطناعي وأمن الطاقة.
ودفعت الإمدادات المتزايدة أسعار الغاز في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها في عدة عقود هذا العام، مما أعاق المنتجين، ولكنه أفاد المستهلكين والشركات التي تستخدم كميات قياسية من الغاز.
وقال ماثيو بالمر، المدير التنفيذي لشركة أس آند غلوبال كوموديتي إنسايتس لرويترز إنه “بحلول 2026، من المتوقع أن تكون صادرات الغاز في الولايات المتحدة ضعف مستويات 2024، مع متوسط متطلبات 19.7 مليار قدم مكعب يوميا في غضون عامين”.
ورغم التقلبات ترجّح التقديرات ارتفاع الطلب العالمي على الغاز بنسبة 34 في المئة إلى 5.36 تريليون متر مكعب بحلول عام 2050، مقارنة بنحو 4.015 تريليون متر مكعب في عام 2022.
وقال جيم سيمبسون الرئيس التنفيذي لشركة أبحاث الطاقة إيست ديلي للتحليلات “ستكون أسعار الغاز أعلى بشكل ملحوظ في عام 2025″، حيث تعمل مشاريع تصدير الغاز الطبيعي المسال الجديدة على تعزيز الطلب.
34
في المئة نسبة الزيادة في الاستهلاك بحلول 2050 ليبلغ 5.36 تريليون متر مكعب سنويا
وفي الولايات المتحدة، سيدعم نمو القدرة التصديرية الجديدة التزام أوروبا بالتخلي عن الغاز الروسي بعد غزوها لأوكرانيا، في حين يقدم للمشترين الآسيويين خيارًا أكثر خضرة لتوليد الطاقة.
وستكون شركة فينتور غلوبال، التي سيتحدث رئيسها التنفيذي مايك سابيل إلى الحاضرين عن دور الغاز في مزيج إمدادات الطاقة في أوروبا، من بين تلك الشركات.
وستبلغ القدرة التصديرية لمنشأة بلكيمينس أل.أن.جي التابعة للشركة في لويزيانا ما يصل إلى 20 مليون طن سنويًا، ومن المتوقع أن تبدأ عملياتها هذا العام.
وصدرت الولايات المتحدة حوالي 7.48 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال في أغسطس، ذهب حوالي 43 في المئة منها إلى آسيا، وفقا لبيانات مجموعة بورصات لندن (أل.أس.إي.جي).
وتراهن شركات الغاز الصخري الأميركية على محطات الغاز الجديدة لتعزيز سوقها وأسعارها بعدما أجبرت العائدات الضعيفة بعضها على خفض الإنتاج هذا العام.
وقال مات مارشال رئيس شركة إيجيس هيدغينغ إن “الأشهر التسعة المقبلة لديها فرصة أكبر لزيادة العرض عن الحد المطلوب لأن مشاريع الغاز الطبيعي المسال لن تدخل حيز التنفيذ حتى أواخر العام المقبل”.
من المرجح أن تتحسن الأسعار مع دخول المشاريع الجديدة حيز التشغيل واستيعابها المزيد من الغاز الصخري
ويرى بالمر أن المنتجين الأميركيين يحتاجون عمومًا إلى أسعار غاز هنري هاب الطبيعية أعلى من 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لتوليد التدفق النقدي للمزيد من الحفر.
وتبلغ أسعار الغاز حاليًا حوالي 2.33 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، ولم يتم تداولها فوق 3 دولارات إلا بضع مرات هذا العام.
ومن المتوقع أن يبلغ متوسط أسعار غاز هنري هاب 2.19 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية هذا العام، وفقًا لتقرير شهري أصدرته إدارة معلومات الطاقة الأميركية هذا الأسبوع، وخفضت تقديراتها بمقدار 11 سنتا عن التوقعات السابقة.
ويقوق مارشال إن القصة العامة هنا هي أن منتج الغاز الطبيعي لا ينبغي أن يتوقع أن يتحول هذا السوق إلى صعودي بشكل كبير مع حلول العام الجديد. وسيستغرق الأمر بعض الوقت وهذا السوق عرضة لانخفاض الأسعار حقًا حتى الصيف المقبل.
وكان المنتجون الأميركيون الرئيسيون، بما في ذلك شركة تشيسابيك وإي.كيو.تي، يستعدون لتقليص الإنتاج وتأجيل استكمال الآبار في النصف الثاني من عام 2024 في أغسطس، بعد أن انخفضت الأسعار بنحو 40 في المئة خلال الشهرين السابقين.
ومع دخول المشاريع الجديدة حيز التشغيل واستيعابها المزيد من الغاز الصخري، فمن المرجح أن تتحسن الأسعار. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يبلغ متوسط سعر هنري هوب 3.14 دولار في العام المقبل.
وقال مارشال “نتوقع أنه مع زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال، سيعود السوق إلى التوازن، مما سينقل هنري هوب إلى نطاق 3 و4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو ما سيدعم زيادة الإنتاج”.