الطريق إلى قمة المناخ في غلاسكو مرصوف بعدم اليقين

الهوة تتسع بين ما يقول العلم إنه ضروري لتجنب كارثة وما تقوم به الحكومات.
الثلاثاء 2021/10/05
الكلام لا يُشفي كوكبنا

كلما التقى قادة العالم لحسم أمر الاحتباس الحراري والالتزام بخفض درجة الحرارة وفق اتفاق باريس خرجوا بقرارات ووعود تبقى في الأغلب الأعم معلّقة، لكن يبدو أن الأمر سيكون ملحا في قمة غلاسكو القادمة لإنقاذ العالم أو الحكم على البشرية بمستقبل جهنمي.

باريس - قبل أقل من شهر على انعقاد مؤتمر المناخ (كوب26) يتعرض قادة العالم لضغوط غير مسبوقة وعوائق تقف في طريق تخليص اقتصادهم من الكربون ورسم مسار للبشرية بعيد عن الاحترار المناخي الكارثي.

لكن في خضم جائحة ما زالت مستعرة في أجزاء من العالم ومع بلدان متضررة من كوارث ناجمة عن تغير المناخ وتطلب المساعدة والمال من المرجح أن تكون المفاوضات في غلاسكو محفوفة بالمخاطر.

ارتفاع حرارة العالم بـ1.5 درجة مئوية قد يحصل قرابة العام 2030، أي قبل عشر سنوات مما كان متوقعا

وتأتي قمة المناخ التي أرجئت عاما بسبب تفشي كورونا فيما تتسّع الهوّة الآن أكثر من أي وقت مضى بين ما يقول العلم إنه ضروري لتجنب كارثة وما تقوم به الحكومات.

حدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، متوجها إلى نحو 50 وزيرا الخميس في بداية اجتماع تمهيدي لمؤتمر الأطراف حول المناخ في ميلانو، الخيار المتاح أمام المفوضين الذين سيحضرون القمة في غلاسكو بقوله “يمكننا إنقاذ العالم أو الحكم على البشرية بمستقبل جهنمي”.

وتقول بريطانيا التي تستضيف المؤتمر إن “الهدف الرئيسي للقمة هو الحفاظ على الهدف المنصوص عليه في اتفاق باريس للمناخ المبرم عام 2015 والمتمثل في حصر ارتفاع درجة الحرارة بـ1.5ـ درجة مئوية”.

وفي مطلع أغسطس أطلق العلماء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تنبيها جديدا في تقرير رسمي مفاده أن ارتفاع حرارة العالم بـ1.5 درجة مئوية قد يحصل قرابة العام 2030، أي قبل عشر سنوات مما كان متوقعا، وهو أمر يهدد العالم بكوارث جديدة “غير مسبوقة”.

وبحلول العام 2050 ستكون حرارة الأرض أعلى بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بفترة ما قبل الثورة الصناعية، بغض النظر عن الجهود المبذولة للتقليل من انبعاثات الكربون التي تؤدي إلى ارتفاع حرارة الكوكب.

ومع ارتفاع درجة الحرارة بما يزيد قليلا عن درجة مئوية حتى الآن، شهدت السنتان اللتان مرّتا على القمة المناخية الأخيرة للأمم المتحدة حرائق غابات قياسية في أستراليا والولايات المتحدة، وموجات حر غير مسبوقة في أميركا الشمالية وسيبيريا وفيضانات ضخمة في جنوب شرق آسيا وأفريقيا وشمال أوروبا.

ويتطلب اتفاق باريس للمناخ أن تجدد الدول خططها لخفض الانبعاثات المحلية، التي تعرف بالمساهمات الوطنية المحددة، كل خمس سنوات.

وبدلا من حصر ارتفاع الحرارة بـ1.5 درجة مئوية كما حدده هدف الأمم المتحدة، تقول الأخيرة إن التقارير التي قدمتها الدول خلال العام الماضي تظهر أن درجة حرارة الأرض قد ترتفع بـ2.7 درجة مئوية هذا القرن.

ولخّص رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون آماله التي يعقدها على قمة غلاسكو كالآتي: “فحم وسيارات ونقود وأشجار”، أي اتفاقات للتخلص التدريجي العالمي من الفحم الحجري ومحركات الاحتراق الداخلي وجمع تمويل للدول الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ وزرع الأشجار على نطاق واسع.

لكن جدول أعمال المندوبين في مؤتمر كوب26 لن يكون بهذا الاختصار؛ فبعد ست سنوات من إبرام اتفاق باريس سوف لن تنته البلدان من “كتابة القواعد” للاتفاق الذي يحدد طريقة تحقيق الأهداف وقياس التقدم المحرز.

وتشمل الخلافات المستمرة منذ فترة طويلة تلك المتعلقة بطريقة إدارة أسواق الكربون والإطار الزمني المشترك لـ”جرد المخزون” المؤقت من أجل معرفة إجراءات كل دولة.

في غضون ذلك تطالب الدول الفقيرة البلدان الأغنى بالوفاء خلال كوب26 بوعد مضى عليه عقد يتمثل في تقديم 100 مليار دولار سنويا لمساعدتها على التخلص من الكربون من شبكاتها الكهربائية والتكيف مع تغير المناخ.

وقالت تسنيم إيسوب، رئيسة “كليمايت أكشن نتوورك” التي تمثل نحو 1500 مجموعة بيئية، إن “مؤتمر غلاسكو يعقد بعد سنوات مروعة لسكان الدول المعرضة للخطر”.

وأضافت “يعقد مؤتمر الأطراف هذا، على عكس مؤتمرات الأطراف الأخرى، في وقت تشعر فيه البلدان النامية (…) بكل هذه الأعباء والمعاناة، وفي هذا السياق رأينا دولا غنية لم تكن مستعدة للتضامن مع الدول الفقيرة لتوفير لقاحات فايروس كورونا”.

لا بد من إنقاذ العالم من مستقبل جهنمي
لا بد من إنقاذ العالم من مستقبل جهنمي

وأشارت إلى أن هناك “نقصا كبيرا في الثقة” بين الدول التي تكافح تغير المناخ والدول التي تسببت انبعاثاتها الكربونية في ذلك.

ومن المرجح أن تلقي مسألة عدم المساواة في توزيع اللقاحات بظلالها على قمة غلاسغو إذ لا يستطيع الكثير من ممثلي الدول الفقيرة تحمل كلفة رحلة تشمل حجرا صحيا فندقيا مكلفا.

وقال سونام وانغي رئيس كتلة “ليست دوفلوبد كاونريز” التفاوضية هذا الأسبوع في تغريدة إنه مازال “قلقا بشأن تمكن مشاركة مندوبينا في كوب26”.

وسعى رئيس كوب26 ألوك شارما هذا الأسبوع إلى طمأنة المتخوفين بالقول إنه كان هناك “تسجيل جيد للغاية” في عدد المشاركين وإن أكثر من 100 من قادة العالم أكدوا حضورهم.

ويقول مراقبون إن إعلان الولايات المتحدة مضاعفة المساعدات الخارجية المخصصة للمناخ وقول الصين إنها ستوقف العمليات الجديدة لإنتاج الفحم في الخارج يبعثان بمؤشرات إيجابية.

لكن بالنسبة إلى ألدن ماير، المشارك السابق في محادثات مناخية في الأمم المتحدة، “الجميع ينتظرون ما ستفعله الصين” في ما يتعلق بخفض الانبعاثات.

وأعلن الرئيس شي جينبينغ العام الماضي هدف بلاده المتمثل في تحييد أثر الكربون بحلول العام 2060 وأن تصل الانبعاثات المحلية إلى ذروتها “بحلول العام 2030”.

وما زال يتعين على هذا البلد المسؤول عن أكثر من ربع الانبعاثات الناجمة عن النشاطات البشرية تقديم مساهمات وطنية محددة ومعدلة، ومن المتوقع حدوث ذلك قبل قمة غلاسكو.

وقد تكون قمة مجموعة العشرين في روما قبل أيام على انعقاد مؤتمر كوب26 -والتي قال خلالها رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي إنه سيدفع الأعضاء إلى الالتزام بهدف 1.5 درجة مئوية- مؤثرة أيضا.

وقال ماير “السيناريو الأفضل هو أن تضيف مجموعة العشرين بعض الزخم إلى غلاسكو”.

وأضاف “السيناريو الأقل تفاؤلا سيكون الجمود والوصول إلى طريق مسدود في روما، ثم الانتقال من هناك إلى قمة غلاسكو دون وحدة فعلية”.

20